رئيس التحرير أحمد متولي
 المغتربة مش رخيصة.. هكذا تُغيّر الفتاة نظرة المجتمع السيئة

المغتربة مش رخيصة.. هكذا تُغيّر الفتاة نظرة المجتمع السيئة

تترك الفتاة محافظتها وتعيش وحدها في مدينة أخرى غالبا ما تكون القاهرة للدراسة أو العمل، لكن المجتمع لا يتفهم طموحها، ويتهمها بالانحلال الأخلاقي.

كل عام تضطر كثير من الفتيات لترك محافظاتهن البعيدة، سعيًا وراء طموح علمي أو مهني أو حتى مادي، لتجد نفسها محاطة بالعديد من الاتهامات. فهي في نظر أهلها ساذجة لا تستطيع التصرف في مجتمع منفتح كالقاهرة.. وفي نظر المجتمع، فتاة «سهلة» لا رقيبَ على تصرفاتها.

وما بين مضايقات ومعاكسات ومحاولات للاستغلال، تحدث «شبابيك» مع بعض الفتيات المغتربات، ليحكين بأنفسهن كيف ينظر المجتمع لهن؟ وهل هناك حل لحمايتهن من مجتمع يضع الفتاة المغتربة موضع شبهة دائمة؟

موقف الأهل

الطالبات المغتربات2

يعلم الأهل أن المجتمع غير مُنصف في نظرته للفتاة المغتربة، فيبالغون في الحذر والخوف على بناتهم.

تقول أبرار مسعود، طالبة الدراسات العليا بإعلام الأزهر: «علاقتي بأهلي قائمة على الثقة.. لكنهم كانوا خايفين جدًا، خاصة أني كنت هنزل في سكن طالبات».

«أهلي اتطمنوا لما عرفوا أني ساكنة مع بنات كويسة، وبدأت أتأقلم على القاهرة وأتحمل المسئولية».

لكن الأهل ورغم ثقتهم في الفتاة، قد يهتمون لـ«كلام الناس»، حرصًا على مظهرها في مجتمع منغلق.

تقول «أ.ع» التي التحقت بإعلام القاهرة، وترفض ذكر اسمها: «أهلي كانوا منقسمين.. أخويا الكبير كان خائف من نظرة المجتمع، أما والدي ووالدتي كان خائفين من عدم الأمان في الغربة، رغم أني سكنت في المدينة الجامعية».

الزواج قبل العشرين.. هكذا تتزوج الفتاة وتظل آنسة

الفريسة

المغتربات 3

ينظر المجتمع للفتاة المغتربة نظرة متشككة، ويرى أنها تمتلك مساحة أكبر للخطأ، لأنها بعيدة عن أهلها.

تقول إسراء طنطاوي، صحفية مغتربة في القاهرة: «المجتمع بيتعامل مع الفتاة المغتربة على أنها فريسة.. هتلاقي اللي بيحاول يوهمك بالحب، واللي شايف أنك عادي تخرجي مع أي حد في أي وقت.. بعضهم بيوصل بيه خياله أننا عايشين في شيء أشبه بشقة دعارة».

تقول «آ.ع»: «لو ولد بيعاكس وبيعرف أنك مغتربه فده بيديه جرأة أكتر. وبيقولوا لنفسهم يا عم دي سايبه بيت أهلها وعايشة لوحدها فعادي يعني».

وتحكي أبرار مسعود: «في البداية لما حد من المحلات الموجودة في المنطقة كان بيتكلم معايا ويسألني عن دراستي وبلدي.. كنت بتكلم وأحكي بحسن نية..  واحد كنت بعمل عنده نضارة شمس والوصل عليه رقمي استغل الموضوع، وبدأ بكلمني ويقول أنه معجب».

الفتاة المتحررة

مغتربة

قد يرى البعض أن الحرية الزائدة ستضر بالفتاة، فهل تضع قيودًا لنفسها حتى لا تتعرض للمضايقات؟

تقول إسراء طنطاوي: «الضوابط بتكون في حدود التعامل وأني مستخدمش الحرية عشان أعمل الغلط.. لكن لو واحدة مش محجبة مثلًا مش هنقولها اتحجبي عشان الناس متتكلمش.. المهم هي بتتعامل إزاي وتربيتها إيه»؟

وتعلق «أ.ع»: «عدم المضايقات شيء مستحيل حدوثه.. البنت تعمل اللي يحقق لها ذاتها وتترك الناس وراء ظهرها». والأهم أن تلتزم ببعض الضوابط وهي:

  • لا تعطي فرصة لأي شخص للتطفل عليها أو التدخل في حياتها.
  • تحيط نفسها بأصدقاء جيدين تحسن انتقائهم ليكونوا سندًا لها وقت الشدة.
  • تضع أهدافًا أمام عينها وتسعى لتحقيقها فهي مغتربة من أجل ذلك.
  • أن تلقي الناس خلف ظهرها طالما تثق في تصرفاتها.

المدخنات في مصر.. هذه دوافعهن للتمرد على المجتمع

نماذج إيجابية

Mother and daughter holding hands in cafe

توضح «أبرار» أن المنطقة التي تسكن فيها معروفة بسكن الطالبات، لذلك يتفهم أصحاب السكن موقفهن ولا يسببوا أي مضايقات لهن.

وتضيف: «البنت اللي بتشتغل بتواجه مشاكل أكتر من الطالبة.. وصعب حد يوافق يسكنها، لأن المجتمع لسه مش متقبل فكرة أنك تتغربي عشان الشغل»

وتقول «أ.ع»: «صاحب السكن رجل ممتاز يعاملنا كبناته حقًا، بيقدر طموحنا ويشجعنا عليه، ودايمًا بيعرض المساعدة علينا في كل شيء نحتاجه».

أصل الحكاية

طالبات مغتربات

يقول رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة الفيوم، الدكتور عبد الحميد زيد،: «البنت المغتربة مش مكتوب على وشها أنها مغتربة» ولا أحد يعلم باغترابها إلا في محيط سكنها أو جامعتها، لذلك فجزء كبير من مشكلتها يرجع لنظرة المجتمع للمرأة».

ويضيف زيد: «المجتمع يعتقد أن الفتاة تحتاج لرقيب حتى تلتزم بالقيم الأخلاقية. بالإضافة لاعتقادهم بأنها لن تستطيع تحمل المشكلات أو المسئولية أو المواقف المحرجة أو حتى الابتزاز الجنسي». ولذلك يعتقد البعض أن الفتاة البعيدة عن أهلها ستكون لديها مساحة أكبر لتكوين علاقات مع الجنس الآخر.

لكن هذا يتوقف على المستوى الثقافي والفكري الذي تتعامل معه الفتاة.. وهنا يوضح «زيد» أن هناك بعض الفئات التي تتفهم ظروف الفتاة وطموحها.. أما الفئات الأقل ثقافة ووعيًا ستكون لديهم نظرة محدودة للمرأة.

إزاي تكتشفي زميلك المتحرش وتتعاملي معاه

كيف تحمين نفسك؟

STOP right there woman with hand up

يقول الدكتور عبد الحميد زيد أن الضوابط التي تضعها لنفسها ستحميها من الكثير من التجاوزات. وإذا تعاملت الفتاة بحسن نية في البداية؛ فيمكنها تدارك الأمر ووضع حدود في التعامل.

وينصح «عبد الحميد» الفتاة المغتربة بوضع ضوابط في التعامل وفي مواعيد الدخول والخروج من المنزل وكذلك في الملابس.. فمن الصعب جدًا أن يتجاوز أي شخص بشكل قوي مع فتاة تلتزم بهذه القيود.

ويحذر من أن تضع الفتاة نفسها في موضع الشبهات فتتجاوز بشكل لافت في الملابس والتعامل بدعوى الحرية؛ لأن المجتمع فيه الجيد والسيء.

كيف تحمي نفسك من المضايقات كفتاه مغتربة

هل الحل بيد الدولة؟

يؤكد الدكتور عبد الحميد زيد أن نظرة المجتمع للفتيات المغتربات، مسئولية الدولة التي يجب أن تضع قوانين تمنع التعرض للفتاة عمومًا سواء أكانت مغتربة أم لا. بالإضافة للدور التنويري الذي يجب أن يمارسه الإعلام والسينما الذي يروج للمرأة على أنها سلعة، وفقط.

لو ناوية تسافري لوحدك.. تأمني نفسك إزاي؟

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال