رئيس التحرير أحمد متولي
 «الملاذ».. واحة الفن والثقافة والهروب من زحام الحياة بالإسكندرية

«الملاذ».. واحة الفن والثقافة والهروب من زحام الحياة بالإسكندرية

كتبت: مي مصطفى

«الملاذ مش مكان يتوصف.. الملاذ حالة تتعاش» هذا الشعار يرفعه القائمون على مكتبة ومركز «الملاذ» الثقافي بالإسكندرية، والذي أصبح قبلة راحة للعديد من شباب خلال شهرين فقط، وهي فترة زمنية قليلة جدا إذا قورنت بحجم الانتشار الذي حققه المكان، بعد ما وجد فيه رواده كل ما يبحثون عنه من هدوء وفن وتنمية مواهب.

مركز متكامل

الملاذ 0

للوهلة الأولى عند دخولك «الملاذ» الواقع بأول شارع المنصورة بمنطقة جليم شرق الإسكندرية، تعتقد أنك في مكتبة، وربما كافيه بعد ملاحظتك قيام المتواجدين فيه بطلب مشروبات أثناء القراءة، ولكن بقليل من التفحص للمكان تكتشف أنه مركز ثقافي متكامل يتم فيه تنظيم ورش الرسم والعزف والغناء والتمثيل، بخلاف اللقاءات الأدبية والندوات الشعرية.

جزء من «الملاذ» مخصص ليكون قاعة اجتماعات مؤجرة لمن يحتاج أن ينظم اجتماعا، ولا تندهش عندما تجد أن كل ذلك يحدث وأنت تستمع إلى موسيقى كلاسيكية أو إحدى أغنيات أم كلثوم أو فيروز ليكتمل الطابع الشرقي الذي يسعى المكان لترسيخه في وجدان كل من يدخله.

كيف بدأ؟

الملاذ أمسية شعرية

بدأ «الملاذ» برغبة أبانوب أسامة، (طالب بالفرقة الأخيرة بكلية طب بيطري) والذي احترف الرسم الواقعي (ريليستك)، منذ 6 سنوات واعتاد على تقديم ورش فيه للمبتدئين بأماكن مختلفة حتى قرر أن يكون له مكانه الخاص لتقديم تلك الورش، ومن هنا تطورت الفكرة: لماذا يكون مجرد مكان لتعليم الرسم طالما أمكن تعليم أي موهبة أخرى؟، ولماذا لا يتم دعم الفكرة بمكتبة مفتوحة للرواد تكون مؤهلة لاستضافة الندوات الشعرية والمناقشات الأدبية بشكل عام؟

يقول «أبانوب» عن «الملاذ» وسبب تسميته بهذا الاسم: «أهم شيء فكرت فيه قبل تأسيس المكان هو اسمه، والصورة التي تصورتها عنه كانت هي سبب اختيار الاسم، لأنه بالنسبة لي مكان خارج نطاق الأسرة والدراسة والعمل نجتمع فيه لنمارس كل ما نحبه من رسم وعزف وقراءة، ليكون بمثابة مكان نهرب فيه من زحام الحياة اليومية ومن هنا جاء اسم الملاذ».

ميزة المكان

الملاذ 11

ويوضح أن «ميزة المكان أنه استطاع بالفعل تجميع شباب من مختلف الاهتمامات في مكان واحد، من ورش تعليم رسم أو عزف أو مسرح بخلاف الأمسيات الشعرية التي قرر الملاذ أن يخصص لها موعدا أسبوعيا لاستقبال شعراء الإسكندرية خاصة الباحثين عن فرصة حقيقة لتقديم مواهبهم للجمهور، علما أن آخر أمسية شعرية نظم

الملاذ 5

ها الملاذ حرص القائمون عليها على فصل الإضاءة والاكتفاء بضوء الشموع لمساعدة الحضور على معايشة الأجواء».

أما عن كيفة البدء في تنظيم كل تلك النشاطات في وقت واحد، رغم أن المكان عمره لم يتعدَ الشهرين، قال «أبانوب»: «صداقتي بعدد من فناني الإسكندرية والشباب الموهوب شجعني على تقسيم المكان من بين المكتبة وورش للرسم والعزف والمسرح في وقت واحد، فرغم أن تخصصي هو الرسم الواقعي، إلا أنني استعنت بخبراء آخرين في كل مجال من الدورات التي يقدمها الملاذ وهذا ساعدنا على تقديم كل تلك الخدمات في نفس الوقت».

ويضيف «وجدنا رد فعل قوي وإقبال ملحوظ من قبل الشباب على الفعاليات والورش منذ بدايتها وبمرور الوقت تعددت الأفكار وأصبحنا كل فترة نعلن عن دورة جديدة في نوع جديد من الفنون، وأتوقع أن تزيد هذه الفعاليات بزيادة إقبال الجمهور، خاصة أننا نفتح أبوابنا يوميا من السادسة صباحا حتى منتصف الليل».

رواد الملاذ

الملاذ 9

وعن سبب ارتباط الشباب بالمكان في هذا الوقت القصير، قالت إحدى رواد «الملاذ»: «أنا حبيت المكان وجيته أكتر من مرة لأن الروح اللي فيه عجبتني، حتى شكل المكتبة وطريقة القعدات والمزيكا اللي بيختاروها راقية، ده غير إن عمري ما شوفت مكان بيقدر يجمع كل الأنشطة دي في وقت واحد. هنا الناس بتيجي تقرا وتذاكر وتقابل بعض وتشتري كتب، وتحضر ورش موسيقى أو رسم وتتفرج على عروض مسرحية وكمان تنظم اجتماعات، مستحيل الواحد يدخل الملاذ ومايلاقيش فيه اللي بيدور عليه».

وقد أثبت القائمون على المكان أن مشروعهم الغرض منه تنمية المواهب وإشباع طاقات مرتاديه وليس هدفا تجاريا، بدليل أن المكتبة مفتوحة لكل شخص طوال اليوم ليقرأ كتب منها أو يأتي بكتابه من الخارج أو حتى للاستذكار مقابل دفع 10 جنيه لكل فرد (شاملة المشروب)، فيما تتراوح سعر ورش العزف ما بين 200:250 جنيه مع استعداد لتقديم ورش لتعليم الكمان قريبا بـ100 جنيه فقط لتشجيع الشباب على التعلم.

الريلستك

ريلستك 1

أما ورش رسم «الريلستك» فتقدر بـ300 جنيه لمدة شهر، ولو كانت ورشة رسم بورتريه شاملة الكتاب لمدة شهرين تصل إلى 600 جنيه، علما بأن أغلب حضور تلك الورشة مبتدئين من الصفر في عالم الرسم ولكن رسوماتهم التي احتفظ بيها الملاذ وعلق بعضا منها تثبت التطور السريع الذي وصلوا إليه.

يقول مؤسس «الملاذ» إنه تلقى عروضا الفترة الأخيرة من شركات لاستغلال المكان لتقديم منتجاتها وتحويله لمكان دعاية خاصة بها ولكنه رفض المبدأ حتى يظل المكان مستقلا بذاته ومحافظا على رونقه الذي بدأ عليه، حتى لو كان هذا يعني خسرانه لعرض مادي مغري.

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر