رئيس التحرير أحمد متولي
 رئيس جامعة القاهرة - جابر نصار

رئيس جامعة القاهرة - جابر نصار


جابر نصار.. وصناعة الوهم في غزوة «خانة الديانة»

دوشة وضجيج إعلامي وإقحام للنخب واستدعاء تيارات سياسية للاشتباك لتزداد الفجوة ويعمّق الانقسام المجتمعي -العميق أصلا-.. البداية كانت ليلة الثلاثاء 11 أكتوبر، مع خبر مقتضب نشرته وسائل الإعلام عن إلغاء خانة الديانة في أوراق ومستندات جامعة القاهرة.

الخبر منقول عن بيان رسمي، صَوّر أو صُوّر للآخرين، أمر الديانة على أنه خطر عظيم حان وقت التخلص منه لتتحرر جامعة القاهرة من آخر أزماتها في زمن ازدهارها.

قسم الجامعة بموقع شبابيك بحث في الأوراق الرسمية والمستندات التي تصدر عن جامعة القاهرة ليجدها خالية بالفعل من خانة الديانة، اللهم حالة وحيدة –شاذة- وقعت مع الباحث مينا نادر حين قدم أوراقه لمعهد الدراسات الأفريقة، ففوجئ بسؤال عن الديانة وأي الطوائف ينتمي!

مينا صعد الأمر لنائب رئيس الجامعة وعليه صدر القرار -سبب الضجة- بالصيغة التالية:

«إلغاء تطلب خانة الديانة كمتطلب في كافة الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدرها أو تتعامل بها الجامعة مع طلابها أو العاملين بها أو أعضاء هيئة التدريس أو الهيئة المعاونة أو الغير على أي وجه كان وفي جميع الكليات والمعاهد والمراكز سواء المرحلة الجامعية الأولى أو الدراسات العليا».

لا أعلم هل صياغة البيان بلغة التعميم أمر مقصود ليحدث ما حدث من ضجيج، أم لا.

نار القرار انتشرت في الفضائيات والصحف لنسمع جعجة ولا نرى طحينا.. جعجعة تتحدث عن الانتقال من عصور الظلام إلى عصر النور، جعجة في الجانب الآخر تتحدث عن ضياع الدين والهوية الإسلامية.

الأمر في حقيقته فرقعة لا معنى ولا أساس لها.

لو كلفت كتائب الإعداد في برامج التوك شو خاطرها في البحث عن جدوى القرار.. لوجدته منعدم القيمة  والأثر من الأساس.. مفيش خانة ديانة في أوراق الجامعة من الأساس!

سؤال واحد من مقدم برنامج توك شو -يملك فريق إعداد يببحث فيقدر حجم القضية-، ربما كان سيغلق النقاش الوهمي حول القرار.

 يا دكتور جابر: هل هناك خانة للديانة في الأوراق الرسمية لجامعة القاهرة من الأساس؟

الإجابة باختصار: لا.. انتهت القضية، أُغلق باب صناعة الوهم والبطولة.

استطاع جابر نصار بجدارة أن يخلق من الحالة الصغيرة قضية رأي عام تتلقفها الفضائيات، ويتحول الجميع للحديث عن قرار -وهمي- بإلغاء الديانة.
هنــا نموذج يكشف تضخيم القضية في أحد برامج التوك شو الرئيسية بفضائية النهار.

يشتبك في القضية أيضا رأس الدعوة السلفية ياسر برهامي، بالدعاء على جابر نصار –بأن ينتقم الله منه- من خلال موقع صوت السلف.

نصار يصرح لجريدة البوابة باختصام برهامي أمام النائب العام، وهكذا دواليك.. دوامة وراء دوامة.

المتابع لرئيس جامعة القاهرة منذ عامين يخلص إلى أنه يصنع قضايا وأزمات لا علاقة لها بالعملية التعليمية ولا بجامعة القاهرة.. وما أزمات  سحور أبو هشيمة، وطرد المنتقبات من الجامعة عنا ببعيدة!  

كما أن المتابع للوضع العام في مصر يجد أن عشرات القضايا التي تثار وتأخذ حيزا من العقل الجمعي المصري هي بالأساس فرقعات أو بالونات منفوخة من هواء.

نعود لجامعة القاهرة، ماذا عن جودة التعليم والبحث العلمي يادكتور جابر؟

نترككم مع هذه الاحصائيات وتقدروا أنتم ما وصلنا إليه:

* وفقا لمؤشر webometrics تأتي جامعة القاهرة في الترتيب 693 عالميا، تسبقها الإسكندرية لتحصد الرقم 579.


* مؤشرQS  المعروف بـ(التصنيف الانجليزي) وضع جامعة القاهرة في الترتيب 551 خلال العام 2016 لتتراجع 50 مركزا عن تصنيف 2015.


* حصلت جامعة القاهرة على المركز 515 عالميا والرابعة عربيا بعد 3 جامعات سعودية، هي على الترتيب: جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وفق موقع U.S. News الأمريكي.

أخيرا.. حين يتفرغ رئيس جامعة القاهرة لتطوير جودة التعليم والبحث العلمي يستحق التصفيق وإعلان انتصاره في معركة تبدو للجميع أنها جادة.. لكن حين يغفل أو يتغافل جوهر مهمته ويخوض فيما لا يفيد ولا يضر فقل عليه وعلى من يسلك منهجه السلام.

المقال المنشور يعبر عن رأي كاتبه، وليس لشبابيك أي مسؤولية فيما يتضمنه من محتوى

محمد علي

محمد علي

رئيس تحرير التنفيذي لمنصة شبابيك، محرر الشئون القضائية السابق بدوت مصر، الفائز بمنحة شبكة الصحفيين الدوليين