رئيس التحرير أحمد متولي
 الزواج بإذن الحكومة.. هكذا استطاعت ماليزيا مواجهة انتشار الطلاق

الزواج بإذن الحكومة.. هكذا استطاعت ماليزيا مواجهة انتشار الطلاق

إذا كنت مواطنا ماليزيا فلن يكون مسموحا لك بالزواج لمجرد أنك تمتلك المال اللازم أو تحب شخصا وتبني معه علاقة عاطفية قوية، أو حتى تحظى بموافقة العائلتين.. لن تستطيع الزواج إلا بموافقة الحكومة أولا.

الحصول على رخصة للزواج. هذا ما تحتاجه تحديدا؛ شهادة من الحكومة الماليزية تثبت فيها أنك مؤهل لبناء علاقة زوجية ناجحة من الناحية النفسية والعقلية والجنسية أيضا.. هذا ما فعلته ماليزيا للحد من مشكلة الطلاق.

أصل الحكاية

«ذات يوم عندما كنت في المحكمة رأيت حوالي 20 حالة من الشباب صغار السن يطلبون الطلاق».. هذا ما تحكيه المحامية الماليزية «هاليما أبو أحمد».

ففي هذا اليوم من عام 2012 كانت نسبة الطلاق قد ارتفعت في ماليزيا إلى 26%.

كانت أصابع الاتهام تشير إلى سببين ظاهرين وفقا لصحيفة «R. AGE» الماليزية المستقلة؛ الأول هو قوانين المسلمين الخاصة بالطلاق؛ فرغم أن ماليزيا ذات أغلبية مسلمة، إلا أن القوانين الخاصة بالأحكام الشرعية تطبق على المسلمين فقط؛ الذين بلغت نسبة الطلاق بينهم 34%.

والسبب الثاني هو المكانة التي أصبحت المرأة الماليزية تحظى بها في المجتمع بعد أن شكلت أكثر من 52% من القوى العاملة حتى عام 2013؛ مع القوانين التي أعطتها الحق في طلب الطلاق للتخلص من زواج غير عادل.

ووفقا لموقع «ماليزيا ميل» فقد اعترفت إحدى السيدات أنها تطلقت من زوجها بعد 12 عاما من المشاكل ولو لم تكن مستقلة ماديا لما طلبت الطلاق.

هذا بالإضافة إلى المشاكل المادية والخيانة الزوجية وتدخل الأهل.

لكن القاضي الماليزي «تان سيري جيمس» يقول: لقد رأيت نسبة معقولة من حالات الطلاق تقع بعد تسجيل عقد الزواج مباشرة وقبل حتى أن يتناول الزوجان العشاء الخاص بحفل الزفاف ويذهبان لمنزل الزوجية.

كان هذا يعني أن أسباب الطلاق تعود لمشكلة في مفهوم الزواج نفسه أو قدرة الزوجان على التعامل مع أبسط المشكلات فضلا عن عقدها.


تأهيل الشباب للزواج

وكان على الدولة أن تضع حدا لهذه الظاهرة التي لم تؤدي فقط إلى التفكك الأسري، لكن ارتبطت بانخفاض معدل الإنتاج بسبب سوء الحالة النفسية للمواطنين. ومن هنا وضعت الدولة ما يسمى برخصة الزواج.

فكل مواطن ماليزي يريد الزواج سيأخذ إجازة من عمله لحضور دورة مدتها من شهر لشهرين، ثم يحصل على شهادة تفيد بأنه مؤهل للزواج وبناء أسرة من الناحية النفسية والصحية.

تلعب هذه الدورة على المستوى النفسي والعقلي والتثقيفي والصحي؛ بتصحيح مفاهيم الزواج، وتدريب الشباب على فنون التواصل مع شريك الحياة، وحل الخلافات، وغفران أخطاء الشريك الآخر، بالإضافة للثقافة الجنسية.

عشاء رومانسي
 


لا وجود للمحاضرات أو جلسات النقاش الجماعية؛ فخلال الدورة يتم تخصيص جلسات لكل شريكين يتناولان فيها وجبة غذاء في أجواء رومانسية؛ لأخذ فرصة للنقاش والتعرف على بعضهما بصورة أعمق والوصول لنقاط تفاهم واتفاق، وبناء رابطة قوية بينهما؛ كل هذا تحت إشراف الاستشاري النفسي المختص.

هدف آخر تحققه هذه الجلسات، فهي تعد تدريبا للطرفين على أهمية إيجاد الوقت للنقاش وخلق مساحة مشتركة بينهما؛ في وقت كان أكبر سبب للطلاق هو تصاعد الخلافات بين الزوجين بسبب الإهمال وعدم إيجاد الوقت الكافي للآخر أو عدم وجود مهارات للتواصل بينهما؛ بسبب ظروف العمل ورعاية الأطفال والواجبات المنزلية.

الخلطة السحرية للزواج الناجح

لا يوجد ما يسمى بالوصفة السحرية للزواج الناجح.. هذا ما يعترف به «ونج هوي تونج» المنسق الإقليمي لـ«ألفا ماليزيا» إحدى مؤسسات التنمية الأسرية القائمة على هذا المشروع.. «فنحن لا نقدم أكثر من الخطوط العريضة. كل ما يفعله المستشاريون النفسيون للعلاقات الزوجية والعاطفية؛ هو تدريب الشريكين على مهارات التواصل مع شريك الحياة؛ وكيفية فهم احتياجات الطرف الآخر وإشباعها وجعل شريكهم يشعر بأنه محبوب».

فحالات الطلاق تقع في الغالب عندما يصل الطرفان لطريق مسدود، لأنهما يفتقران للمهارات اللازمة التي تساعدهما على حل الخلافات والنقاش بطريقة ناضجة والقدرة على الغفران؛ والتعامل مع المشاكل المادية» وفقا لموقع « Borneo Post» الإخباري.

ولا تصبح الحياة بين الطرفين وردية بمجرد إنهاء الكورس؛ فما تعلمه الشريكين في هذه الدورة التأهيلية يجب أن يكون دليلا يتعاملون به طوال حياتهم.

يقول «ونج»: «سواء كان الشريكان يعيشان حياة جيدة أو يواجهان بعض المشاكل بعد الزواج؛ فنحن ننصحهما بأن يحرصا على قضاء وقت أطول معا، والذهاب في موعد رومانسي بانتظام كما كانا يفعلان قبل الزواج، وأن يتحدثا باستمرار عن نقاط ضعفهما، ويتعلمان مهارات جديدة تساعدهما على الحفاظ على هذا الزواج ومواجهة أي مشاكل يقابلانها في الطريق».

ما بعد الزواج

برامج أخرى تشجعها الحكومة الماليزية، لتوعية المواطنين بعد الزواج. منها برامج تخص المتزوجين من عام لخمسة أعوام، وهي الفترة التي يحاول فيها الشريكان استكشاف الآخر والتكيف على ميوله وطباعه.

 وبرامج للمتزوجين من ستة إلى 11 عاما، ومن 11 إلى 20 عاما. والتي تساعدهم للتعامل مع المشاكل الأكثر تعقيدا ومشاكل الأطفال.

ولا ينصح «ونج» بالانتظار حتى تتفاقم المشاكل حتى يبحث الزوجان عن حلول؛ بعد يؤكد على الطرفان أن يلجئا دائما لمثل هذه البرامج المتخصصة والمشاكل لا تزال في بدايتها.. فبعض المشاكل يتم إهمالها حتى تصبح معقدة للغاية وصعب التعافي منها».

المصدر

  • Rage - The borneo post -The star -The Malay mail online

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال