رئيس التحرير أحمد متولي
 فيلم «La La Land».. حلم يتراقص على أنغام الواقع

فيلم «La La Land».. حلم يتراقص على أنغام الواقع

أن تصبح لديك القدرة على الحلم في المقام الأول قبل أن تسعى لتحقيقه.. تلك هي الفكرة الرئيسية التي تدور في إطارها أحداث فيلم الرومانسية والموسيقى "La La Land"، الذي كتبه وأخرجه "داميان شازيل"، وقام ببطولته نجمي هوليوود "ريان جوزسلينج" و"إيما ستون"، وتكلف إنتاجه 30 مليون دولار أمريكي.

في هذا التقرير من "شبابيك"، نلقي الضوء على أبرز الجوانب التي ميزت الفيلم الحائز على سبع جوائز جولدن جلوب  في تصنيفات أفضل ممثل لفيلم موسيقي أو كوميدي وأفضل ممثلة لفيلم موسيقي أو كوميدي وأفضل فيلم موسيقي أو كوميدي وأفضل مخرج وأفضل سيناريو وأفضل أغنية وأفضل موسيقى تصويرية أصلية، والمترشح لـ11 جائزة BAFTA في تصنيفات أفضل ممثل في دور رئيسي وأفضل ممثلة في دور رئيسي وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل سيناريو أصلي وأفضل صوت وأفضل مونتاج وأفضل تصميم أزياء وأفضل تصوير وأفضل تصميم إنتاج.

الاستعراضات الغنائية

بمجرد مشاهدة افتتاحية الفيلم، ينجذب المشاهدين إلى الاستعراضات الغنائية ذات الأداء الإيقاعي المنظبط، والتي تتراقص فيها مجموعة من الممثلين في انسجام وتناسق وفي جو ملئ بالبهجة والألوان المضيئة؛ تلك الألوان التي تجعل الجمهور يظن أنه فيلما من إخراج مبدع تنسيق الألوان بداخل أفلامه السينمائية "ويس أندرسون"، ثم يفاجأ لاحقا بأنه الفيلم الثالث الذي يخرجه "شازيل" بعد Guy and Madeline on a Park Bench وWhiplash.

كما ارتبط الجمهور بالأغنية الأساسية للفيلم "City of Stars"، والتي كانت سببا في معرفة ثنائي الفيلم، وبداية شعورهما بالحب تجاه بعضهما البعض، وهي التي فازت بجائزة الجولدن جلوب لأفضل أغنية. ,ساعد تكرار لحنها في أكثر من مشهد بالفيلم على سرعة حفظ ذلك اللحن من قبل الجمهور.

موسيقى الجاز

وكانت موسيقى الجاز عنصرا أساسيا بداخل الفيلم؛ حيث كانت رابط مشترك بين ثنائي الفيلم المحب، وخاصة في ظل كره البطلة لها في البداية، الذي انقلب إلى حب بعد أن أغرمت بأحد عشاقها، ليكون هو من يدفعها إلى الاهتمام بالجاز. وذلك مع إلقاء الضوء على المحاولات المستمرة لتطويرها؛ ما أثار الحنين بداخل قلوب عاشقي الجاز إلى أغانيه القديمة.

القصة

بالرغم من مناقشة فكرة السعي وراء تحقيق الأحلام في العديد من أفلام هوليوود سابقا، بينها الموسيقي الاستعراضي أيضا مثل فيلم Hair Spray الذي عرض عام 2007، إلا أنها ظهرت في فيلم "La La Land"  بطريقة مختلفة، وهي الصراع الدائم بين التخلي عن الحلم في سبيل استمرار الحب أو العكس.

وسبق وألقى مخرج الفيلم "شازيل" الضوء على الزاوية ذاتها في فيلمه السابق "Whiplash" الذي عرض عام 2014؛ حيث رجح البطل كفة حلمه الخاص بعزف الموسيقى الجاز في المعادلة الصعبة بين الحب والحلم، وهو ما تناوله فيلم La La Land بشكل أكبر؛ ما أظهر أوجه تشابه بين الفيلمين، وخاصة وأن بطل الفيلم عاشق لموسيقى الجاز تماما مثل بطل فيلم Whiplash، ليبدو الفيلم كأنه استكمال له في هيئة جزء ثاني غير معلن عنه.

النهاية

سيطرت الأجواء الحالمة على جميع أحداث الفيلم، بما فيها نهايته التي كانت أقرب إلى الواقعية. كما كانت تلك النهاية سببا في جذب انتباه الجمهور الذي ظل حائرا بين الواقع والحلم، وفي الوقت ذاته حافظت على عنصر الإبهار؛ أحد أهم الأشياء التي ميزت الفيلم.

التصوير

ظهر الإبداع في تصوير La La Land من خلال استخدام لقطات طويلة تتنوع بداخلها زوايا الكاميرا وأحجام اللقطات بدون قطع، وهي التي تجلت وقت الاستعراضات الغنائية الراقصة.

وساعدت كادرات التصوير على إبراز فكرة الحلم بأجوائه المنفصلة بشكل تام عن الواقع، لتبدو كأنها لوحات فنية رائعة.

كما كانت الإضاءة بطلا أساسيا بداخل الفيلم؛ حيث تم توظيفها بشكل رائع لتعكس الحالة العامة للمشهد، أو الحالة النفسية للممثلين، وكان أبرز تلك المشاهد تلك التي سلط الضوء بداخلها على بطل واحد فقط ليبقى الظلام هو ما يحيط بسواه في مشهد أقرب منه إلى المسرح؛ ما كان يرمز إما لانفصاله التام عما حوله أو لتركيز شديد من شخص آخر عليه للدرجة التي جعلته لا يرى أمامه غيره.

الأزياء

كما ظهرت جميع الأزياء بالفيلم بشكل جذاب، وتجلى ذلك في تناسق الألوان في افتتاحية الفيلم الغنائية وفي أغنية Someone in the Crowd.

التمثيل

وتمتع كلا من بطلي الفيلم بقدرة رائعة على تجسيد أدوارهما بإتقان شديد، وهو الذي ظهر في قدرة "ريان جوزسلينج" على الإضحاك بالرغم من رسم ملامح جادة على وجهه توحي بعدم الرضا، ذلك بجانب تمكن "إيما ستون" من الأداء؛ ما جعل الجمهور يبكي وقت بكائها، ويشاركها لحظات فرحتها كذلك.

وبالرغم من ظهوره في مشهدين فقط بالفيلم، استطاع "جي كي سيمون" أن يقنع الجمهور بالدور الذي يؤديه من خلال استخدامه لتعبيرات وجهه فقط.

أما بالنسبة لجموع التمثيل التي ظهرت في الاستعراضات الغنائية الراقصة، فظهرت متناغمة ومحافظة على الإيقاع ذاته في شكل مبهر.

الإخراج

وبشكل عام، أبدع مخرج الفيلم في توظيف حركة الكاميرا لخدمة الاستعراضات الغنائية الراقصة، مع استخدام متناسق للأزياء الملونة، بشكل يدعم الجو الحالم المسيطر على أحداث الفيلم الذي قام بكتابته كذلك؛ ما خلق نوع من الإبهار أمام الكاميرا.

وبجانب الاستعراضات الغنائية، أتقن المخرج استخدام الإضاءة في مشاهد كثيرة بالفيلم، لتدعم الانتقال بين فكرة الحلم والواقع، ما اتضح بشكل كبير في مشاهد تجارب الأداء التي كانت تقدم بها بطلة الفيلم، وفي مشهد عزف البطل للأغنية التي جمعته بحبيبته، وتجلى في مشهد النهاية.

كما أبدت مجموعة من مشاهدي الفيلم إعجابها الشديد به بحسب ما ذكر موقع Rotten Tomatoes، وهو الذي أجمع مجموعة من صحفيي الفن عليه، وفقا لاستطلاع رأي قام به "شبابيك".

ترى ياسمين المساوي أن الفيلم استعراضي رائع، نجح في توظيف الرقص والغناء والموسيقى والألوان بداخل الحبكة الدرامية التي خدمت السيناريو بشكل دقيق، وأضافت على المشاهد نوع من البهجة افتقده الجمهور منذ فترة كبيرة، وهو ما اتفق فيه معها محمد فهمي الذي أكد أن الفيلم عمل فني متكامل في جميع تفاصيله الفنية بداية من الموسيقى والاستعراضات والأغاني، ووصولا إلى المونتاج والإخراج، وهو ما ظهر في حفل الجولدن جلوب حين فاز الفيلم بالـ7 جوائز الذي رشح لها.

وبالنسبة إلى مخرج الفيلم، يرى "فهمي" أنه تميز للغاية، واستطاع الدمج بين بساطة الاستعراضات الغنائية الراقصة وبين قدرتها على الإبهار في الوقت ذاته، بجانب جمعه للكلاسيكية التي كانت تظهر في الأفلام الموسيقية وبين الشكل العصري الحالي، مؤكدا أنه فرض بصمته السينمائية في خلال فترة قصيرة.

وتقول آلاء عمرو إن فيلم La La Land رائع بامتياز، وتعتبر نهايته هي أكثر ما يميزه، والتي أعجبت بها للغاية بسبب للواقعيين وليس الحالمين، وهو ما أكده "فهمي" الذي قال إن المخرج أبدع في صنع نهاية مختلفة وغير متوقعة؛ ما أضاف إلى حالة الإبهار التي عاش بداخلها المشاهد منذ بداية الفيلم.

كما أشار "فهمي" إلى أن الفيلم يقدم الواقع بشكل بسيط، ملقيا الضوء على فكرة الحلم، وساعد جوه العام بداية من افتتاحيته ووصولا إلى نهايته على خلق حالة من الإبهار لدى المشاهدين، وهو ما اتفقت فيه معه "المساوي" التي قالت إن الفيلم واقعي كذلك، بالرغم من صورته الخيالية الجميلة التي طغت على أغلب مشاهده.

بينما أبدت "عمرو" استيائها من قصة الفيلم التقليدية، والتي رأت أنها ضعيفة إلى حد كبير. أما من ناحيته، اعتبر "فهمي" La La Land بداية سعيدة وقوية للسينما العالمية في عام 2017.

المصدر

  • Rotten Tomatoes
أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.