رئيس التحرير أحمد متولي
 هكذا تأثرت «العلاقة الحميمة» بتحرير سعر الجنيه.. مناظرة بين الأزواج

هكذا تأثرت «العلاقة الحميمة» بتحرير سعر الجنيه.. مناظرة بين الأزواج

«زوجتي حامل وللأمانة خايف على مستقبل الطفل اللي هيجي. لو تحرير سعر الجنيه حصل قبل الحمل كنت فكرت في عدم الخلفة مرة تانيه».. بتلك الكلمات عبر جمال عمر (اسم مستعار) في العقد الثالث من العمر، عن آثار تعويم الجنيه وما تبعه من زيادة في الأسعار، على حياته الزوجية ونمط تفكيره.

كان البنك المركزي المصري قد قرر في 3 نوفمبر تعويم الجنيه بحيث يجري تحديد سعر الصرف وفق قوى العرض والطلب في السوق ما بين البنوك بدون تدخل مباشر من المركزي، ما أدى لارتفاع سعر الدولار لما يزيد عن 18 جنيها، بعد أن كان قبل التعويم بـ8.8 جنيهات.

تحرير سعر الجنيه أدى لارتفاع كبير في معظم السلع، في هذا التقرير يتحدث مجموعة من الأزواج والزوجات ممن هم في سن الشباب -تحت أسماء مستعارة- عن أثر الغلاء على علاقاتهم الزوجية وحياتهم الخاصة.


 

العلاقة الجنسية

الأوضاع الاقتصادية أجبرت محمود أبو بكر على العمل في وظيفتين، واحدة نهارا، والأخرى مساء.

يقول أبو بكر لـ«شبابيك»: «لم يعد لدي وقت للمارسة العلاقة بيني وبين زوجتي».

أما خالد صلاح فيقول: «العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته بيتحكم فيها حاجات كتيرة أهمها الحالة النفسية»، ويعترف بأن حالته النفسية تأثرت بتحرير سعر الجنيه الذي أدى لارتفاع «كبير» في الأسعار، ما جعله يواجه صعوبات في تلبية احتياجات المنزل. نفس الأثر طال جمال عمر، الذي أشرنا سالفا إلى قلقه على الجنين الذي في رحم زوجته، يقول: «العلاقة الحميمية لم تعد كما كانت فوارد أن يمر أسبوع دون حدوث شىء، وأصبحت الحياة روتينية».

في المقابل فمحمود فوزي، يفرغ همّه وجو الاكتئاب المسيطر عليه في زيادة معدل العلاقة الحميمية بزوجته.

يتفق أحمد عبد الجواد مع «فوزي»، ويقول: «من وجهة نظري، ما بتفرقش مطلقا أو بتفرق حسب نفسية ودماغ كل شخص.. أنا شخصيا، بفصل دماغي من ساعة ما بخش البيت».

تعلق استشاري الصحة النفسية، والعلاقات الأسرية، زينب مهدي، على الحالات السابقة، وفرق هنا بين نوعين من الأزواج، رجل تضغط المشاكل على نفسيته، وتقلل الطاقة الجنسية لديه لأنه استهلك هذه الطاقة في التفكير في مشاكله، ورجل تزيد هذه المشاكل من طاقته الجنسية، وتجعله يفرغ هذه الطاقة، بل وتزيد عن المعدل الطبيعي لديه.

وتؤكد استشاري الصحة النفسية أن المشاكل النفسية، والضغوط المادية، والأسرية تؤثر بالسلب على نفسية الرجل، وبالتالي تؤثر على علاقته الحميمية مع زوجته، فقد يقل لديه الشعور بالمتعة التي كان يشعر بها من قبل. إلا أنها أشارت إلى أن ممارسة العلاقة الجنسية، تعالج الاكتئاب، وتحسن المزاج، وتساعد على إفراز هرمون السعادة، لذا نصحت الأزواج أن يفصلوا تماما بين هذه المشاكل وبين رغبتهم الجنسية، حتى لا تصيبهم أمراضا عضوية.


 

التفكير في الإنجاب

يقول محمود أبو بكر، إن التفكير في الإنجاب أصبح قرارا صعبا في ظل هذه الظروف. أما رمزي عزيز الذي لا يفكر في الإنجاب حاليا نتيجة ارتفاع الأسعار وما يعانيه مع طفلتيه، يشير إلى مشكلة أخرى يواجهها مع هذا القرار، هو ومن مثله يتخذ قرار تأجيل «الخِلفة».

يقول «عزيز»: «حتى الموضوع ده طاله الغلاء.. بمعنى إن اللى بينظم حمل مثلا، وسائل منع الحمل غليت وسعرها بقى الدبل.. ولو بتستخدم حاجة برضو للموضوع ده من المستلزمات، فدي برضو غليت الضعف». ويضيف: «أنا كنت بستخدم ديوركس.. سعره قفز من 18 جنيه للعلبة لـ42 جنيه».

أما أحمد عبد الجواد، فيقول إنه يفكر في إنجاب 5 أطفال، مؤكدا أن غلاء الأسعار لن يؤثر على رغبته في «الخِلفة».

يعترف استشاري الطب النفسي الدكتور عبد الفتاح درويش، أن الإحباط والعجز، يؤثر بدوره في العلاقة العاطفية أو الرومانسية، ومن ثم  يؤثر بالسلب في رغبة الأزواج في إنجاب الأطفال نتيجة غموض المستقبل، وعدم الشعور بالأمل في تحسن الأوضاع الاقتصادية.

واتفق مع ذلك استشاري العلاقات الأسرية عمرو عادل، ورأى بأن هذا التفكير «قلة إيمان بالله عز وجل»، مشيرا إلى قول الله تعالى :«ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم»، فالطفل يأتي عن طريق الزوجين، ولكن رزقه ورزق أبويه بيد الله تعالى، وقد يرزق الأبوين بأشياء متعددة توسّع له رزقه، بعد مجيء ذلك الطفل.

وأضاف استشاري العلاقات الأسرية، أن الخوف من المستقبل، يهدد سعادة الزوجين، ويؤثر على حياتهم الزوجية، ويجعلهم يفكرون في مستقبل أبنائهم، وهذا ما جعل الخوف يتسلل إلى قلب «جمال»، وجعله لا يشعر بسعادة قدوم طفله.

النقاشات في «عش الزوجية»

تعويم الجنيه أثر على نقاشات الأزواج.. هل تصدق ذلك؟ يقول شريف بسطاوي لـ«شبابيك»: «كنا بنتكلم في البيت عن الأفلام المسلسلات وأي موضوعات عامة مضحكة. الموضوع ده انتهى دلوقتي، وبقى الكلام كله: خد أنت المصروف واشتري، وشوف طلبات البنات، وأنا عايزة زيادة في المصروف عشان اقدر اجيب الحاجة اللي كنت باجيبها».

نفس الأمر أشارت إليه غالبية الحالات التي تواصلنا معها. ووصل الأمر عند بعضهم مثل «رمزي عزيز» إلى «عصبية ونرفزة» في معظم نقاشاته وأمام ابنتيه.

استشاري الطب النفسي، يقول إن الإحباط الشديد من الأوضاع الراهنة عقب تعويم الجنيه، وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار، مع عدم زيادة مستويات الدخول للأفراد أدى إلى تردي أوضاع المواطنين اقتصاديا واجتماعيا، مضيفا أن «هذه الزيادة الجنونية في الأسعار يمكن أن تكون الأسباب الرئيسية للخلافات الزوجية».

أين المفر

يقول خالد صلاح: «طالما الزوج حاسس بتقصير على جميع النواحي بيضطر يهرب من أعين اللوم». ويستطرد: «بالنسبالي بخرج مع أصحابي وبنفضفض لبعض على القهوة».

يبدو أن القهوة هي المأوي. يقول جمال عمر: «حالة الضيق التي انتابتني منذ تحرير سعر الصرف والغلاء الذي طال كل السلع بقسوة، دفعتني لعدم الجلوس في البيت كثيراً فأصبحت أذهب للقهوة يومياً، بعد ما كنت امتنعت عن ذلك لفترة قرابة الـ8 شهور». ونفس الأمر يفعله «رمزي» و«بسطاوي»، و70% من الحالات التي تواصلنا معها، ولم يسع المجال لذكرها جميعا.

ينصح استشاري العلاقات الأسرية الدكتور عمرو عادل، الزوج بأن يدرك أن أهل بيته لاذنب لهم بارتفاع الأسعار والمشاكل التي يواجهها، لذا طالبه بأن يناقشهم بهدوء ويطلعهم على الأوضاع الإقتصادية الراهنة، مشددا على أهمية الاستقرار الأسري، «فهذا في حد ذاته يخفف من الأعباء النفسية على الزوج».

وماذا عن الزوجات؟

علا سالم، ترى أن «الراجل أصلا بيتلكك، وفي العادي بيحس أنه عامل معجزة لأنه بيشتغل وبيصرف، فطبعا مع الغلا الدراما بتزيد وبيبتدي يحس ان كل حاجه على دماغه وأي طلب حتى لو لبن عشان أبنه بيحس أنه اضطهاد وظلم وطبعا بيشوف أن مراته مش حسه ولا بتتعب زيه».

ومع هذا، تعترف «سالم» بأن «الزوجة بتطلب وبس وماتعرفش إن الفلوس مش بتيجي بالساهل».

وتعترف نور مجدي، بأن زوجها يعيش في حالة ضيق إثر ارتفاع الأسعار، وقالت: «لازم يتضايق.. الحاجه بقت نار»، وتشير إلى أن زوجها «بيقعد فى البيت»، فيما لم تعد تطلب هي «طلبات أوفر.. بطلب المعقول».

تقول ندى محمود: «بعد ما الدنيا غليت بدأنا نتنازل عن حاجات عشان الغلاء، لكن الخلفة لا، لان البيبي بيجي رزقة معاه». لافتة إلى أن زوجها يتعصب أحيانا، وتستطرد: بس «انا مفيش ادامي غير أني اتحمل عشان المركب تمشي».

اسشاري العلاقات الأسرية الدكتور عمرو عادل، طالب الزوجة بأن تخبر الزوج، أنها مقدرة ما يقوم به، بترديد بعض الكلمات التي تدعمه، مثل «انا عارفه أنت بتتعب اد ايه»، و«ربنا يقويك ويخليك لينا»، وتحاول أن تحد في مصاريفها.

وأكد «عادل» أن الزوج هنا سيقدر ذلك التصرف وسيحاول تعويض الزوجة في حال توافر أموال معه، ويحاول أن يحضر بها هدية مناسبة لها.