رئيس التحرير أحمد متولي
 سينما «الشياطين».. كيف حضر الشيطان في الأفلام السينمائية؟

سينما «الشياطين».. كيف حضر الشيطان في الأفلام السينمائية؟

كتبت- ميرال عزت:

الشيطان لا يظهر في السينما بشكل مادي في مجمل الأعمال السينمائية، ولكنه حضر في السينما المصرية، فكيف حضر ووظف سينمائيا سواء باسمه الصريح أو بشكل رمزي.. هذا ما نرصده في هذا التقرير.

تأسيس استحضار الشيطان

قبل تسليط الضوء على الأعمال السينمائية المصرية التي حضر من خلالها الشيطان، نشير أولا إلى أن السينما التعبيرية الألمانية في الفترة ما بين عام 1919 إلى 1933، حاولت توظيف الشيطان سينمائيا في كثير من الأفلام، بل وعبرت عن الزعيم النازي هتلر في سينما تعد السينما التي أسست استحضار الشيطان باسمه الصريح أو الرمزي.

جعفر المصري

لم تكن السينما المصرية بعيدة عن فكرة استحضار الشيطان سواء باسمه الصريح أو بشكل رمزي، ولعل فيلم "اختفاء جعفر المصري" الذي عُرض عام 2002، أحد أبرز هذه الأفلام.

جعفر المصرى (نور الشريف)، رجل أعمال، بينه وبين رجل أعمال آخر يدعى داوود، خلافات ملتهبة، فيطل عليه الشيطان (حسين فهمي) الذي يظهر في صورة رجل وسيم ويطلب منه الموافقة على تخليصه من منافسة اللدود فيوافق، ولكنه يتراجع عن هذا الفعل الشيطاني واللا أخلاقي، ولكن لا يملك وقتا للترجي أو رفاهية الانتظار، فيتخلص الشيطان من داوود تنفيذا لقدر من الصعب الامتناع عنه أو الهروب منه.

فيما بعد توشك إمبراطورية جعفر على الانهيار، يظهر الشيطان مجددا ويطلب منه بعد أن كشف تاريخه القذر أن يرتكب المعصية الأخيرة وهى القتل مقابل إنقاذه من الإفلاس، فيوافق جعفر على ارتكاب الجريمة، والتى تسفر عن قتل همام، وهو صياد يعيش فى قرية تبعد عن القاهرة مئات الكيلو مترات، اعتقادا منه بمسألة الخلاص من مشكلاته المزمنة.

ويدفع تأنيب الضمير جعفر للبحث عن قرية القتيل، ويتعرف على أقاربه وزوجته حليمة (رغدة)، حيث يتخلى بطل الفيلم عن حياة الثراء وتحول إلى صياد، ولدى اقترابه من حليمة زوجة همام يبدأ الصراع بينه وبين سالم زوج شقيقة حليمة.


يحاول سالم قتل حليمة التى يحبها انتقامًا منها لحبها لجعفر. لكن جعفر ينقذها ويتعرض لطعنة من سالم. يقبض أهل القرية على سالم الذى يعترف أنه قتل همام، وهذا يقوى موقف جعفر فى مواجهة الشيطان والذى يرفض إغراءاته، ويقرر الحياة فى قرية الصيادين.

في كتابه "الخرافات والغيبيات في السينما"، يشير الدكتور فاروق إبراهيم، إلى أنه "من تلك الدراما وأحداثها المتلاحقة نرى ماذا يحدث للإنسان الضيف في مواجهة ظروفه، في أن يبيع نفسه للشيطان مقابل هدف مادي زائل أو مصلحة شخصية تخرجه من عبادة الصالحين إلى متون الشيطان والموت الأخلاقي. والذي غلب الشيطان في فيلمنا هو الإنسان العادي بعد تلبسه المس الشيطاني، وأحلام اليقظة التي كادت أن تسحقه

واختفاء جعفر المصري، له مضامين عدة في الرؤية منها أن جعفر كان منوطا به أن ينفذ بروتوكولات الشيطان.

المرأة التي غلبت الشيطان


 

"شفيقة" خادمة دميمة والجميع يعاملها بقسوة شديدة، تقع في غرام الصحفي محمود الذي لا يشعر بها ويحب إحدى الممثلات. تتفق شفيقة مع (أدهم) حفيد إبليس أن تعطيه روحها؛ لتكون ملكه بعد عشر سنوات مقابل أن يمنحها الغنى والجمال، فتتحول شفيقة إلى مليونيرة بارعة الحسن، وتعود لتنتقم من كل من عاملها بقسوة في الماضي، لكن ماذا ستفعل في النهاية مع الشيطان؟

في هذا الفيلم الذي عُرض في عام 1973،  قدمت السينما المصرية الشيطان - الفنان عادل الأدهم - صاحب ملامح جافة وجامدة، لديه القدرة على كل من يقف أمامه، بل وسلب إرادتهم إن هم اقتربوا منه.

الفيلم من ﺇﺧﺮاﺝ: يحيى العلمي، وتأليف توفيق الحكيم. أما السيناريو والحوار فهو لـ يحيى العلمي. والفيلم من بطولة: شمس البارودي، نعمت مختار، عادل أدهم، نور الشريف  سهير الباروني، حياة قنديل. 

الريس عمر حرب

يحكي الفيلم عن هاني سلامة (خالد) شاب هادىءوطموح يعمل فى كازينو للقمار يدخل فى منافسة وصراع عندما يكتشف أن المدير خالد صالح (عمر حرب) الذي يمتلك قوى وقدرات تتعدى البشر.. وهو يرمز في هذا الفيلم للشيطان.

يقول مؤلف "الخرافات والغيبيات في السينما" إن الفنان الراحل خالد صالح، لعب دور الشيطان  بقدرة تفوق ملامح الشيطان التقليدية.. الحوار وطريقة الأداء، الذي يقترب من حافة "الخوف اللفظي" يفوق كثير رؤية الشيطان إلى ذلك "أنه الشيطان" الرجيم بلا منازع، الذي يبث سمومه على كل من يحاول أن ينتزعها منه، ولا يعرف قواعد الألاعيب الشيطانية، لأنه ببساطة شديدة أصبح شيطانا آخر، وهلم جرا!


 

والمثير للجدل وفق الدكتور فاروق إبراهيم، في هذا الفيلم، هي تقديم فكرة "التأليه للشخصية المحورية دون المساس بها.."، وهي شخصية افتراضية. فالحوار لا يخرج عن كونه فرضيات فلسفية.. حتى أن عمر حرب يذكر في حواره الفلسفي، موجها كلامه إلى خالد – صنيعته -:" طول ما أنت معايا، مافيش حد يقدر يمسك في الكون كله". ويعتبر مؤلف "الخرافات والغيبيات في السينما" أن هذا الحوار "حوار شيطاني" لا يجابه بمنظومة إنسانية تحد منه، ويتضح ذلك في نهاية الفيلم، والذي يلخص كل ما دار بين الشخوص، والأحداث في زمانها ومكانها المعد لذلك.

وما حدث هو مجرد تمثيلية جيدة الإتقان صنعها بحنكة شديدة ذلك الشيطان المسمى بـ"الريس عمر حرب".

الفيلم يبرز الشيطان المغلف في صورة إنسان يتحرك ويتنفس ويبث سمومه على ضحاياه الأبرياء، ولكنهم في الحقيقة، لهم استعداد فطري أحيانا. ومكتسب.. وجيني أحيانا أخرى.

المصدر

  • elcinema.com - كتاب الخرافات والغيبيات في السينما
شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر