رئيس التحرير أحمد متولي
 أفلام الأنمي.. سر «مانجا» اليابان التي نافست هوليود (اسمع)

أفلام الأنمي.. سر «مانجا» اليابان التي نافست هوليود (اسمع)

هل أنت ممن يعشقون أفلام الأنمي اليابانية؟.. «ناروتو» و«المحقق كونان» و«البوكيمون» و«الخيميائي الفولاذي»؛ هذه الأفلام التي يقع في حبها الشباب قبل الأطفال الصغار..

لكن أفلام الأنمي لم تكن وسيلة للاستمتاع فقط، فخلف تلك القصص المسلية والشخصيات الكرتونية المرحة، ينتشر الأنمي بسرعة كبيرة في كل مكان حول العالم، وينشر معه الثقافة والقيم اليابانية، ويتنافس في شباك التذاكر مع روائع سينما هوليود، التي تعتمد على أبطال حقيقيين وليس الرسوم المتحركة.. فما هو السر يا ترى؟  

سر الأنمي في «المانجا»

لليابان لمساتها الخاصة في كل شيء؛ فأفلام الأنمي جميعها تعتمد على قصص مصورة ومكتوبة تسمى «المانجا»..  كانت «المانجا» قبل القرن الثامن عشر، مجرد رسوم متحركة تستهدف الأطفال.

وعندما جاء القرن الـ20 بدأت الصحف والمجلات اليابانية تفكر في حيلة تجذب بها الشباب للقراءة؛  فبدأت تتيح الفرصة لفناني المانجا الذين يكتبون قصصا مصورة للمراهقين والشباب. 

تحولت المانجا كثيرا لتناسب البالغين.. أصبح منها القصص المصورة التي تحكي عن التاريخ أو الحب أو الكوميديا والمغامرة وحتى السياسة.

يقول ناقد المانجا هارويوكي ناكانو: «قصص المانجا المخصصة للأطفال كانت تلقى رواجا كبيرا، وبعد أن يكبر هؤلاء الأطفال يستمروا في قراءة المانجا في مراهقتهم وشبابهم.. ولهذا أراد صناع المانجا أن يستفيدوا من هذه الشريحة التي تتعلق بها، ويتطوروا من المانجا لتستهدف البالغين».

أفلام أنمي للكبار

المانجا ناقشت كافة الأفكار، وعندما تحولت هذه القصص المصورة إلى أفلام ومسلسلات أنمي، استطاعت أن تجذب شرائح أكبر من المعجبين الشباب. 

في الأنمي الياباني سنجد تلك التصنيفات التي نراها في الأعمال الفنية والسينيمائية حول العالم؛ فهناك الأنمي الرومانسي والدراما والأكشن والجريمة والخيال العلمي والرعب، وتحت كل تصنيف منها، تناقش مسلسلات وأفلام الأنمي أفكارا ومشكلات وقيم لا حصر لها.. 

  • مذكرة الموت.. فانتازيا تبحث عن العدالة

عندما تسقط « Death Note» أو «مذكرة الموت» من العالم السفلي لعالم البشر.. لا نستطيع أن نحدد بالضبط إذا كان البشري الذي سيحملها محظوظا للغاية أم تعيسا للغاية.

«مذكرة الموت» هي شيء خاصة بالآلهة، يكتبون فيها اسم البشري الذي يحين موعد وفاته، فيموت على الفور.. وعندما يُسقط إله الموت «الشينيجامي» المدعو «ريوك» مذكرته بالخطأ إلى عالم الأرض؛ يعثر عليها طالب الثانوية حاد الذكاء «لايتو ياجامي».. تصبح لـ«لايتو» قوة آلهة الموت.

ولأن «لايتو» شاب مجتهد لديه إحساس عالي بالعدالة ورثه عن والده الذي يعمل مديرا للشرطة؛ فإنه يستخدم «Death Note» في قتل جميع المجرمين الذين يهددون الأبرياء في شوارع اليابان.

كان الأمر تحت السيطرة حتى بدأ المحقق الذكي «إل» بالشكك فيه، وتتعاون معه الشرطة لفك لغز حوادث الوفاة التي تستهدف المجرمين فقط.

يحلم «لايتو» بعالم خالٍ من الشر، وتحت هذا الدافع النبيل تحولت شخصيته وبدأ يستخدم مذكرة الموت «Death Note» في قتل الخصوم الذين يطاردونه وعلى رأسهم «إل» نفسه، لأنهم في اعتقاده يحولون بينه وبينه هدفه النبيل ويساعدون على انتشار الشر.

في «Death Note» يتمكن الجميع  من «لايتو» ويُقتل على يد الشرطة؛ ليطرح موته تساؤلات عديدة «من هو المسئول عن تحقيق العدالة؟ هل يمكن لأي شخص أن يأخذ بحق الضعفاء والمظلومين ويحكم على الناس بالموت؟.. أم سيصبح هو نفسه مجرما وقاتلا؟.. والأهم هل نستطيع محاربة الشر دون أن نتلوث به نحن أنفسنا؟

  • فتاة الخوخ.. دراما تناقش مشاكل المراهقين

الجمال بالتأكيد هو نعمة كبيرة.. لكن في أنمي «فتاة الخوخ» أو «Peach Girl» فإنك ستشفق كثيرا على بطلة الفيلم لكثرة المشاكل التي سببها جمالها.

«فتاة الخوخ» لم تكن إلا طالبة ثانوية لطيفة وخجولة تدعى «مومو»، لكنها خمرية البشرة وشقراء الشعر، بعكس جميع الفتيات اليابانيات، ولأن جمالها يجذب إليها جميع الشباب، لا يراها الجميع إلا فتاة لعوب.

مشاكل أكبر من هذا كانت من نصيب فتاة الخوخ «مومو» بسبب غيرة صديقتها السابقة «ساي» التي تحاول تقليدها في كل شيء، في الملبس ونوع العطر وحتى شكل الحقيبة.. حتى إنها نجحت في الوقيعة بين «مومو» والشاب الوحيد الذي أحبته «توجي».. يصدق «توجي» هذه الأكاذيب ويرتبط بزميلتها اللدودة «ساي».

تبتعد كل الفتيات عن «مومو» بسبب محاولة «ساي» الدائمة لتشويه سمعتها. لكن هناك شاب يدعى «كايري» يتقرب إليها.. تعتبره «مومو» مجرد شاب طائش آخر يحاول مضايقتها، لكنها تكتشف في النهاية أنه هو الوحيد الذي أحبها بصدق، وكان يصدقها رغم جميع الشائعات حولها.

في الوقت الذي تبدأ في «مومو» في الإعجاب بـ«كايري» يكون «توجي» قد اكتشف خدعة «ساي».. وهنا تقع فتاة الخوخ في حيرة شديدة؛ هل تسامح «توجي» حبها القديم الذي تخلى عنها بسهولة شديدة؟.. أم تبدأ صفحة جديدة مع هذا الشاب «كايري» الذي أحبها بصدق؟

الكرتون ليس للأطفال فقط.. الآن عليكم المشاهدة وتعلم الدرس

  • ناروتو.. أكشن يصنع البطل الخارق

هل البطولة أن تولد بقوى خارقة أم تصنع قوتك الخارقة بنفسك؟.. «ناروتو» سيجيبك في هذا الشأن.

«ناروتو» هو طفل يتيم شاء القدر أن يكون منبوذا منذ ولادته؛ يخاف الجميع منه ولا يحبونه.. فما السر في ذلك؟

القصة تعود إلى زمن بعيد، عندما تعرضت قرية «كونوها» لهجوم من الثعلب الشرير «الكيوبي»، الذي دمر المدينة وقتل الكبار والصغار.. وعندما يتعرض له  ظل النار البطل الذي يحمي القرية، ويحمل لقب«الهوكاجي» لا يجد سبيلا لمنع إيذاءه عن الناس إلا بحبسه في جسد مولود يتيم يدعى «ناروتو».. لهذا السبب جاء الطفل لهذا العالم وهو مكروه من الجميع.

لكن الطفل الصغير «ناروتو» يصمم على تغيير تلك اللعنة، ويجبر الناس على احترامه، بعد سنوات من التدريب في إحدى جماعات «النينجا» ليتحول من طفل ضعيف ومنبوذ إلى مقاتل قوي ويأخذ لقب «الهوكاجي».

«ناروتو» سلسلة من أفلام الأنيميشن تصل إلى 700 حلقة في جزأين.. كانت أشهر سلاسل الأنمي الياباني في السنوات العشر السابقة.. وهي من هذا النوع من الأنمي الذي يمتلئ بالكثير من أحداث العنف؛ فهي تدور بالأساس حول عالم «النينجا» وصراعاته المتشابكة، لكنها تحمل الكثير من الأفكار والقيم كذلك.

تتابع حلقات «ناروتو» التي تمثل صراع الخير والشر، وبالرغم من أن «ناروتو» نفسه يموت في إحدى الحلقات، وتستمر السلسلة بعد موته؛ لكنه يصبح أحد أهم الأبطال الخارقة، التي استطاعت أن تحل في عقول ونفوس الشباب محل «بات مان» و«سوبر مان».

يقول «لورنس روبين» في كتابه « Popular Culture in Counseling» أن «ناروتو كبطل خارق يشترك في مواصفات البطل الخارق في أفلام هوليود، فهو يمثل رحلة من التحدي الجسدي والعقلي، واكتشاف الذات، ثم التنوير».

  • روميو وجوليت.. اقتباس من الأدب العالمي

كثيرة هي تلك الأفلام التي تقتبس حكاياتها من الأدب العالمي قدميه وجديده؛ لكن عندما يتحول «روميو وجوليت» إلى أنمي، فإن اليابان ستضع عليه بصمتها الخاصة.

«روميو وجوليت» اليابانية تختلف كثيرا عن مسرحية «شكسبير» الأصلية، بل إن «شكشبير» نفسه يصبح أحد أفراد هذا الأنمي.

يمتزج الصراع على الحكم والمخاطرة والرومانسية في أنمي «روميو وجوليت».. فـ«جوليت» طفلة تولد لعائلة ملكية تدعى «كابيوليتو» لكن تغدر بها عائلة «مونتاجيو» وتنتزع الحكم منها.

كانت الطفلة «جوليت» ذات الثلاث سنوات هي الوحيدة المحظوظة من بين عائلتها.. أنقذها أحد الفرسان، وقدمها إلى الأديب الكبير«وليام شكسبير» لتعيش في مسرحه تحت عناية العائلتين؛ عائلة ذلك الفارس الشجاع وعائلة شكسبير.

لكن كل تلك الحماية التي تقدمها العائلتين لا تكفي؛ كان لابد من أن تتخفى الطفلة «جوليت» في ملابس الأولاد، حتى لا تصل عائلة «مونتاجيو» التي تبحث عن تلك الأميرة الصغيرة وتريد قتلها.

وعندما تكبر «جوليت» تذهب إلى حفل تقيمه عائلة «مونتاجيو» دون أن تعلم بقصة قتلها لعائلتها في الماضي؛ وهناك تقع في حب الأمير النبيل «روميو» الذي لا يرث عن عائلته ذلك العنف وتلك القسوة.

لكن صراع الماضي وعداوة العائلتين السابقة تجعل هذا الحب مستحيلا، وتبدأ قصة من التعاسة لهذين العاشقين «روميو وجوليت».


لم تكن قصة «روميو وجوليت» هي القصة الوحيدة التي اقتبسها الأنمي الياباني عن الأدب العالمي فهناك أنمي «أليس في بلاد العجائب» المقتبس من رواية للأطفال بنفس الاسم للكاتب الإنجليزي «تشارلز دودجسون».. وهناك كذلك أنمي «الحديقة السرية» المقتبس من رواية بريطانية بنفس الاسم للكاتبة «فرانسيس برينيت».

صانع السعادة «والت ديزني».. عندما يكون الرجل في الغابة احذر

لماذا اشتهر الأنمي عالميا؟

لأفلام الأنمي شهرة كبيرة للغاية في جميع أنحاء العالم؛ من أمريكا حتى فرنسا والصين ومصر والدول العربية. جزء كبير من انتشار الأنمي عالميا يرجع للمكانة والقوة الاقتصادية التي وصلت لها اليابان وجعلتها تصدر أفلام الأنمي للعالم  منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي.

لكن شيئا أكبر متعلقا بفن الأنمي والمانجا جعله يجد كل ذلك القبول.. وهو بجانب ذلك العامل النفسي الذي لعبت عليه الصحف والمجلات اليابانية ومؤلفي المانجا في جذب الشباب لهذه القصص المصورة؛ والذي أشار إليه ناقد المانجا «هارويوكي ناكانو» في مقاله بموقع «Japan Times».

لكن الهوس العالمي بشخصيات الأنمي والمانجا لا يظهر فقط في التزاحم على شباك التذاكر؛ بل يتجلى أكثر في فن «الكوسبلاي».

«الكوسبلاي» هو فن تنكري، تُقام له حفلات ومهرجانات تنكرية خاصة في كل بلدان العالم؛ وفي تلك الاحتفالات يختار الشاب أحد شخصيات الأنمي المهووس بها، ويرتدي الملابس الخاصة بهذه الشخصية ويقلدها في حركاتها وطريقة كلامها.. يتصرف طوال الحفل كأنه شخصية أنمي بالكامل. 

يقول الكاتب الياباني «إينوي تاتسومي» وهو مدير أكبر موقع للكوسبلاي في اليابان «Cure»: «في السابق كان الكوسبلاي مقتصرا على المراهقين، يبدأ الشباب والفتيات في تقمص شخصيات الأنمي في سن الـ16 ويتوقفون عن ذلك في عمر الـ20 عاما.. لكن الفئة العمرية بدأت تتسع في الآونة الأخيرة لتصل إلى الـ30 عاما».

انتقادات لأفلام الأنمي

يقولون إن لكل شيء جانب مظلم وآخر مضيء.. ربما هذه المقولة تنطبق بشدة على أفلام ومسلسلات الأنمي.

مؤلفو المانجا اعتمدوا على شخصيات تتميز بطابع طفولي في ملامحها وأزيائها، لجذب الشباب الذين تعلقوا بتلك القصص المصورة في طفولتهم.

لكن كلا من الأنمي والمانجا وقعا في فخ كبير، عندما بدأت تناقش أفكار تناسب البالغين؛ فكما نجد فيهما حكايات بوليسية ورعب ودراما وغيرها.. لم يخلو الأنمي من بعض الأفلام التي تحتوي على مشاهد عنف أو مشاهد جنسية.

ووفقا لموقع «Ranker»المختص في التصنيفات الفنية، فإن الأنمي في الأساس ليس موضوعا كله ليناسب الأطفال تحديدا.

فكما أن هناك أفلام لهوليود تصنف على أنها للكبار فقط، يفرق الأنمي في تصنيفاته بين الأفلام المخصصة للأطفال والأفلام العائلية وتلك المخصصة للكبار فقط؛ والتي تناقس مواضيع مثل الحروب والجريمة والعلاقات العاطفية، والتي قد تحتوي على مشاهد لا تناسب الأطفال؛ وبذلك يختلف الأنمي عن أفلام الكرتون التي تنتجها شركات مثل «ديزني» و «بيكسار» الأمريكيتين، والتي تستهدف بهما الأطفال بمختلف أعمارهم.

احترس.. أساطير وصراع آلهة في قصص ديزني البريئة

 

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال