رئيس التحرير أحمد متولي
 بـ«صراحة».. الانتقاد مجهول المصدر قد يدمرك، فاحذره

بـ«صراحة».. الانتقاد مجهول المصدر قد يدمرك، فاحذره

معرفة آراء الآخرين في أشخاصنا تدفعنا في بعض الأحيان إلى تطوير الذات، وفي أحيان أخرى يمكن أن تسبب لنا مشاكل نفسية، خاصة إذا كانت هذه الآراء أو الانتقادات مجهولة المصدر، كما هو الحال في موقع «صراحة»، الذي أُطلق مؤخرا، وتعتمد فكرته على إتاحة الفرصة للمشترك في الحصول على نقد بناء بسرية تامة من زملاء العمل والأصدقاء، دون أن يعرف هويتهم.

فما المشاكل النفسية التي يمكن أن تسببها المصارحة مجهولة المصدر؟ وكيف تتعامل معها لتجنب هذه المشاكل؟. الإجابة على الاستفسارات السابقة من خلال خبراء في الطب النفسي والعلاقات الإنسانية، بالإضافة إلى عدد من الشباب.

المشاكل النفسية

يقول مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، الدكتور أحمد هارون، إن المصارحة مجهولة المصدر يمكن أن تؤدي إلى توتر في علاقة الشخص مع الآخرين أو تخلق نوع من الحساسية في التعامل، أو يُصاب الشخص بحالة من «الوسوسة»، معللا ذلك: «هيفضل يفكر يا ترى مين اللي قال كده؟ ومين اللي بيكرهني لو كان فيها نقد أو هجوم؟»

وتابع: «ويمكن أن يخلق النقد السلبي مجهول المصدر حالة من العدائية، فضلا عن فقدان الثقة بالنفس، انخفاض تقدير الذات، وتبديد الوقت والجهد في التفكير في أشياء كان لا يجب التفكير فيها».

واتفق مع ذلك، استشاري الطب النفسي، الدكتور خالد العطار.. وذكر أن النقد السلبي (الهدام) يمكن أن يسبب حالة من الاكتئاب أو الاحباط، أو الشعور بعدم الرغبة في استمرارية التواصل مع الآخرين.

وواجهت فايزة عبد الهادي (اسم مستعار) بعد اشتراكها في موقع «صراحة»، هجوم من قبل البعض، فتقول: «بعد ما اشتركت في الموقع جالي رسايل حلوة أوي ادتني طاقة إيجابية، لكن في نفس الوقت كان فيه رسايل تانية عبارة عن هجوم مش مجرد نقد بس، فمثلا حد بعتلي بيقولي أنا بكرهك.. في الأول زعلت لكن بعد كده فكرت لقيت إن مفيش شخصية حد بيجمع عليها، وغالبا الشخص الناجح لازم يكون ليه أعداء أو ناس مش بتحبه».

ويرى إسلام صلاح (اسم مستعار)، مشترك في موقع «صراحة»، أن الرسائل المعتدلة في النقد كان لها تأثير إيجابي لأنها ساعدته في اكتشاف عيوبه؛ وقال: «رسايل النقد دي مسببتش ليا أي إحراج أو زعل لأن الشخص بيكون مجهول ومحدش بيشوف الكلام غيري، غير إن اللي بينتقد ممكن يكون شايفني على غير الحقيقة أو مش فاهمني».

ولكنه أضاف:«المشكلة إني وصلي شعور إني مش كده، وإن ده تحامل أو حد بيضايقني، لكن قررت اعمل اللي هيخليني كويس بغض النظر عن هدف الرسالة أو الشخص».

وقررت فاطمة طارق، إحدى المشتركات بالموقع، قطع علاقتها بشكل نهائي بعدد من زملائها ممن أرسلوا لها رسائل سلبية، بعد أن تمكنت من معرفة هويتهم. وتقول: «فيه واحدة بعتتلي رسالة بتقولي إني رخمة وتقيلة على قلبها، ومع إن البرنامج ما بيظهرش الأسماء لكن تشغيل الدماغ عرفني أسمائهم، وعشان أتأكد أخدت اسكرين بالمصارحة وبعتها لكذا حد واعترفوا أنهم هما».

وتابعت: «وده غير وجهة نظري عن زمايلي دول، وخلاني أقطع علاقتي بيهم نهائيا، وعملتلهم بلوك على طول من على الفيسبوك».

الذكاء الاجتماعي.. ما هو وكيف تكتسبه؟

طريقة التعامل

ولتجنب المشاكل السابقة، شدد خبراء الطب النفسي والعلاقات الانسانية على ضرورة التعامل مع النصيحة أو النقد مجهول المصدر بنوع من الحذر، ومن النصائح التي قدمها الدكتور خالد العطار، ما يلي:

  • القراءة أكثر من مرة

ينصح استشاري الطب النفسي بعدم الاكتفاء بقراءة الرسائل مرة واحدة فقط، لأن المرة الأولى ينتج عنها رد فعل عاطفي أو انفعالي، حيث يبتسم الشخص إذا قرأ مدح أو رأي إيجابي، أما إذا قرأ انتقاد، فتظهر تجاعيد على الوجه نتيجة لحالة الغضب أو «الزعل»، ويمكن أن يردد كلمات تهاجم صاحب المصارحة، مثل «ده حمار، أو هو مش فاهمني وميعرفنيش كويس».

لذلك لا بد من قراءة الرسائل مرتين أو 3 مرات، لتجنب الرد الانفعالي ولأن القراءة المتعمقة تضعك في مواجهة حقيقية مع نفسك، وإذا تنوعت الرسائل ما بين المدح والنقد والهجوم، فإن ذلك سيمكنك من معرفة نفسك وشخصيتك بشكل أوضح، لكن بشرط أن تقرأها أكثر من مرة.

كما يقترح «العطار» كتابة ردود على هذه الرسائل حتى إذا كنت ستحتفظ بها لنفسك، ولن يتمكن الآخرون من قرائتها.

  • اسأل نفسك

وشدد «العطار» على ضرورة التعامل مع النصائح مجهولة المصدر بحذر أيضا، مبررا ذلك: «طالما مش عارف مين اللي بينصحني مش هبقى عارف نيته أيه، وفي الحالة دي عشان تقدر تاخد قرار مدروس لازم تسأل نفسك في الأول هل النصيحة دي ممكن تفيدني؟ وهل هى متوافقة مع ظروفي وشخصيتي؟، ولو تأكدت أنها مش منطبقة عليك ومش هتنفعك يبقى لازم تتجنبها».

ومن جانبها، قدمت استشاري العلاقات الإنسانية دكتورة شيرين عبد العزيز، عدد من النصائح الأخرى:

  • التجاهل

الهدف الأساسي من النقد الهدام هو إعاقتك عن تحقيق النجاح، لذلك فأن التجاهل هو أفضل طريقة للتعامل معه.. «طالما فهمت الغرض من النقد ده يبقى المفروض متزعلش، والأفضل إنك تتجاهله»، وفق عبد العزيز.

ويتفق مع ذلك الدكتور أحمد هارون، حيث أكد أن التجاهل هو الحل الأفضل للتعامل مع النقد غير البناء، موضحا: «طالما مصدر هيسببلك قلق أو توتر يبقى الأحسن إنك تبعد عنه، يعني لو بيجيلك انتقادات أو هجوم كتير على موقع صراحة يبقى الأفضل إنك متدخلش عليه تاني».

  • التركيز على المعنى

وأشارت الدكتورة شيرين عبد العزيز، إلى أن هناك بعض الأشخاص لا يحسنوا اختيار الكلمات أو يفتقدوا القدرة على التعبير بشكل صحيح عند مصارحة الآخرين، لذلك تنصح بالتركيز على المعنى الذي يريد الشخص إيصاله لك من هذه المصارحة، بدلا من التركيز على الكلمات أو الطريقة التي كُتبت بها.

داري على شمعتك.. 6 نصائح للتعامل مع المحبطين

 

أسماء أبو بكر

أسماء أبو بكر

عن كاتب المقال: صحفية مصرية حاصلة على كلية الإعلام من جامعة القاهرة، تهتم بشؤون الطلاب