رئيس التحرير أحمد متولي
 أمهات الرؤساء.. وأسرار لعبة الحكم في قصور المحروسة

أمهات الرؤساء.. وأسرار لعبة الحكم في قصور المحروسة

الأم دائما صاحبة بصمة في حياة ابنها، لكن هل تحرّك خيوط اللعبة في بلد بأكمله؟ هذا ما حدث مع بعض من حكام مصر، الذين استطاعت أمهاتهم أن يلعبن دورا هاما في وصولهم للحكم، أو على الأقل أن يؤثرن بشكل يظهر على توجهات الرئيس وميوله.

الملكة نازلي والدة فاروق

بين أروقة القصر ولدت الحكاية الأكثر جدلا وإثارة للأساطير والشائعات في تاريخ الزعماء المصريين، وهي قصة الملكة نازلي وابنها الملك فاروق.

لم يكن الملك فاروق ليصل إلى الحكم لولا والدته، فعندما توفي السلطان فؤاد الأول، لم يكن عمر فاروق قد تخطى الـ16 عاما.

ولعبت الملكة نازلي دورا كبيرا في المحافظة على العرش لفاروق حتى يبلغ السن القانونية. ووفقا لموقع «فاروق مصر» فقد استصدرت الملكة نازلي فتوى من الشيخ محمد المراغي بأنه يجوز للإنسان أن يتصرف في أمواله عندما يبلغ 15 عاما.

وكان السلطان فؤاد الأول قد أصدر قرارا ملكيا بتاريخ 12 أبريل 1922  بأن ولي العهد يبلغ السن القانونية لاستلام الحكم من عمر الـ 18 عاما بالتاريخ الهجري، وهكذا لم يتبق أمام فاروق سوى عامين فقط للتويج.

وخلال هذين العامين كانت نازلي تعد فاروق جيدا لحكم مصر، ورفضت أن يستكمل دراسته بالخارج كما كان يفعل، واستدعت له معلمي جامعات إنجلترا ليشرفوا على تعليمه بمصر، كما حرصت على تزويده بكل ما يحتاجه للتعرف على ثقافة بلده وثقافة شعبه، والرأي العام في مصر والعالم.

فى كتابه «سقوط نظام»، يصف الكاتب محمد حسنين هيكل الملكة نازلي بأنها «واحدة من ثلاث نساء أدرن خيوط السياسة المصرية قبل ثورة 23 يوليو 1952».

لكن هذه الملكة التي حافظت على العرش لابنها ما لبث أن دب الخلاف بينهما بسبب علاقاتها الغرامية.

يعود «هيكل» فيقول: «كان في قلب الملك فاروق سر دفين يتعلق بأمه الملكة نازلي ورئيس ديوانه أحمد حسنين باشا»، وكانت هذه العلاقة بداية خلافات الملك فاروق وأمه.

لكن موقع «فاروق مصر» يضيف أن الملكة كان لها غراميات أخرى، أشهرها علاقتها بـ«رياض غالي» الذي تعرفت عليه في أوروبا، ووصلت أنباء علاقتهما إلى القصر في مصر.

في النهاية اجتمع مجلس البلاط بقيادة الأمير محمد علي توفيق وأصدر قرارا ملكيا بمصادرة أموال الملكة نازلي ونزع لقب الملكة عنها وإلغاء جميع امتيازاتها.

والدة حسني مبارك

طوال 30 عاما هي فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كانت أضواء الإعلام لا تخفت أبدا عن أسرة الرئيس الصغيرة؛ زوجته سوزان، وابنيهما علاء وجمال. لكن ماذا عن والدة الرئيس أو حتى عائلته الكبيرة؟

قبل 6 سنوات وبتاريخ 3 يونيو 2011 نشر العدد الأسبوعي لجريدة الفجر تقريرا حول قضية نفقة أقامتها والدة الرئيس المدعوة «نعيمة محمد مرسي مبارك».

تعود الدعوة للعام 1960 عندما كان مبارك لا يزال نقيبا بالقوات الجوية، لكن لم تكشف عنها الجريدة ولا المحامي نبيه الوحش إلا بعد تنحي مبارك.

كانت السيدة «نعيمة» تطالب بنفقة من ابنها، بعد أن توفي الأب وترك لها أربعة أشقاء آخرين هم: «سامية» و«أحمد سامي» و«فوزي» و«عصام». وقد طالبت والدة مبارك كثيرا بمساعدتها في النفقة بالطرق الودية دون جدوى، رغم أنه ميسور الحال ويتجاوز راتبه الـ15 جنيها، وفقا للدعوى.

ووفقا للفجر فقد تم تحديد «جلسة 26 مايو 1960 لنظر القضية». لكنها تذكر أيضا أن معارف مبارك أقنعوه بالتصالح بشكل ودي بعيدا عن المحاكم، على أن يدفع لها 340 قرشا شهريا تساعدها على ظروف الحياة.

وبعيدا عن قصة النفقة هذه، فأكثر من تقرير إعلامي يشير إلى أن مبارك «تبرأ منها» أي من عائلته أو كان هناك إخفاء متعمد لجميع أخبارهم وعلاقته بهم في الجرائد. يقول تقرير لـ«بي بي سي» إن مبارك كان معروفا عنه أنه لا يتحدث عن حياته الشخصية ولا يسمح للإعلام باقتحامها.

أمور لا تغتفر في بلادهم.. لهذا السبب أقيل هؤلاء الرؤساء

سوزان مبارك والتوريث

كان الوضع في السنوات التي سبقت ثورة 25 يناير منذرا بحدوث شيء ما. تقارير إعلامية تشير إلى أن جمال مبارك هو الحاكم الفعلي لمصر.

من هذه التقارير ما نسب إلى أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن نافعة في حواره مع «المصري اليوم» بأن مبارك لو كان ترشح لولاية أخرى فسيكون على مشارف الـ90 عاما.. فهل سيكون من ناحية اللياقة البدنية فى ظل أعباء رئيس الجمهورية قادراً على ذلك، أم أن السن ستكون عائقاً ويمارس جمال مبارك الحكم من الناحية الفعلية من وراء والده»؟

لكن أصابع الاتهام من القوى المعارضة كانت تشير بالتحديد نحو سوزان مبارك باعتبارها المسئولة عن إعداد جمال مبارك لهذا الدور، فيما عرف بـ«ملف التوريث».


 لكن سوزان مبارك دأبت على نفي هذا الاتهام بعد الثورة في التقارير الإعلامية. وتقول في حوار لها مع الإعلامية الكويتية «فجر السعيد»: «لو كنا نخطط للتوريث لأدخلنا أولادنا السلك العسكري لأننا نعلم يقيناً أن مصر لا يحكمها إلا ابن المؤسسة العسكرية». ووصفت إلحاق التهم بها وبأسرتها وتشويه سمعتها بأنه «مخطط ومؤامرة».

كيف أثرت الأم في شخصية الرئيس؟

أمهات أخريات ربما لم يتدخلن مطلقا في الشئون السياسية لأبنائهن الرؤساء، لكن كان لهن أثر كبير في شخصياتهم، ومن هؤلاء:

والدة جمال عبد الناصر

ربما لم يسعفها الحظ لترى ابنها رئيسا من أشهر زعماء العرب، لكن الطريقة التي توفيت بها كان لها بالغ الأثر في نفسه.

يذكر «عبد الناصر» في حوار لصحيفة «الصانداي» أنه في صيف عام 1926 عاد إلى مدرسته من القاهرة للأسكندرية وعلم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع.

يضيف الرئيس الراحل، وفقا لموقع «عبد الناصر»: «لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعورا لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين».

والدة السادات

لم يكن لوالدة الرئيس الراحل محمد أنور السادات تأثير كبير عليه مثل جدته لأبيه «أم محمد». يقول «هيكل» في كتابه «خريف الغضب»: «كان تأثير جدته عليه هو أقوى تأثير في طفولته الأولى».

السادات نفسه يقول في كتابه «البحث عن الذات»: «لكم أحببت تلك السيدة، كانت ذات شخصية قوية، كانت تتمتع بحكمة نادرة».

الرئيس السادات مع والدته «ست البرين»

أمّا والدة «أنور السادات» فهي «ست البرين»، ويصفها «هيكل» بأنها كانت زوجة ثانية لوالد الرئيس الراحل، الذي كان يعاملها بقسوة ومهانة، وكان وضع والدته هو الشيء الذي رسخ فيه منذ طفولته الإحساس بالدونية، ومحاولته الدائمة للهرب من ذكريات طفولته ومراهقته عندما يحكي عن ذكريات بالقرية.

مصريون تربعوا على قمم النصب في العالم

المصدر

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال