رئيس التحرير أحمد متولي
 أغاني سبوع المولود الشعبية في مصر.. هكذا فضّلت الذكر على الأنثى

أغاني سبوع المولود الشعبية في مصر.. هكذا فضّلت الذكر على الأنثى

كتبت- شيماء مصطفى:

كرست الجماعة الشعبية مفهوم تمييز الذكر على الأنثى في أغانيها الفلكلورية وأمثالها الشعبية، فاهتمت بالاحتفاء بميلاد الولد على حساب البنت. وسيطرت المعتقدات والموروثات على الأغنية الشعبية التراثية، فجعلت الولد ذا قيمة وجوهر للاحتفاء به ودعوة للأهل إلى الفخر والاعتزاز بإنجابه على عكس إنجاب أنثى فيعتبرونها مصدر للعار.

ويرى البعض في هذا تمييزا، لأن التراث الشعبي ينظر للبنت بدونية واحتقار ويمجد الولد على حسابها، وهذا ما سنعرض له في هذا التقرير من «شبابيك».

وهذه أبرز الأغاني الشعبية التي تحتفي بمولد الذكر وتميزه على الأنثى:

الولد سند

«لما قالوا دا ولد.. اتشد ضهري واتسند.. وجابولي البيض مقشر.. وعليه سمن البلد»، تصف هذه الأغنية حفاوة استقبال الأم خبر حملها بطفل ذكر، فيتم إطلاق الزغاريد مع كلمات الأغنية التي توضح فرحة المجتمع بمجيء الذكر فالجميع يأتون من كل حدب وصوب حاملين البيض بالسمن البلدي فرحة بالمولود.

أما الأم التي رزقها الله بأنثى نجد أن الغم والحزن أحاط بها حتى الحوائط تحطمت والأرض مالت، بعد سماع خبر إنجاب فتاة، فتقول الأغنية «أما قالوا دي بنية.. اتهدت الحيطة عليّ.. ومالت الأرض تحتيّ.. وجابولي البيض مكسّر وبدال السمن مية».

تمييز أم الولد

البطن الجايب ولداني اطعموه لحم الضاني
والبطن الجايب بنية اضربوه بالعصية
واطعموه اللحم بايت ولا تقولوش.. ده خطية

وهنا تشير الأغنية إلى تمييز واضح بين من رزقها الله بطفل ذكر، ومن رزقها الله بالأنثى، حيث يتم الاحتفال بأم الولد بإطعامها لحم الضأن، أما أم البنت فسيتم ضربها بالعصا وإطعامها اللحم البايت نظرًا لولادتها بنت والمعروف عنها قديمًا أنها مصدر للعار.

كراهية البنت

وأبرزت الجماعة الشعبية أيضًا حب المجتمع للولد أكثر من البنت من خلال الأغنية التالية:

بتيجي ليه يا صبية
كان هوانا في صبي
إياك على الله يا صبية
تروحى تِملِي تغرقي

والنص هنا يبرز عدم ترحيب وغضب المجتمع لمجيء فتاة، وتفضيلهم الولد على البنت، وتشير الأغنية أيضًا إلى تحذير ووعيد للبنت ألا تجلب لأهلها العار وأن تحافظ على شرفها حتى تذهب إلى بيت زوجها.

ومن الأغاني أيضًا:

يا مسعدة يا مخلفة الولاد
يا مجددة الفرح في كل أوان
الصلاة عليه الصلاة عليه
جبنا الولا وفرحنا بيه 

السبوع والاحتفال بالولد

نجده في أغنية:

حلقاته برجالاته إن شاء لله يعيش إن شاء لله يعيش
يكبر يبقى فى وسط اخواته جن مصور زيه مفيش
حلقاته برجلاته يوم ورا يوم يبقى بشنبات
يتجوز على أد حالاته ويخلف صبيان وبنات

 الأمثال الشعبية

إلى جانب الأغنية الشعبية والأبيات التى تحفظها الجدات والأمهات عن ظهر قلب عن «خلفة البنات»، استطاعت أيضًا الأمثال الشعبية أن تتطرق إلى إنجاب البنات وتعكس النظرة المجتمعية للأمر، فنجد القول المأثور الذى نسمعه كثيرًا من العديد من الأمهات حينما تغضب على ابنتها أو تمزح معها فتقول لها «يا مخلفة البنات يا شايلة الهم للممات»، ونسمع أيضًا «البنية بلية»، و«موت البنات سترة»، و«دفن البنات من الكرمات» ومعناهما يشير إلى تمنى موت البنات.

بالإضافة إلى «عقربتين على الحيط ولا بنتين في البيت»، و«اكسر للبنت ضلع يطلع لها إتنين»، و«خلفة البنات يحوج لنسب الكلاب».

تمجيد الطفل

يقول مؤلف «الموسوعة المصرية لأغنيات الطفل.. الشعر الشعبي»، الشاعر مسعود شومان، إن تلك الأغاني عادة ما تتردد في المناسبات العامة أو سبوع الأطفال وحفلات الميلاد، مشيرًا إلى أن الهدف من تلك الأغاني هو تمجيد وتدليل الطفل سواء كان ذكرًا أو أنثى وليس هدفه التفريق بين الولد والبنت.

ويضيف شومان لـ«شبابيك»، أن هذه الأغاني ترددت في سياق الأداء، وما نسمعه لا يسمى تفريقًا بين الذكر والأنثى، ولكن نسميه حوار النصوص، فعلى حسب نوع المولود ألفت الجماعة الشعبية أغنية له ومجدته فيها، حيث لم تفضل الذكر على الأنثى ونصفت الفتاة.

فالأغنية التي تقول «لما قالوا ده ولد أتشد ضهري واتسند» نجدها تمجد الولد وتعززه وتبين أنه سند لأسرته، في المقابل نجد أغنية للفتاة تقول الجماعة الشعبية فيها «لما قالولي دي بنية.. قولت الحبيبة جاية.. تعجنلي وتخبزلي..وتملالي المية».

موروث شعبي

ولفت شومان إلى أن هذه الأغاني تُنسب إلى الجماعة الشعبية، وتناقلتها الأجيال المتعاقبة ومازالت باقية في عدد من المحافظات المصرية والريف والصعيد يرددونها حتى الآن، لأنها تعد من موروثاتهم الشعبية وتلبّي احتياجاتهم وتمجد ابنائهم، موضحًا أن الجمع الميداني للموسوعة تجاوز 20 محافظة مصرية، ما يؤكد على بقاء هذه الأغاني وعدم اختفائها رغم التطور.

لكن أستاذ الأدب الشعبي الدكتور صلاح الراوي يؤكد أن الأغاني الشعبية الخاصة بالأطفال كانت تميز بين الذكر والأنثى، نظرًا لموقف المجتمع الذكوري من الرجل والمرأة والذي يعلي من قدر الولد ويعتبره القوة الفاعلة لجلب الرزق  والموطد لمكانة الأم داخل عائلة زوجها ويقوى علاقتها بهم، بالإضافة إلى أنه لن يكون مصدرًا لجلب العار عكس البنت.

وأشار أستاذ الأدب الشعبي، في تصريحات لـ«شبابيك»، إلى أن كون المرأة التي تلد بنتا تغنيها هي الأخرى يعكس ما أصابها من استجابة للمجتمع الذكوري، والرواسب الثقافية للمجتمع.

إحساس بالدونية

أستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين الدكتورة هالة حماد تقول لـ«شبابيك» إن الأغاني التي تمجد الذكر عن الأنثى، تعطى للطفل إحساسَا بالدونية وأنه شخص غير مرغوب، وتصور له أن قيمته ليست في شخصيته وأخلاقه لكن قيمته في جنسه.

وأضافت «حماد» أنه من الخطأ أن نردد تلك الأغاني ولابد من محاربتها ورفضها على الرغم من أنها أصبحت تتغنى على شكل مزح وسخرية نظرًا لاختلاف الزمن والتطور الفكري، موضحة أن التربية والاعتزاز بالشخصية هي الأساس في بناء طفل سليم.

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر