رئيس التحرير أحمد متولي
 عالم الصُم.. هكذا يرقصون على إيقاع الموسيقى

عالم الصُم.. هكذا يرقصون على إيقاع الموسيقى

يرقصون على أنغام موسيقى لم يسمعوها أبدا في حياتهم، فقدوا حاسة السمع منذ أن كانوا صغارا، ولم تتح لهم فرصة التعرف على الألحان المختلفة أو حتى تذكر ما سمعوه قبل إصابتهم بالصمم. لكن هذا لم يمنعهم من تقديم عروض راقصة لا يقنتها الأشخاص الطبيعيون.

فمن خلال حركات الجسد، وتعبيراته ونظرات العينين، ينقلون إليك مشاعر الحزن والفرح والسعادة والألم والغضب والحماس، في رقصة واحدة.

أسامة من المغرب

مشهد معتاد للغاية، فرقة راقصة تدخل إلى مسرح «آرابز جوت تالنت» تقدم عروضها المعتادة، وبعد أن ينتهي الجميع من الرقص، كانت هناك مفاجئة تنتظر أعضاء لجنة التحكيم.

فـ«أسامة» أحد أعضاء فرقة «OverBoys All Stars» المغربية؛ والذي يؤدي حركات صعبة للغاية على إيقاع الموسيقى، هو أصم لا يسمع.

يرقص «أسامة» معتمدا على إحساسه بالموسيقى التي ربما لم يسمعها في حياته قط، ولكن لديه قدرة خاصة على تخيل الموسيقى، والإحساس بالإيقاع؛ وتدريب نفسه جيدا.

ولم يكن «أسامة» الموهبة الفذة الوحيدة؛ التي استطاعت تحدي إعاقتها بهذا الشكل.

بيار جعجع من لبنان

في البرنامج نفسه، انتظر الجميع مفاجئة أخرى قدمها اللبناني «بيار جعجع» الذي فقد حاسة السمع والنطق في طفولته.

فمنذ عمر 11 سنة، كانت أمام الطفل «بيير» رحلة طويلة وشاقة، ليتعلم فيها كيف يتكلم، وكيف ينمي شغفه في الرقص، الذي لم يفقد الأمل في تحقيقه إلى اللحظة التي وقف فيها أمام لجنة التحكيم وهو بعمر 36 سنة.

شغف «بيار» بالرقص بدأ في المدرسة، عندما تعلم كيف يعبر عن نفسه من خلال لغة الجسد.

ومن هنا بدأ ذلك الطفل الذي لا يستطيع الكلام، يكتشف جسده من جديد، فبإمكان هذا الجسد الآن أن يعبر عن كل ما بداخله من خلال الحركات والرقصات،  كما يقول «بيار» عن نفسه ببرنامج «Talents» اللبناني، المذاع على قناة « MTVAlive».

يعمل «بيار» كمصمم رقصات للعروض المسرحية، وفي كل رقصة يقدم معنى أو مشكلة اجتماعية يستطيع التعبير عنها من خلال حركات الجسد.

لكن كيف استطاع «أسامة» و«بيار» أن يرقصوا على أنغام موسيقى لا يسمعونها؟

أنطونيو هانتر يخبرك

راقص الجاز «أنطونيو هانتر» يقول: «نحب كل أنواع الموسيقى، نستطيع أن نشعر بالذبذبات. أضع السماعات بالقرب مني وأرفع الصوت عاليا جدا، وأبدأ في حفظ هذه الذبذبات وأتخيل اللحن».

يؤدي «هانتر» عروضا تمثيلية يستطيع أن ينقل من خلالها مشاعر وعواطف الغضب والخوف والفرح أو الحماسة، بحركات جسده ونظراته على إيقاع موسيقى لا يسمعها تؤدي نفس المعنى.

يعمل «هانتر» مدرسا للرقص لمجموعة من الصم. يقول: «أعرف كيف ألفت انتباههم ليتحركوا لهذا الجانب أو ذاك أو يقوموا بهذه الحركة أو تلك». لكن يبقى سؤال: «كيف يشعر الأصم بالموسيقى»؟

«حامل وعجوز وذوي احتياجات خاصة».. هؤلاء تحدوا برامج اكتشاف المواهب

أليسون بيكر تشرح طريقتها

«لو لم يكن مكتوبا أمامي أنك صماء، لما استطعت أن أخمن ذلك»، هكذا يرد أحد أعضاء لجنة التحكيم على «أليسون بيكر».

لم يكتب لـ«أليسون» أن تسمع الموسيقى في حياتها قط، فقد أصيبت بمرض خطير في عمر 16 شهرا، وقال الأطباء لوالديها إنها قد تصاب بالصمم أو العمى أو الموت بسبب المرض.

كان حظ «أليسون» كبيرا، فقد نجت من المرض ولم تصب بالصمم إلا في عمر 3 سنوات.

تشرح «أليسون» فلسفتها في تعلم الرقص دون الاستماع للموسيقى، وتقول: «الذبذبات العالية التي تصدرها الموسيقى ويشعر بها جسدي، تساعدني على تخيل اللحن والإيقاع، الذي أتحرك وفقا له».


«شاهيم» على خطى والده

ومنذ عمر 11 سنة و«شاهيم شانشيز» يعلم نفسه. يعشق الحركات الراقصة التي يراها في الصور والتليفزيون. يمسك بالـ«Stop Watch» ويبدأ في العد التنازلي، ويدرب نفسه على الشعور بالإيقاع الممتابع، ثم يرتب الحركات والإيقاع معا للحصول على رقصة متكاملة. يحتاج الأمر للكثير جدا من التدريب والكثير من الخيال؛ كما يقول.

«شاهيم شانشيز» راقص الهيب هوب أصيب بالصمم وهو في سن الرابعة، وبدأ في تعليم نفسه الرقص من سن 11 سنة. ورغم الإحباط والسخرية التي تواجهه إلا أن ما يشجعه هو أنه يسير على خطا والده الذي توفي قبل ولادته. يقول «شاهيم»: «أسمع عن والدي أنه كان راقصا بارعا وأريد أن أكون مثله».

لا تحاول أن تفعل مثلهم

لا تحاول أن تستمع للموسيقى التي يفضلها الصم، وإلا أصبحت واحدا منهم، بهذه الكلمات تحذرك «لوري آن» في مقالها بموقع «Steps On Toes» المختص في تعليم أنواع مختلفة من الرقص.

الأذن السليمة لن تتحمل سماع هذه الموسيقى في غرفة واحدة حتى مع استخدام «سدادة الأذن»، وبينما تكون هذه الطريقة خطرة جدا للأشخاص الطبيعيين؛ فإنها الطريقة الوحيدة التي تساعد الأصم على الإحساس بالإيقاع، كما تقول «لوري آن».

الذبذبات العالية التي تصدرها الموسيقى وتتردد في غرفة مغلقة من خلال الأرض، تساعد الأصم على الشعور بالإيقاع، سريع، بطيء، قوي، خافت، ثم يأتي دور الخيال في ربط هذا الإيقاع وتخيل الموسيقى.

هل الرقص يحتاج لموسيقى؟

الموسيقى التي نسمعها تتكون من شيئين النغمات والإيقاع. والإيقاع ببساطة هو تتابع معين للضرب على الآلة الموسيقية؛ وهناك آلات إيقاعية فقط ولا تصدر أي نغمات مثل الطبلة أو الـ«Drums».

وهكذا يستطيع الأصم أن يرقص على إيقاع الأغنية دون سماعها، لأن الذبذبات التي تصدرها الموسيقى الصاخبة جدا، تنقل له الإيقاع  فيتفاعل معه بالحركة، هكذا تشرح «لوري آن» التي فقدت سمعها مؤخرا.

بعد ضجة «طيف الخيال».. إليكم أفضل عروض مسرح الظل حول العالم

المصدر

  •  

     

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال