رئيس التحرير أحمد متولي
 هذه الشعوب كانت صامتة لكنها انتفضت حين اتخذ الحاكم هذا الإجراء

هذه الشعوب كانت صامتة لكنها انتفضت حين اتخذ الحاكم هذا الإجراء

سيناريو يتكرر في دول تبتعد عن بعضها مسافة قارات. تظن بأن الشعب ارتضى الصمت على تجاوزات رئيسه، وفجأة يغضب ويثور حين يرغب الحاكم في توسيع نفوذه بطرح تعديلات دستورية تمكنه من البقاء في الحكم لولايات متعاقبة.
نرصد لكم قصص شعوب رفضت التخلي عن مكاسب الديمقراطية، ووقفت ضد محاولات العودة إلى الوراء.. سواء لحكم عسكري أو لنموذج الرئيس الذي يتفرد بالحكم مدى الحياة.

براجواي.. احتجاجات مستمرة

كانت احتجاجات عنيفة للغاية تلك التي اشتعلت في براجواي، تلك الدولة الصغيرة التي تقع في أمريكا الجنوبية. اقتحم المحتجون البرلمان الجمعة 31 مارس، من العام 2017، ثم أشعلوا فيه النيران.

الغضب الذي أصاب المحتجين، جاء نتيجة موافقة مجلس الشيوخ في براجواي على تعديل الدستور، لمنح رئيس البلاد «هوراسيو كارتس» الحق في الترشح للرئاسة لفترة إضافية؛ كما تذكر صحيفة الـ«نيويورك تايمز».

ولم تقف الاحتجاجات عند حدود البرلمان، بل تجاوزتها إلى أنحاء متفرقة من العاصة «أسونسيون». لاحقت الشرطة النشطاء الليبرالين الذين تسببوا في هذه الاحتجاجات الواسعة، وقتلت واحدا منهم بإصابة بالغة في الرأس، حينما كانت تطلق الرصاص على مقر جماعة للنشطاء الليبراليين كما تذكر وكالة «رويترز» للأنباء.

رئيس براجواي «هوراسيو كارتس» لم يحكم البلاد إلا لفترة رئاسية واحدة بدأت منذ عام 2013، كما يقضي الدستور بأن تكون فترة حكم الرئيس هي خمس سنوات فقط.

ويفسر «سيمون ريميرو» الصحفي بالـ«نيويورك تايمز» التوتر الشديد الذي نشب بين المعارضة والحكومة، بأن شعب براجواي تطارده  ذكرى الرئيس العكسري «ألفريدو ستروسنر» الذي حكم البلاد لمدة 35 عاما انتهت في 1989، وبعدها تحولت البلاد إلى الحكم الديمقراطي، ووضع دستور 1992 شروطا صارمة فيما يتعلق فترة حكم الرئيس.

وبعد هذه الأحداث أقال رئيس براجواي وزير الداخلية ورئيس الشرطة، لكنه لم يتراجع عن التعديلات حتى الآن.

أذربيجان.. استسلام للأمر الواقع

قبل أقل من عام على تجربة براجواي، كانت أذربيجان تلك الدولة الأوروبية ذات الأغلبية المسلمة، على موعد مع استفتاء شعبي لإعطاء صلاحيات كبرى لرئيس الجمهورية.

بدأ الأمر باقتراح تعديلات دستورية لزيادة فترة الرئاسة إلى سبع سنوات بدلا من خمسة، وإلغاء شرط الحد الأدنى للترشح للرئاسة وهو 35 عاما، وتعيين نائب للرئيس يمتلك صلاحيته المطلقة للتصرف في شئون الحكم في حالة غياب الرئيس، وإعطاء الدولة الحق في تحديد ملكية المواطنين للأراضي والعقارات.

 هذه الخطوة تعني إعطاء سلطة مطلقة للرئيس «إلهام علييف» الذي تولى الحكم في 2003، بعد والده «حيدر عليف» ثم أجرى استفتاء آخر في 2009 لإعادة انتخاب الرئيس لفترات غير محدودة؛ كما تذكر وكالة «رويترز».

ونتيجة لسياسة توسعة سلطات الرئيس، خرج مئات من المواطنين في العاصمة «باكو» احتجاجا على التعديلات الدستورية.

لكن هذه الاحتجاجات لم تأت بثمارها، ففي النهاية أجرت الحكومة استفتاء على هذه التعديلات الدستورية وصوت الغالبية بالإيجاب لهذه التعديلات.

لم تقف المفاجئات عند هذا الحد، فبعد أن أصبح منصب النائب الأول للرئيس هو أهم منصب في الدولة، وحتى أهم رئيس الوزراء، عين «عليف» زوجته كنائب أول للرئيس.

بوركينا فاسو.. انتفاضة شعب

عندما جاء العام 2014 كانت شوارع مدينة «واجادوجو» عاصمة بوركينا فاسو، تشهد خروج آلاف المواطنين احتجاجا على تعديلات دستورية لمنح الرئيس الحق في الترشح لثلاث فترات رئاسية.

تخوفات كثيرة تملكت المواطنين من احتمالية موافقة البرلمان على التعديلات الدستورية، تبعها غضب كبير في الشارع، أدى إلى اقتحام البرلمان ومقرات الحزب الحاكم وإشعال النيران فيها، ومحاصرة القصر الرئاسي، وتم إغلاق المطار الرئيسي؛ وفقا لتقرير «بي بي سي».

لم تكن هذه التظاهرات مجرد انتفاضة ضد التعديلات الدستورية، بل ضد الرئيس «بليز كمباوري» نفسه،  والتي اعتبرت أكبر انتفاضة شعبية في بوركينا فاسو في الفترة الأخيرة، فقد انضم إلى هذه الاحتجاجات عدد كبير من رجال الجيش، بينهم وزير دفاع سابق؛ بعد أن حدث إطلاق نار غاز لتفريق المحتجين ومقتل بعضهم.

في النهاية تم عزل «كمباوري».. أعلن قائد الجيش عزل الرئيس وحل البرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية؛ لتدخل البلاد في مرحلة جديدة من الصراع بين مبدأ الدولة المدنية والعسكرية.

يفسر تقرير «بي بي سي» بأن رئيس بوركينا فاسو، كانت عليه علامات استفهام كثيرة؛ فقد وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري، وحكم البلاد بأربع انتخابات مشكوك في نزاهتها. وقد دعت المعارضة لعصيان مدني لمطالبته بعدم الترشح، قبل اقتراحه هذه التعديلات.

الكونغو.. نتائج محبطة 

السيناريو نفسه يتكرر بشكل أو بآخر، ففي جمهورية الكونغو اندلعت الاحتجاجات في أكتوبر 2015 ضد مقترح بفتح فترات الترشح للرئاسة لعدد غير محدود.

«لا للاستفتاء» و«ارحل يا ساسو» زينت لافتات حملها المتظاهرون ضد الرئيس «ديني ساسو نجيسو».. أطلقت الشرطة طلقات تحذيرية للمتظاهرين الذيين وصل عددهم للآلاف، لكن طلقاتهم لم تمنع اقتحام مراكز الشرطة في جنوب العاصمة؛ وفقا لـ«رويترز».

لكن الحكومة أجرت استفتاء شعبيا على هذه التعديلات وصلت فيه نسبة الموافقة إلى 92%، واتهتمتها المعارضة بالتلاعب في نتائج الاستفتاء.

وكما احتج الشعب في المظاهرات اعتراضا على تعديل الدستور، فهناك من احتفل بفور «ساسو» بفترة حكم ثالثة

الإكوادور.. رئيس لا يرشح نفسه

وفي العام نفسه كانت حكومة الإكوادور تسعى لإجراء استفتاء لفتح عدد مرات الترشح أمام الرئيس «رفائيل كوريا».

وبمجرد إعلان الجمعية الوطنية في الإكوادور عن موافقتها على إجراء الاستفتاء، تجمع المتظاهرون أمام مبنى الجمعية واشتبكوا مع قوات الشرطة هناك.

رئيس الإكوادور الذي قاد هذا الاستفتاء، قال إنه «لا ينوي الترشح لفترة رئاسية أخرى مع العام 2017، فالشعب هو الذي سيحكم» كما تنقل عنه شبكة «بي بي سي».

تقول صحيفة الـ«جارديان» البريطانية أن المحللون رأوا أن الرئيس يحاول بهذه الكلمات استرضاء الشعب، بعد أن تصاعد الغضب ضد حكومته التي واجهت الأزمة الاقتصادية بفرض ضرائب جديدة.

لكن «كوريا» ورغم إقرار هذه التعديلات الدستورية، لكنه لم يترشح لفترة أخرى.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال