رئيس التحرير أحمد متولي
 بعد «السعودية بقرة سنذبحها».. لماذا تغير موقف «ترامب» من المملكة؟

بعد «السعودية بقرة سنذبحها».. لماذا تغير موقف «ترامب» من المملكة؟

تغيّر موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كثيرا من السعودية، بعد زيارته الأخيرة لعقد القمة الأمريكية الخليجية.

فبعد أن كان يهاجم السعودية ويتهمها بتمويل الإرهاب، ويتخذ من عداوتها وسيلة لاستمالة الشعب الأمريكي خلال الانتخابات، يعود ويعقد معها اتفاقيات عسكرية واقتصادية بمئات مليارات الدولارات.

ترامب والسعودية قبل القمة الخليجية الأمريكية

  • يهدد السعودية بمقاطعة النفط

عندما كان «ترامب» لا يزال مرشحا محتملا للرئاسة الأمريكية، هدد بوقف استيراد البترول من السعودية؛ وذلك في حواره مع الـ«نيويورك تايمز».

وقال «ترامب» أنه حتى يستمر في شراء النفط من السعودية، فعليها أن ترسل قوات لمحاربة تنظيم «داعش» أو أن تدفع للقوات الأمريكية أموالا لمحاربة التنظيم.

أثارت التصريحات جوًا من التوتر بين البلدين؛ فقد علق وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، خالد الفالح، بأن هذه التصريحات ستضر بالاقتصاد الأمريكي نفسه الذي يعتمد على النفط.

  • السعودية بقرة سنذبحها

«السعودية بقرة ومتى جف حليبها سنذبحها».. هذه  التصريحات الحادة صدرت أيضا من الرئيس الأمريكي خلال فترة الانتخابات.

وقال «ترامب» أن «السعودية بقرة تُدر ذهبا ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، كبديل عن الحماية التي تقدمها لهم الولايات المتحدة الأمريكية داخليا وخارجيا، ونظير استمرار آل سعود في الحكم، ومتى جف ضرع هذه البقرة ولم تعد تعطي الذهب والدولارات فسنذبحها أو نساعد مجموعة أخرى على ذبحها».

  • نشر الإرهاب

وفي حوار تليفزيوني مع قناة «إن بي سي» حمّل الرئيس الأمريكي السعودية مسئولية انتشار الإرهاب والوحشية في العالم، مُلمحًا لتنظيم داعش.

وقال «ترامب» أن «الجماعات الوهابية هي المسئولة عن نشر الظلام والوحشية في العالم وذبح الإنسان وتدمير الحياة، ولا مكان لها إلا تحت رعاية السعودية».

  • يطالب السعودية بدفع المال مقابل الحماية

«السعودية لا تتعامل معنا بعدالة، لأن واشنطن تخسر كما هائلا من المال مقابل الدفاع عن المملكة».. هكذا نقلت وكالة «رويترز» عن «ترامب» في مقابلة معها.

وعلقت شبكة «بي بي سي» بأن السعودية وأمريكا تربطهم علاقات تمتد لعقود تعتمد على تبادل النفط مع السعودية مقابل الأمن الأمريكي، لكن هذه العلاقات توترت خلال فترة  الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما».

ووصف «ترامب» هذه الاتفاقية بأنها تصب في صالح الرياض فقط.

ويطالب الرئيس الأمريكي السعودية بدفع ثلاثة أرباع ثروتها للولايات المتحدة نظير الحماية من هذا التنظيم وغيره من التهديدات الداخلية والخارجية.

«نحن تكبدنا الكثير من المصاريف وفي النهاية لم نحصل على شيء.. السعودية يجب أن تدفع لنا لأنها ستكون في ورطة كبيرة بسبب داعش، الذي سينقلب عليها في النهاية».

ويضيف «السبب الرئيسي لدعمنا للسعودية في السابق هو حاجتنا إلى النفط، ولكننا لم نعد لحاجة إليه الآن ويمكننا أن نترك الآخرين يتصارعون حوله» وفقا لـ«سي إن إن».

موقف ترامب من السعودية بعد الزيارة الأخيرة

  • الزيارة فرصة للتسامح الديني

اتهام الرئيس الامريكي للسعودية بدعمها للإرهاب، يختلف تماما جذريا مع موقف «ميلانا ترامب» زوجة الرئيس الأمريكي، التي اختارت ارتداء ملابس تتناسب مع التقاليد السعودية، خلال زيارتها أمس، والتي استبدلتها بمبابسها القصيرة في الطائرة.


الشيء نفسه فعلته «إيفانكا» ابنه ترامب، وكتبت على حسابها بـ«فيس بوك» أن هذه الزيارة فرصة لنشر التسامح الديني.

 

  • تعاون اقتصادي مع السعودية

التصريحات التي تطالب السعودية بدفع المال لأمريكا تتناقض كثيرا مع حجم الاستثمارات التي تمت بين الرئيس الأمريكي والسعودية في زيارة أمس الموافق 20 مايو.

فقد قدرت قيمة الاستثمارات ككل بقيمة تزيد عن 350 مليار دولار، منها 110 مليار دولار للاتفاقيات العسكرية، و250 مليار دولار للاتفاقيات الاقتصادية، مع توفير الكثير من الوظائف للطريفين.

ومنحت السعودية تراخيص الاستثمار لـ23 شركة من كبرى الشركات الأمريكية، في مجال الكهرباء والرعاية الصحية والغاز والنفط والتعدين والنقل الجوي.

  • تعاون عسكري بين البلدين

وبعد أن كان ترامب يتهم السعودية بتقديم العون للتنظيمات الإرهابية، فإن حجم الاتفاقيات العسكرية التي بلغت 110 مليارات دولار تعطينا فكرة واضحة عن التعاون العسكري بين البلدين في المستقبل.

هذه الاتفاقيات من بينها صفقات بيع للأسلحة الأمريكية للسعودية، واتفاقيات تعاون دفاعي.

يقول وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تريلسون، في مؤتمر صحفي: «نحن ننسق عن قرب جهودنا لمكافحة دعم إيران للمقاتلين الأجانب والمليشيات الموجودة في اليمن والعراق وسوريا».

  • السعودية وأمريكا يتعاونان لمحاربة الإرهاب

زيارة «ترامب» للسعودية كانت مجرد البداية لقعد قمة خليجية مع 55 دولة، اليوم الأحد، لبحث سبل مكافحا الإرهاب عالميا، وتوقيع شراكات أمنية مع هذه الدول.. بعد أن كان الرئيس الأمريكي يتهم السعودية بأنها راعية الإرهاب وتنظيم داعش.

استقبال حافل من السعودية لـ«ترامب»

التغيير المفاجئ في موقف الرئيس الأمريكي، صاحبه تغير في موقف المملكة السعودية، التي استقبلت «ترامب» استقبالا حافلا.

وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير إنه يوم تاريخي للعلاقات السعودية الأمريكية.


لقد وصف «ترامب» اليوم الأول للزيارة بأنه «يوم رائع».. وقال: «حصدنا فيه الدولارات.. والاستثمارات في الولايات المتحدة.. والكثير من الوظائف.. الوظائف.. الوظائف».

الهدف من زيارة «ترامب» للسعودية

  • ماذا تقول الصحف الأجنبية؟

«أعتقد أن الإسلام يكرهنا».. «أنا أحب السعوديين لأنهم كالمعاتيه يشترون العقارات التي أبنيها».. تصريحات مستفزة في حق البلاد الإسلامية بصفة عامة والسعودية بصفة خاصة ترصدها الصحف الأجنبية بنفسها لترامب.

وتعلق صحيفة مثل «الإندبندنت» البريطانية بأن الهدف الحقيقي وراء زيارة ترامب للسعودية هو لشحن الشرق الأوسط بمباركة إسرائيل ضد إيران؛ وإعدادهم للحرب معها.

ويقول الصحفي «روبيرت فيسك» في مقاله بـ«الإندبندنت» أن حديث ترامب الدائم عن محاربة الإرهاب، سوف يؤدي إلى تحميل إيران مسئولية التنظيمات المتطرفة.. خصوصا وأن السعودية قد انزلقت بسهولة في حربها لليمن، اعتقادا منها أنها تحارب أذرع إيران في اليمن.

  • إعادة الدور الأمريكي للمنطقة 

زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية، ثم زيارته لإسرائيل بعد ذلك، تقول أن الولايات المتحدة تريد أن تعلن عن عودتها لدورها السابق في الشرق الأوسط، بعد أن انحسر الدور الأمريكي في المنطقة، في الأربع سنوات الأخيرة؛ وبالتحديد في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما».. وذلك وفقا لرئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور وحيد عبد المجيد.

تريد الولايات المتحدة بإعادة صياغة دورها في المنطقة، وفقا لسياستها الجديدة، كما يقول رئيس تحرير مجلة «السياسة الدولية» السابق في حديثه لـ«شبابيك».

ومن ضمن هذه السياسات الجديدة حشد دول الخليج ضد إيران، لحسر التمدد الإيراني في المنطقة والذي أهملته إدارة أوباما.

ولكن «عبد المجيد» يقول إنه ليس متوقعا من هذه الزيارة أكثر من إبراز دور الولايات المتحدة وإعادتها إلى الأضواء مرة أخرى، وهذا سيتعبه سياسيات تقلص من الدور الإيراني تدريجيا، فهو يحتاج لوسائل أكثر من مجرد هذه الزيارة، تتمثل في قرارات الكونجرس ووزارة الدفاع الأمريكي، وغيرها من المؤسسات التي تحكم الولايات المتحدة؛ فهي التي ستحدد كيفية التعامل مع إيران.

  • هل يوجد حقا حرب على الإرهاب؟

يجيب «عبد المجيد» عن هذا التساؤل بالنفي.. قائلا: «الحرب على الإرهاب وعلى داعش تحديدا مستمرة منذ سنوات، ولا أرى أن هذه الزيارة قد تقدم أي جديد في هذا الشأن».

ويعقد الرئيس الأمريكي خلال زيارته للسعودية قمة عربية أمريكية تشارك فيها 55 دولة من الدول العربية والإسلامية، بينهم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.. وهناك تسريبات لخطاب ترامب، تقول أنه يريد تشكيل تحالف من هذه الدول لمواجهة التطرف الديني.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال