رئيس التحرير أحمد متولي
 نهى حمدي تكتب: «مصريًا ولكني متفزلكًا»

نهى حمدي تكتب: «مصريًا ولكني متفزلكًا»

كثيرًا ما تسائل هل من العيب أن اقول على شئ لا اعلمه «سوري مش عارف» أم لا بد أن أصدر إفتاء واتحدث عن أشياء لا اعرف مدى صحتها كباقي المواطنين الشرفاء والمتحدثين باسم كل شئ في تلك البلد العظيمة مصر؟، هل هذا شئ مخزي ؟!

فأبسط الأمور تنعقد لها مجالس شياخية وتبدأ «الفزلكة» بجميع أشكالها وألوانها بداية من كرة القدم والدين والأمور الاجتماعية تختتم بالسياسة التي تكون النقطة الفاصلة لنهاية الحوار والجلسة بأكملها بخناق الطرفين المتشبثين بأرائهم المعتمدة على مبدأ أساسي وهو «اصلي سمعت فلان بيقول كذا »، ويرد الطرف الثاني «لا فلان انا سمعته بيقول عكس الكلام اللي انت قولته خالص» ومن هنا تبدأ الخناقة يا سادة صراع اللامعرفة المتنهية التي تسبب من المشكلات والقطيعة بين أفراد العائلة الواحدة، و الأصدقاء.

أذكر ذات مرة أن إحدى صديقتي دخلت في نقاش سياسي من العيار الثقيل مع صديقة لها أعقاب ثورة يناير وكان كلتهما متبنيتًا لوجهة نظر مخالفة للأخرى احتدم النقاش إلى أن وصل لطرد الصديقة لصديقتها من المنزل؛ كان أمر بالنسبة لي صادم إلى حد بعيد هل نقاش لم يثمر عن أي شئ  كانت حجته هو أن هذه تملك معلوماتها من السمع فقط ولما يدور ومن ثم بدأت في نوع من الفزلكة وتلك أيضًا فعلت مافعلته الأخرى ولكن مع ما يتناسب مع موقفها دون البحث عن حقيقة الأمر، ربما يكون موقف وانتهى ولكنه يكشف لنا عن الوضع المؤسف لثقافة الشعب ودرجة وعيه وعدم تقبله لرأي الأخر في سبيل أن يحافظ على «فزلكته بشياكة».

فالنوع الأخر من الفزلكة هي فزلكة الشارع وأبرزهم السؤال الجميل الذي تتلقاه عندما تكون تائهًا «هو قالك فين يا باشا؟»، إذا كنت أنا تائهة وبسأل يا أستاذ هل هذا السؤال من ضمن المنطق أو يقرب له؟، لا أعلم ولكني ما أعلمه إن« مبروك عليك التوهان في شوارع المحروسة»، لتاخذ التاكسي لينقذك من هذه الورطة لتتلقى الصدمة الأخرى بعد أن وافق التاكسي يأخذك إلى حيث تريد ومن المفترض أنه يعلم المكان الذي تود ان تذهب إليه، ليكن رده « ايوة يا انسة هنمشي ازاي بقى» هذا بالضبط ما حدث معي عندما توهت بشوارع المعادي لأركب التاكسي ليدلني عما تهت أنا عنه، ليكتمل « الطين بله» ونطوف سويًا نسأل المارةعن شارع 77 لمدة ساعة لأكتشف أن السائق كان يدور حول الشارع وبداخله أكثر من 10 مرات وكل مرة يكرر أن هذا الشارع ليس هو الشارع المقصود، لتنتهي تلك المعركة في أن أنزل من التاكسي لا اعلم بماذا أرد أو اقول، ولكن هذا كان نتاج طبيعي للفزلكة من السائق ومن فاعلين الخير الذين كان لهم نصيب الأسد من هذه التوهه.

أما الفزلكة التي لا تقبل منافس على الإطلاق هي فزلكة كبار السن في مستقبلك، فإذا وضعك القدر في هذا الموقف وجلست مع رجل كبير «خارج على المعاش» بالمعنى الأدق، هيئ اذنك جيدًا فهذا الرجل الذي ربما يكون بعيدًا كل البعد عن عالمك ودراستك وعملك سيفرغ ما عاشه في الـ 60 أو 70 عامًا في تلك الأذن، وتبدأ من هنا الفزلكة لإحساسه بأنه رأى من الدنيا ما رأى ووكل هذا تأشيرة تنظير على مستقبلك دون رأي منك على الإطلاق .

أن البصر يسبق السمع بكل معدلات الفيزياء والطبيعة فنحن نرى البرق قبل أن نسمع صوت الرعد، ووهبنا الله العقل لنفكر به قبل أن تخرج من أفواهنا كلمة قد تؤدي إلى كارثة تدمر جميع الأطراف، وأخيرًا ما أود أن اقوله بعد فزلكتي الطويلة أن الرسول عليه صلوات الله قال في حديثه «إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك نفسك»، ونتذكر ايضًا أن من قال لا فقد افتى، أما لكبار السن فأنتم عشتم أيامكم فتركوا لنا أيامنا نعيشها دون تنظير وفزلكة جار عليها الزمان.

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر