رئيس التحرير أحمد متولي
 محمد فتي يكتب: «كاريير شيفت»

محمد فتي يكتب: «كاريير شيفت»

عمري ما تخيلت أني ممكن كل يوم أنا وأصحي أعمل اللى بعمله كل يوم، أروح نفس الشغل، أخلص نفس المطلوب مني، لحد ما أصحي يوم ألاقي عندي 60 سنة وأستريح بقه، كأنك بالظبط بتتعامل مع حياتك من منطلق "حياة وتعدى"، عارف لما يبقه يومك مش حلو وتقول أهو يوم ويعدي، أو فترة وتعدي، أزاي بقه أتعامل مع حياتي على أنها "حياة وتعدي"؟!! أنتوا متخيلين؟

ويمكن ده كان السبب في أني عملت 3 كاريير شيفت وأنا لسه في التلاتين، ولسه ناوي لما أنجح المرادي كمان مخطط لأنا عايز أعمل أيه في الأربعين والخمسين، وأتمنى أن المقال ده يبقي دليل للناس اللى بتفكر تعمل كاريير شيفت وخايفة

وأحنا صغيرين كنا دايما نتسأل «نفسك تطلع أيه لما تكبر؟» وهي دى الخدعة، أحنا صدقنا أننا كبرنا لما هما بطلوا يسألونا، أو بصيغة تانية، أحنا بطلنا نحلم أننا نكون حاجة لما صدقنا أننا كبرنا.

في البداية كنت طبيب أسنان، يمكن مش حلمي، يمكن كنت بحاول أحقق اللى أهلي بيحلموا به زي أى حد، ويمكن أكون استخسرت مجموعي في الثانوية العامة، المهم، أني صحيت في العشرينات لاقيتني دكتور أسنان، كاريير ناس كتير جدا ممكن تحلم بيه..

مش هنكر أني لما قررت فجأة أني أغير الكاريير وقتها اللى حواليا ما اعترضوش، كانوا خايفين بس كانوا واثقين فيا، ودى أول حاجة دايما اللى بيحاول يعمل كاريير شيفت بيواجهها، رفض اللى حواليه، اللى ممكن يخليك تخاف، ليه تسيب حاجة مضمونة وتبتدى من الصفر في حاجة جديدة؟

 أنت نفسك بتسأل نفسك

«هو أنا لسه عندي طاقة لأني أبدأ من جديد؟»

 الخوف من الفشل، وده مش عشان أنت مش هتتقبل الفشل على قد ما أنت خايف من نظرة اللى حواليك ليك ساعتها وأنت شايف في عيونهم نظرة انتصار بتقولك

«ما أحنا قلنالك من الأول»

 كمان هيجي وقت تحس فيه أنهم بيتمنوا فشلك عشان بس يثبتوا أنهم كانوا صح، وده ليه جانب أخر أنك باللى بتعمله بتهدد سلامهم النفسي، بتهدد نظرية "ما هى كل الناس عايشة" اللى بيعزوا بيها نفسهم،

والصراحة بعتبر نفسي كنت محظظ أني ما واجهتش المشكلة دى في المرة الأولى، وإن كنت بواجهها حاليا في المرة التانية

السؤال اللى كتير جدا بتسأله من الناس المقدمة على كاريير شيفت: طب والمسئوليات اللى وراك؟

وصدقوني بتتقضي، لو معاك حد مصدق فيك ومؤمن باللى أنت بتعمله هتتقضي وهتعدي، أما لو مكنش عندك الشخص ده فربنا يكون في عونك

السؤال التاني: أيه هي أصعب مرحلة الموضوع نفسه؟ أوله و لا نصه و لا أخره؟

وخليني أفاجائكم أن الأخر هو الأصعب، تخيل نفسك في ماراثون مشي ومطلوب منك تمشي مثلا 10 كيلو، البداية دايما لو أنت عندك الحماس الكافي هتتخطاها، أما المنتصف ففي الغالب هتلاقي نفسك بتكمل عشان مستخسر ترجع بعد ما وصلت للنقطة دى، لكن قبل النهاية هي المشكلة، لما تبقى تعبت، مش قادر تمشي خطوة كمان، النهاية خلاص قدامك وهتوصل بس أنت مش قادر، هي دي أصعب مرحلة في الطريق كله

في المرة الأولي لما قررت أسيب طب الأسنان واتجهت للدعاية احتجت 3 شهور لحد ما أحقق نجاح، ودلوقتي بعتبر ده كان نوع تاني من الحظ أني أقدر انجح في فترة بسيطة كده، كورس ماركتنج على كورس مهارات البيع مع وجود الموهبة وهوب بعد سنتين كنت محقق مركز مرموق جدا في الشركة اللى بشتغل فيها وبكسب فلوس أي حد ممكن يحلم بنصها، وداخل على ترقية وبكبر في الشركة دي وجايلي عروض من شركات تانية وهوب، قررت أن كفاية كده وسافرت، ورجعت من السفر وأنا مقرر أني عايز أبدأ مجال جديد، والمرادي محصلش زى ما حصل قبل كده لأسباب كتير

أولا: إحساسك بأن طاقتك بتقل كل ما بتتقدم في العمر، ده حقيقي جدا، القرار المرة دي  مش بنفس سهولة قبل كده

ثانيا: دعم اللى حواليك بيقل وبتسمع كلام من عينة، أنت كبرت، اللى وصلتله ممكن ما تعرفش تعمله تاني، طب ليه سايب المضمون؟، لو كان الكلام ده في المرة الأولي على استحياء فهو في المرة التانية بيبقي أعلى وفي التالتة بيبقي صريخ وخناق

ثالثا: لأن النجاح نفسه بقي صعب، الحياة نفسها بتبقي أصعب واللى كان ممكن تعمله من 5 سنين من غير ما تفكر بقي يتحسبله ألف حساب

رابعا: يمكن لأن كمان كل ما بنكبر مسئولياتنا بتزيد ولو كنت أول مرة بطولك فتاني مرة أنت معاك طفل وتالت مرة الطفل بيبقه اتنين واللى كان كل مصاريفه أكل وهدوم بيبقه داخل مدرسة

ولكن

هل كل ده يستحق أننا ما نعملش اللى أحنا عايزينه؟ أننا نراهن ونخاطر ونجرب؟ أننا نحس بالنجاح مهما وقعنا مرة واتنين وتلاتة؟ مش هي دي الحياة؟

 

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر