رئيس التحرير أحمد متولي
 أمينة محمد تكتب: والله سأخبر أمي.. إنها مجرد طبلة صغيرة!

أمينة محمد تكتب: والله سأخبر أمي.. إنها مجرد طبلة صغيرة!

لا شيء أسوأ من أن يُرد على البراءة بالعنف! ولا شيء أسوأ من أن تكون ضعيف لا يمكنك أن تحمي نفسك من الأوغاد!

لا يمكنني أن أنسى موقفان حدثا معي في المدرسة الابتدائية .

الأول عندما ضربني أحد المعلمين بشدة مستخدما مسطرة الرياضيات الخشبية الكبيرة، لا أذكر لما ضربني بالتحديد، ولكني من أثر الضرب بكيت بشدة مرددة بهذا التهديد الطفولي بأني سأخبر أمي!!!، ولكن بعد جملتي تلك أنهال على بالضرب أكثر، وعندما حاولت زميلتي مواساتي ضربها مرتين تخويفا للباقين من أن يظهروا أي تعاطف معي، ومتوعدا أياهم!! وما أن انصرف من الفصل هم الجميع بمواساتي مندهشين حزينين بذلك التصرف حتى أن ابنته كانت منهن كانت خجلة تواسي باستحياء .

سألت نفسي حينها بطفولية، هل يكره أمي!؟ بالتأكيد لا، انه لا يعرفها حتى، أم هل لأنه من دين آخر!؟ وهذا سؤال طفولي أيضا .

لكن ما أتذكره جيداٌ انه في كل مرة كنت آراه في المدرسة أو بخارجها كنت أتعمد أن أنظر لعينيه بكل قوة وغضب، كأنني أقول لست خائفة انت من يجب أن يخاف، لألمح في النهاية نظرة الانكسار أمام طفلة قلل من شأنه بعنفه غير المبرر تجاهها.

كنت مجرد طفلة صغيرة لتوها انفصلت عن امها وذهبت للمدرسة وكان هو وغد كبير. اذن لماذا تعرضت لهذا؟ ؟ لاني كنت نموذج مثالي للضحية، كنت بريئة وبسيطة، وما كان يمكنني أبداً أن أخبر أمي!

أما الثاني عندما ذهبت للمدرسة ومعي طبلة صغيرة ، كانت جميلة لدرجة جعلتني لا أتردد ثانية بجلبها للمدرسة لأزهو بها، وفي الفسحة أخرجتها من حقيبتي لألهو بها مع زميلاتي منبهرين بها وسعداء. ولكن عندما رآني معلم اللغة الإنجليزية ولمح في يدي تلك الطبلة ناداني فورا مشيراٌ بغضب أن أسبقه للفصل، كسرالطبلة وضربني بالعصا كثيرا، مردداٌ بأشياء مثل ؛ كيف اجلب طبلة للمدرسة؟ وماذا أن رآني الناظر فسوف يكون له تصرف آخر!؟ وانه يضربني لمصلحتي! وبضربه هذا يجنبني العقاب الذي لا يمكن أن اتخيله! ومنعني من استكمال الفسحة فارضاً على أن أبقى بالفصل! أسمع أقراني يمرحون أثناء الفسحة وأنا حبيسة الفصل بسبب جريمتي الكبرى ألا وهي اصطحاب طبلة صغيرة للمدرسة! تخيل معي طفلة صغيرة تكسر لعبتها وتعاقب على شيء بشدة وهي لا تفهم لماذا! حينها كل ما دار بذهني هو ما الذي سيغضب الناظر كثيرا من مجرد طبلة صغيرة؟ وان كان الامر كذلك لم أسبوعيا نحضر حصة تربية موسيقية!!؟ وطوال حياتي أبحث عن إجابة هل كان يحميني بزعمه؟ أم انه مجرد وغد آخر.

 كان هذا المعلم شابا ثلاثينيا مغروراٌ، أسلوبه غير مألوف لدينا، يتصرف بغرابة متباهياَ بنفسه، كثيرا ما يلقي نكات سخيفة كنا لا نفهمها.

ونعم لم أخف من شيء وقتها غير أن يسألني أحد اخوتي أين الطبلة!؟

 وبالتأكيد هذا العنف لم يكن غيرصورة ما تعبر بشكل غير مباشر عن كبت ما بداخله!

عندما تحدثت مع صديقة لي عن تلك المواقف المؤسفة، معتقدة بانني الوحيدة التي تعرضت لهذا، فاجأتني بجملتها " متقلبيش المواجع " واكملت حديثها بسرد أحداث ومواقف أشد ألما!!

كيف للكثيرين أن لا ينسىون ما حدث لهم أثناء المرحلة الابتدائية؟ تمر السنوات ونحن في محاولة فهم لماذا؟

أشارت العديد من الابحاث أن الأكثر عرضة للعنف من الأطفال هم الذين يخافون أن يخبروا والديهم بالذي يحدث لهم، ويمكن للجاني الذي للاسف هنا هو " معلم " أن يلمح هذا في عين الطالب، تلك العين التي تفصح بكل براءة أنه بالتأكيد لن يخبر أمه!!، وهذا بالتأكيد أحد الأسباب العديدة وليس السبب الوحيد.

 

 

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر