رئيس التحرير أحمد متولي
 بسمة محمد تكتب: حين تصبح الرذيلة فضيلة

بسمة محمد تكتب: حين تصبح الرذيلة فضيلة

يسعى العديد من البشر لارتداء قناع الفضيلة زيفاً ليُجَمِّل قُبحَ داخِله، حيث أصبحت سلعةً رائجة لكل من أراد ممارسة الرذائل دون قيد خلف سِتارها، ولم ينتج هذا الزيف سوى من المجتمعات التي طغت بحق أنفسها وارتكبت أبشع الجرائم لتحمي قبح معتقداتها.

لقد تفشت الرذائل في كل بقعة وأصبحت تُلقن أمام نظر الجميع غير أن هذا مباح بشكل تام، وإن كنا نبحث عن السبب فهو ليس بشيء سوانا والمجتمع الذي رضينا بتواجده وتواجدنا فيه.

فتلك المجتمعات التي تدعي احتضانها الفضيلة تؤمن بأحقية ارتكاب الأخطاء للذكور دون الإناث، فالفعل والخلق المشين يبقى مشينًا إلى أن يقع في ارتكابه أحد الذكور وحينها فقط سيجدون له ما يكفي من الأعذار لتبريره.

ومن الفضيلة اعتزال الفتاة كلَّ ما يُمَكِنُها من الرضا عن ذاتها ،لأن «هو» جبان بالقدر الذي يجعل من نجاحها أكبر مخاوفه وكوابيسه، الفضيلة أن تتخلى الزوجة عن كرامتهما في سبيل الحفاظ على علاقة عائلية زائفة لا قيمة لها . فتتحول الفضائل إلى قوانين وطقوس تُمارس بعد تشويه ما تكنه النفس.

أليس القتل وتجريم البريء من الرذائل؟.. في تلك المدن الفاضلة يُستباح قتل الأرواح، حيث تتم إبادة الأحلام، جهودك ليست بشيء ذو أهمية، ونفوذك هو الذي يحدد استحقاقك لأي شيء وبأي ثمن.

المجرم في المجتمع الفاضل ليس سوى شخص أراد أن يشعر بإختلافه، دون نبذه في محاولة منهم لقتل تميزه ومن ثم احتضانه مع أولئك الكثيرين، من لا هوية لهم مع ضحايا أنفسهم لأن لا مكان لروحه الواسعة بين نفوس ضيقه.

نحن نرتكب الرذيلة حين نُقر بالاستسلام بديلًا مريحًا عن العراك، نرتكبها حين نتجاهل الصوت الذي ينادي نحو الطريق إلى الذات، مُفَضِّلين العيش ببقايا جثة لروح، وارتياد الطرق التي لا تخالف القطيع.

يقول فرناندو بيسوا : )الرذيلة الوحيدة السوداء هي أن تفعل ما يفعله جميع الناس (، فالانصياع لمفهوم تلك المجتمعات الزائفة عن الفضيلة، ليس سوى رذيلة، ستعاقب عليها من النفس التي تعتريك ومن الخالق الذي بعثها داخلك.

فالفضيلة في رأيي تكمن في إرضاء روحك بكل رغبتها في السعي لتحقيق السعادة، هي البحث عن بصيص من النور وسط مستنقعات الظلام، هي الإدراك بأننا لا نستطيع الحياة إلا للآخرين، وأسباب الحياة ستنعدم بالتوقف عن مساعدة من يتخبطون، نواجه تلك الروح التي تقطن في داخلنا وإن كان هناك جزء لم يشوه من فطرتها، حينها سندرك بأننا قطعًا لا نريد الحياة بهوية الشخص الفاضل في أعين من جردو الفضيلة من المعنى .

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر