رئيس التحرير أحمد متولي
 مها محمود إمبابي تكتب: غربة!

مها محمود إمبابي تكتب: غربة!

( 1 )

الغضب يتملكني، أشعر أنني لم أعد المتحكم الأساسي في تفكيري ولم أصل حتى لدور الثانوي، أعيد التفكير في كم المبادئ والقرارات التي أخذت في تميعها، كيف يمكن لمنشور قصير منمق الأسلوب، مقنع الحجة أن يجعلني أتشتت! كيف يمكن لمجموعة من الحروف أن ترغمني على طرح أسئلة لو جاهرت بها لأعلن من حولي كفري؟

(2)

  كيف نتقبل الحكم بالمساواة في الميراث خلافاً لما هو منصوص؟

 بحماسة كبيرة سارعت بنشر منشور متين الحجج يبين عدل الشريعة في التوزيع، ثم فجأة انطفأت هذه الشعلة ...ماذا حدث ؟!

 منشور منمق آخر ربط بين عدل القانون الجديد والقصص التي عايشت في من حولي صدقها، تلك القصص التي توضح كما عاني الكثير من النسوة جراء هذا العائل الذي لم يسأل عنهم بعد انتهاء توزيع الميراث وتلك التي لم تنم إثر خوفها علي بناتها من بطش الأعمام إذا توفى الأب.

(3 )

صورة لفتاة جميلة الوجه تقع خصلات شعرها علي عينيها مألوفة الملامح تشبه كثيرا تلك التي...

ماذا؟! لا لم تخلع الحجاب.. لا لا يمكن بالطبع، أنتم تمزحون! كانت تدافع عنه كثيرا في هوجة الجدال عن حكم ارتدائه من عدمه.. لو كانت تريد ذلك لفعلتها وقتها... أحقاً فعلت هذا؟ .... كانت تردد نفس قناعاتي وربما بثقة أكبر ... هل انا ....

هل انا حقاً في مأمن من هذا التغير ؟!

(4)

أقبض علي جهاز التحكم بعصبية، من وضع هذا الشخص أمام الشاشات وأعطي له منبرا إعلامياً ليتحدث بكل هذه الفظاظة والغطرسة، أراه يسب التابعين أكثر مما ينقد أفكارهم، يوشك أن يهدم منهج التفكير النقدي بطريقته هذا، ومع ذلك لقد أثار هذا التفسير الذي لم افهمه أبدا وكان مقنعاً .... ماذا؟ لقد صادف هواي في هذه النقطة بماذا سيصادف المرة القادمة ؟

 (5)

 ها انا ذا تلهب حماستي من جديد شيخ جميل اللسان حلو الأسلوب مغمور الصيت.. يرد بان العيب في التطبيق لا الحكم الإلهي.. يشرح أصل هذا التفسير ومعنى هذا الحديث.. يعرض أمثلة لما يطرح ع الساحة .. أنتظر كتابته بكل ظمأ .. ظمأ لهذا الترياق من العلم الذي سيريح عقلي من تلك التساؤلات الخبيثة، ولكن عند انتظاره يصادفني هذه الفتوى الجدلية بنكاح البهائم أو هذه الإجابة الجنسية الخاصة بأحد الشيوخ... أطالع التعليقات فأجد هذا وذاك يسب في الشيوخ... أري هذا الخيط بين توقيرهم وعدم الثقة فيهم بدأ في تلاشي جراء هذه التصريحات الجدلية المتكررة.. يصلني إشعار بان هذا الشيخ الذي أنتظره قد نشر أخيرا.. أقف مع نفسي لدقائق مشتتة .. ثم أتجاهل المنشور.

( 6)

أخشى عليك بدأت أشعر أنك تتحدثين كما العلمانين.. بتلك الكلمات واجهتني أحدهم عند سؤالي عن إحدى الأمور الدينية، لم تكن المرة الأولى.. بدأ الأمر يرهبني في كل مرة أردت السؤال عن شيء يتهمني البعض إنني تحت تأثير هذا وذاك ربما يجب أن أتدبر القرآن وسأصل للإجابات وحدي..

لكن من سيشرحه لي أتذكر المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلي محفظ قرآن وطلبت منه شرح الآيات قبل تحفظيها لي أجاب بأنه لو فعل هذا مع كل فرد فلن يتاح الوقت ... تركت الدرس في اليوم التالي.

(7 )

لا أذكر المرة الأخيرة التي تفحصت فيه كتاب ديني، ربما أتحجج كل مرة بذلك الكتاب الذي لم أفهم من لغته شيء فحكمت على كل من شبه في هذه الفئة... لم أحاول البحث حتى علي غيره مبسط الطريقة واللغة.

لم أذهب لشيخ آخر يساعدني في فهم القرآن ولم أحاول التفكير مرة في التساؤلات التي تشغلني بعدما طالبني غيري بالسكوت، لم أتوصل لتلك الإجابات التي توصل لها الشيخ الحكيم رغم إنها بسيطة ومنطقيه... لقد انتظرت إجابته فقط ولم أهلك نفسي بالتفكير.

أفكر كثيراً هل الإسلام عاد غريبا؟ هل هذا هو الزمن المقصود من الحديث.. أم نحن من أصبحنا غرباء ... كل هذه المثيرات والأحداث المحيطة بنا التي تدفعنا بكل قوة لعدم التفكير... تلك الأصوات التي ترهبنا حتى من أن نعرف الله حق المعرفة.. تلك الأصوات التي تخشي علينا أن نصل إلي طريق الله بغير هداهم...أسلوبهم المنمق ..ضعف ثقافتنا الدينية .. امتلاكهم للحجج وقوة البيان يجعلنا ضعفاء أمامهم فنستسلم .. لم نعد نفكر.. بل الأكثر بشاعة أننا لم نعد نتعلم أو نفقه شيء عن دينيا فأصبحنا صلصال يشكل تبع لأهواء هذا وذاك.

مشتتة أنا كثيرا ومازالت.. أظنه نتاجاً طبيعيا لبعدي عن أولي أوامري الالهية بأن اتدبر واتعلم.. ربما تلك الحالة من الجهل عقابا لاذع لسكوني وكسلي.. عقابا مر يمنعني من تذوق حلاوة الايمان

لا ليس الاسلام غريباً.. انا الغريبة لا هو.. جيلي ايضاً غريب لا هو.. لم نعد نعي أي شئ عن دنينا ....نحن الغرباء لا هو.

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر