رئيس التحرير أحمد متولي
 الصراحة بين الزوجين ليست دائما راحة.. هي دي أصول الحوار المفتوح بين الراجل ومراته

الصراحة بين الزوجين ليست دائما راحة.. هي دي أصول الحوار المفتوح بين الراجل ومراته

يعيش منصور (اسم مستعار) -طبيب مصري- حياة زوجية مستقرة، والتفاهم متبادل مع شريكة حياته لأقصى حد، لكنه لا يسلم في عمله من بعض الإغراءات، واعتادت إحدى زميلاته أن تتباسط في الحديث، وبحكم الزمالة والذوق كان يجيبها ويبتسم بقدر المستطاع، لكن الأمر لم يقتصر على هذا فقط.

أرادت هذه الزميلة التمادي أكثر، فأرسلت له على الهاتف رسائل مشينة، تتضمن عبارات حب صريحة وصور حميمة، ولم يعرف «منصور» ما العمل، لكنه بحكم الشفافية والصراحة مع زوجته، عرض عليها الرسائل ببساطة، وهنا انفتح باب الجحيم على عش الزواج الهادئ.

الزوجة لم تتقبل الأمر إطلاقًا كأن زوجها هو المخطئ، وعرف فيما بعد أنها حدّثت زميلته إياها على الهاتف وهددتها، كما أنها أصبحت تشك فيه وتدقق في كل شيء وتفتعل المشاكل، ووصل الأمر في النهاية إلى الطلاق.

يقول «منصور»: «عرفت من ساعتها إن الصراحة متنفعش غير مع الصاحب، لكن الزوجة هتحكم عليك وتفتش في ضميرك، حتى لو كنت مظلوم».

صراحة مدمرة أخرى

صورة ذات صلة

تحكي «سمية» (اسم مستعار) عن الصراحة المفرطة مع زوجها، في كل كبيرة وصغيرة، مهما كانت درجة الاعتراف. تقول «سمية»: «كنا زي أم وابنها الصغير، هو يحكي وأنا أطبطب، والعكس هو أبويا وأنا بنته الطفلة».

لكن مع الوقت، صارت الصراحة «وقاحة»، خصوصًا حين يتعلق الحديث بالأهل، فكل منهما يصف أهل الآخر بصدق شديد في كل العيوب، ويتطور الكلام إلى السب والشتائم البحتة، وصارت «سمية» تغلي بسبب تجريح زوجها فلا تجد مفرًا من مبادلته نفس التجريح، ليزداد تجريحه هو الآخر.

المشكلة الأخرى في الكلام البذيء نفسه، فالزوج يقول كل ما يحلو له، وصارت طريقة الحديث لا تحتمل، فكل خطأ يفعله يعترف به، حتى فاض بـ«سمية» ولم تستطع الاحتمال، وحين اعترف لها الزوج بخطأ كبير في السابق وهو الارتباط بامرأة أخرى، كي تسامح وتهاود كالعادة، طلبت منه الطلاق ببساطة، وقد كان، رغم عشقها الشديد لزوجها الذي كان كالأب.

صراحة بلا اعتراف

نتيجة بحث الصور عن ‪2 angry couple‬‏

أما «عمر» (اسم مستعار) فاعتاد الصراحة مع زوجته في كل شيء إلا ما يخص النساء الأخريات، فكلمة «نساء» نفسها تضايق زوجته، والحديث عن أي علاقات قبل الزواج تجر عليه المصائب، لذا جعل الصراحة فيما يريحه فقط.

كما أنها تقبلت بشكل ما زمالته للسيدات في العمل، وصارت تتفحص هاتفه الجوال يوميًا للبحث عن الزميلات الجدد، وترى صورهن على برنامج «الواتس - آب»، فتطمئن حين تجد مستوى جمالهن أقل من المتوقع.

يقول «عمر»: «هي فهمت حقيقة أن فيه بنات تانية في الكوكب معايا، خصوصًا في الشغل وإني مضطر أبص لهم وتكون معايا أرقامهم، حتى كمان ممكن عيني تزوغ في الشارع لأني بني آدم وبغلط، الفكرة إني مجيبش سيرتهم لا بحلو ولا بوحش، طالما اللي بيحصل غصب عني، يبقى كده براءة».

صراحة حميمية

صورة ذات صلة

يحكي «سامح» (اسم مستعار) حين طلبت منه زوجته التجديد في علاقتهم الحميمية بشكل الـ role playing، أو تقمص الأدوار، كانت ثورة «سامح» شديدة، فقد ظن بها الظنون، وسألها كيف تعرفين هذه الأمور؟

 قالت الزوجة أنها عرفت الأمر من صديقتها، لكن «سامح» لم يصدق ولم يمر الأمر بخير، وظل يتذكر لها هذا الموقف حتى انتهى الأمر بالطلاق أيضًا، فالصراحة قد تجعل أحد الشريكين يبادر بمفارقة الآخر، سواء الرجل أو المرأة.

الصراحة والنفس البشرية

صورة ذات صلة

استشاري الطب النفسي وليد سرحان في كتابه «محاضرات نفسية» ذكر الصراحة بين الكثير من العوامل المهمة في الزواج، إلى جانب الثقة، والخصوصية، والتعاون، والعلاقة الحميمة بين الزوجين.

يشير «سرحان» إلى أن الصراحة تبدو سهلة ومضمونة في البداية، لكن الزوجين يكتشفان أنها اختيار انتقائي جدًا، وأن هناك أشياءً يمكن التصريح بها، وأشياءْ أخرى ينبغي ألا تخرج من فم الزوجين لأنها لا تحتمل وسيفهمها الطرف الآخر بشكل مختلف تمامًا. 

كيف السبيل إذن إلى الصراحة المريحة مع شريك الحياة؟ وما الذي ينبغي قوله؟ وهل يمكن لطريقة الكلام نفسها أن تساعد في هذا الأمر خاصة في المجتمع الشرقي؟

الصراحة يلزمها الفطنة

نتيجة بحث الصور عن ‪2 angry couple‬‏

استشاري العلاقات الزوجية مدحت عبد الهادي وصف، في حديثه لـ«شبابيك»، الصراحة في العموم بالسلوك المطلوب والمحبب، الذي يختصر الكثير من الوقت والجهد بين الزوجين، لكنه في الوقت نفسه يحتاج إلى الفطنة والذكاء في فعله وإلا سيصبح دمارًا للعلاقة الزوجية. إليك هذه الملحوظات الهامة، كي تكون صريحًا بارتياح:

الغيرة ممنوعة

الزوجة بطبعها لا تحب أي سيرة تشككها في زوجها، ولا ترضى بما يجعلها تغار، فالزوج الفطن هنا لا ينبغي أن يفضح نفسه بأي شكل أمامها، حتى لو لم يفعل شيئًا يعيبه، وإلا فسوف يبدو الزوج في نظرها كأنه يقول: «أنا ما أزال مطلوبًا، أنا محتفظ برجولتي وجاذبيتي».

لذا ينبغي الابتعاد عن كل ما يثير الغيرة، فالصراحة هنا تجلب الشكوك التي لن تفيد بشيء، وسيبقى أثرها موجودًا في كل الأحوال.

الزوجة أشد

والزوج الشرقي بطبعه، يتعامل على أن الزوجة لم يلمسها أحد من قبله، ولذا ففي الطبيعي أن تتجنب ذكر هذه السيرة أكثر منه بمراحل، بل إنها قد تخجل من إخباره عن عدد مرات خطوبتها السابقة، فضلاً عن العلاقات الأخرى إن وجدت.

على المرأة بعد الزواج أن تتجنب هذه الأمور تمامًا حتى تسير الحياة بلا مشاكل، فالرجل الشرقي أكثر حساسية منها في هذه النقطة.

الأمور المالية حتمية

الصراحة في الأمور المالية مطلوبة جدًا، فهي التي يقوم عليها مستقبل البيت والأولاد، والصراحة هنا لا تسبب أية مشاكل حتى لو أسرف أحد الزوجين في الإنفاق، ستكون الصراحة كالإنذار الهام لكليهما، لا جدال في هذه النقطة.

لا صراحة في العلن

بعض الأزواج يقبلون التحدث بصراحة عن أهلهم، والبعض الآخر يرفض هذا بشدة، في كلتا الحالتين، على الزوجين أن يحصرا الحديث عن الأهل وعيوبهم في غرفتهم فقط.

إذا عرف الأهل أن حديثًا يدور عنهم بين الزوجين، بما يشمل عيوبهم، ستكون النفوس مشحونة بالغضب، فالحماة بالتحديد لن تدع الأمر يمر، وقد تتطور لمشاكل أكبر.

وقت الصراحة 

وإذا قررت أن تكون صريحًا، عليك أن تحسن القول، وأن تعرض صراحتك في الوقت المناسب، حين يكون الطرف الآخر في حالة تسمح بما ستقوله، ليس متضايقًا أو حزينًا أو غاضبًا.

إذا اخترت الوقت الخطأ، سيبدو عليك عدم الاهتمام بالطرف الآخر، وعندها تنقلب الآية تمامًا، وتصبح صراحتك مكروهة وسخيفة.

طريقة العرض

حين تأتي لحظة الصراحة، عليك عرضها بأفضل الطرق والذوق، كي لا ينفر منك الطرف الآخر، ويعتبر أن صراحتك مجرد سخرية أو تجريح أو وقاحة، هذه النقطة قد تدمر المعنى تمامًا إذا لم تحسنها.

كما أن طلبك نفسه من شريكك في أي أمر كان يستلزم طريقة معينة، وإلا فقد ينظر إلى طلبك بشكل آخر يجر المتاعب لكليكما.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة