رئيس التحرير أحمد متولي
 فاطمة عتمان.. صعيدية تنشّط السياحة وتحلم بكرسي «شيخ البلد»

فاطمة عتمان.. صعيدية تنشّط السياحة وتحلم بكرسي «شيخ البلد»

تحلم بتغيير وجهة العالم صوب مدينتها التي تحمل جدرانها عبق التاريخ، في وسط السوق السياحي بمحافظة الأقصر تتحدث فاطمة عتمان بنبرة من الحماس مع أصحاب البازارات والمارّين وتنشر في الأرجاء ثقافة تنشيط السياحة والنهوض بتلك الرقعة التي تحمل ثلثي آثار العالم. 

تحمل «عتمان» على عاتقها مهام اختارت أن تتولى زمامها على أمل بغد أفضل يجذب السائحين إلى بلادها وتعود محافظتها لسابق عهدها.

دراستها في وسط المعابد بين تلك المنحوتات التي تحكي عن حضارة تعود لآلاف السنين جعلتها تستشعر بقيمتها وترى عن قرب المشكلات التي يشهدها قطاع السياحة من تردي للأوضاع قد يبعد أنظار السائحين عن بلادها. 

تدرس «عتمان» في دبلومة للإرشاد السياحي لتتمكن من مزاولة مهنة الإرشاد السياحي وتستطيع العمل عن قرب في المجال الذي اختارت أن تعطيه طاقتها التي تنبض بالحيوية والوطنية.

مبادرة مكانك يهمنا

«مكانك يهمنا» هي المبادرة التي أطلقتها «عتمان» بهدف تنشيط السياحة في الأساس عن طريق النهوض بأصحاب المهن السياحية باعتبارهم أحد الأقطاب الرئيسية في مهمة التنشيط بداية من أصحاب البازارات، وسائقى التاكسي والحنطور، وكل من يعمل في مجال السياحة. تقول: «اكتشفت أنهم مش جناة، دول مجني عليهم برده»، موضحة أن معايانتها الأولية كشفت لها عن مشاكل عدة يعاني منها أصحاب تلك المهن.

شاركت «عتمان» بفكرتها في برنامج تنمية أبناء الصعيد الذي فتح مصراعيه لاستقبال أفكار الشباب للتطوير من الصعيد والنهوض به برعاية من وزارة الشباب والرياضة، وأخذت التصريح بالعمل على أرض الواقع، وبدأت أولى جولاتها بعمل استبيان تستكشف به المشكلات واقتراحات التطوير من أصحاب البازارات في السوق السياحي، ومعرفة الفئة العمرية التي تعمل هناك حتى تختار الوسيلة المثلى لمخاطبتهم.


 ومن ضمن أسئلة استبيانها سؤال حول إمكانية مشاركتهم في دورات تدريبية وتوعوية ستقوم بها المبادرة، جاءت أكثر الأجوبة بالرفض بحجة عدم القدرة على ترك العمل، فقررت النزول لهم لنقل رسالتها عن قرب. 

مبادرة «عتمان» لاقت ترحيبا كبيرا وكشفت كثيرا من المشكلات التي تواجه السياحة، تقول: إنهم يعرفون مشكلاتهم وسبل الحل أيضًا، مشيرة إلى أن السوق السياحي من أهم المناطق التي يجب الاهتمام بها لأنها تعتبر محط أنظار السياح الذين يحبون إقتناء الهدايا التذكارية التي تحاكي الحضارة وتذكرهم برحلتهم.

الجهات الرسمية

أخذت «عتمان» الموافقة من مجلس المدينة وكوّنت فريقا من المتطوعين الذين يحملون نفس حماسها في جولة لتنظيف الشوارع. تعجّب أصحاب المحال من فعلهم معتقدين أن هناك زيارة لأحد المسؤولين، ولكن كانت رسالة «عتمان» واضحة أن المكان يعبر عن أهله ويكوّن صورته، وبدأت في نشر أفكارها بين العاملين في البازارات على وعد أن تصل أصواتهم إلى المسؤولين.

ذهبت «عتمان» إلى المحافظ تحمل ورقة خطت عليها آلام وآمال أصحاب البازارات. وقابلها المحافظ بالترحاب ووعدها بتوفير تلك المطالب المشروعة والتي تخدم المحافظة والسياحة، والتي كان أبرزها توفير ماكينة صرافة آلية بالسوق ليتمكن السائح من استخدامها، وتوفير حمامات عامة مع توفير عامل لتنظيفها، ورسم خريطة توضيحية للسوق باللغتين العربية والانجليزية توضح أماكن البضائع لتسهل الوصول، وتوفير حاويات قمامة، وتوفير أفراد أمن للسلامة العامة، وأخيرًا نقطة إسعاف صغيرة يمكنها التدخل في حال وجود أي إصابات.


«أصحاب البازارات مش هيفرق معاهم حاجة طالما مفيش بيع وشراء» قالتها «عتمان» التي سرعان ما حاولت أن تروج لهم حتى تزيد حركة البيع داخل أروقة السوق فيستجيب لها أكبر عددد ويشاركها في النهوض بالسياحة، خاصة وأنها فوجئت أن عددا ليس بالقليل من سكان المحافظة لم تطأ أرجلهم السوق من قبل، معللين أنه مكان سياحي وأسعاره غير مناسبة لهم.

 بالاتفاق مع كاريكا رحمي ممثل قصر الثقافة في محافظة الأقصر، قامت بعمل فيديو ترويجي يحمل مشاهد تمثيلية يروج للسوق السياحي ويستعرض جنباته ويدعو لزيارة الأقصر، وتم بثه كنوع من الدعاية، فيما قامت بتنظيم رحلة للأطفال لزيارة السوق معتبرة أن الأطفال مفتاح لدفع الأهل لزيارة الممشى وتحريك الركود به في محاولة لخلق أمل لأصحاب المحال الذين يصارعون في عدة جبهات أولها قلة السياحة، ومحاربة الشركات السياحية لهم بإلغاء الجولات الحرة في السوق والتي كانت تدر عليهم الكثير من الأموال.

العمل التطوعي وكرسي «شيخ البلد»

تواجه الشابة الصعيدية مشكلة التمويل التي تحول دون تنفيذ الكثير من الأفكار التي تجول بفكرها، ولكتها لم تترك بابا إلا وطرقته تبحث عن دعم لفكرتها يخرجها للنور ويزيد من فرص نجاحها وتطبيقها على نطاق أوسع في كافة أرجاء المحافظة التي يشهد العالم بها.

لم تكل فاطمة عتمان يومًا من العمل التطوعي الذي ورثت حبه من والدها شيخ البلد المتوفي الذي يكن له الجميع الحب والتقدير لخدمته لأهله ومحاولته لحل المشكلات التي تواجههم وينقل أصواتهم للمسؤلين.

حياة صخبة مليئة بالمجهود والمعافرة اختارتها فاطمة عتمان عن حب وأرادت أن تكون ترس يحرك وتيرة العمل على تنشيط السياحة، وتحلم بأن تستكمل مسيرة والدها وتتربع على كرسي شيخ البلد بمدينتها «أرمنت» لتكون أول فتاة تنصب كشيخ للبلد.

 

ندى سامي

ندى سامي

صحفية مهتمة بشؤون المرأة والمجتمع