رئيس التحرير أحمد متولي
 أسوأ أفلام السينما.. مشاهد عنف وجنس وتعذيب تحدتها الدول

أسوأ أفلام السينما.. مشاهد عنف وجنس وتعذيب تحدتها الدول

قدّمت السينما على مدار تاريخها أفلامًا في غاية الجمال والعذوبة، نالت استحسان الجمهور قبل النقاد، وربما غيّرت في حياة من شاهدها وجعلتها أفضل، فالفن والجمال وجهان لعملة واحدة.

على الجانب الآخر، هناك أفلام جعلت مهمتها الأساسية أن تصدم المتفرج بأبشع المناظر وأفظعها، مما يجعل مشاهدة هذه الأفلام تجربة غير سارة بالمرة عند أغلب الناس. في هذا التقرير من «شبابيك» ستتعرف على أهم الأفلام التي اشتهرت بشناعة أفكارها ومناظرها.

Salo.. من أسوأ ما يمكن

صورة ذات صلة

فيلم إيطالي صدر سنة 1975، وقال عنه بعض النقاد إنه الأكثر شناعة في التاريخ، نظرًا لمحتواه المفرط في العنف والتقزز. أراد مخرج الفيلم «بيير باولو بازوليني» أن يعبر عن وحشية الإنسان في أوضح صورة.

قصة الفيلم مأخوذة عن رواية عتيقة صادرة سنة 1785 للروائي والمسرحي الفرنسي ماكيز دي ساد، المعروف بفلسفة القسوة والتحرر من كل الأخلاقيات في سبيل الحصول على اللذة، فكلمة «سادية» التي تعني التلذذ بالتعذيب مشتقة في الأصل من اسمه «دي ساد».

الرواية الأصلية بعنوان «120 يومًا في سدوم» أو «مدرسة الخلاعة» وتحكي عن أربعة أثرياء خليعين يقتادون عددًا من الشباب والشابات إلى قلعة منيعة لمدة 4 أشهر، والهدف هو تعذيبهم وإذلالهم بأبشع شكل ممكن، وإقامة كل الطقوس الخليعة الشاذة عليهم.

استوحى الفيلم نفس القصة ولكنه أسقطها وقت عرض الفيلم على النظام الإيطالي الفاشي، فجعل مسرح الأحداث مدينة «Salo سالو» الإيطالية، والأشرار الأربعة هم قادة فاشيين جمعوا الضحايا من الفتيان والفتيات من شتى أنحاء إيطاليا لتنفيذ خطتهم الشنيعة.

لم يقّصر المخرج باولو بازوليني في تصوير مشاهد التعذيب والإذلال، مثل قطع ألسنة الضحايا أو انتزاع عيونهم، وإجبارهم على تناول أشياء مقرفة جدًا، وحرق أجزاء من أجسامهم أحياء، والعديد من المناظر التي أدت لمنع الفيلم رقابيًا في دول عديدة.

في نفس عام صدور الفيلم مات «بازوليني» تحت عجلات سيارته في عملية اغتيال، وتظل علامات الاستفهام تدور حول أسباب القتل، لكن الشواهد تشير إلى جرأة المخرج الصارخة في عرض وجهات نظره الفنية والسياسية.

محرقة آكلي لحوم البشر.. كل شيء حقيقي!

لا يزال هذا الفيلم ممنوعًا حتى اليوم في العديد من الدول الغربية فضلاً عن العربية، لأنه مثل الفيلم السابق لم يقتصد في مشاهد التمزيق والحرق المؤذية التي قد لا يتحملها عمال المشرحة أنفسهم، بالإضافة إلى تعذيب الحيوانات كذلك.

صدر الفيلم عام 1980 في إيطاليا التي اشتهرت في عقد السبعينات بهذا النوع من أفلام التمزيق الدموي، حتى صار لها مصطلحًا توصف به هو «Giallo جياللو» وهي كلمة إيطالية تعني اللون الأصفر، كأنها إشارة إلى التقزز والنفور.

يحكي الفيلم عن القبائل البدائية آكلة لحوم البشر في غابات الأمازون، حين يذهب فريق من الرجال المتحضرين لتصوير فيلم وثائقي عنهم ولا يعودون لأن القبائل ذبحتهم والتهمتهم، وحين تذهب بعثة أخرى للبحث عنهم تكتشف الحقيقة المرعبة.

صورة ذات صلة

تجد البعثة أشرطة الفيديو التي صورها الفريق الأول، لتكتشف أن القبائل البدائية وقعت ضحية هؤلاء البشر المتحضرين، فقد ارتكبوا ضدهم كل الجرائم الوحشية الممكنة، ما بين حرقهم أحياء أو اغتصاب نساؤهم حتى الموت أو إعدامهم بالخوازيق، حتى أنهم انتزعوا جنينًا من بطن أمه.

أراد مخرج الفيلم مثل مواطنه «بازوليني» أن يبرز وحشية الإنسان المتحضر في مواجهة الإنسان البدائي، حتى مع الحيوانات كانت القسوة مفرطة البشاعة، فالرجال في الفيلم يصطادون سلحفاة بحرية ويحطمونها حية لاستخراج ما داخلها، مع قتل عدد كبير من الحيوانات الحقيقية.

مشكلة الفيلم كانت في درجة الإتقان الشديدة التي جعلت البعض يشك أن هذا تمثيلاً أو خدعا سينمائية، وبالفعل استدعت المحكمة المخرج لاتهامه بقتل الممثلين في فيلمه، خاصة أن العقد المكتوب اشتمل على اختفاء كل طاقم الفيلم لمدة سنة مما زاد الشكوك في قتلهم.

اضطر المخرج لاستدعاء الممثلين جميعًا أمام المحكمة لتبرئة ساحته، وعندها فقط أفرج عنه القضاة، غير أن المشهد الأخير في الفيلم الذي تموت فيه مستكشفة بيضاء كان مأخوذًا من فيلم وثائقي حقيقي.

مع كل هذه المشاهد الصريحة في بشاعتها نال «محرقة آكلي لحوم البشر» شهرة كبيرة ووصلت عدد الدول التي منعته إلى 60 دولة.

البرتقالة الآلية.. من الفسيخ شربات ولكن

نتيجة بحث الصور عن ‪clockwork orange poster‬‏
ملصق الفيلم

يعتبر هذا الفيلم هو الأقل بشاعة في قائمتنا هذه، لأنه يحتوي كمية كبيرة من الفن إلى جانب العنف، فنال العديد من الجوائز الدولية وأشاد به مخرجون عالميون، لقد جعل من العنف لوحة فنية وكأنه صنع بحسب المثل الشعبي «من الفسيخ شربات».

 كل هذا طبيعي فالمخرج ستانلي كوبريك هو أحد أساتذة السينما في التاريخ بجدارة، وكل فيلم له يعتبر تراثًا ثقافيًا، لكن «البرتقالة الآلية» ظل ممنوعًا لمدة 30 سنة، حتى أن «كوبريك» سحبه بنفسه من الأسواق، بسبب تأثيره الكاسح على المشاهدين.

قصة الفيلم مستوحاة من رواية شهيرة بنفس العنوان، والبرتقالة مقصود بها الإنسان الذي يتعرض لتحكم شديد لدرجة أنه يصير آليًا رغم شكله الطبيعي، وهذا ما تحكي عنه الرواية الكابوسية.

في مستقبل قريب، تتنبأ الرواية بالانحلال الأخلاقي الكامل في الشوارع، فيشكل الشباب عصابات تتعدى على الرجال والمسنين بالضرب والإهانة وتتحرش بكل فتاة إلى درجة الاغتصاب الكامل، وهذا ما قدمه الفيلم بشكل تحذيري واضح.

بطل الفيلم «أليكس» شاب عابث لديه مخزون رهيب من العنف والشهوة، يغتصب امرأة أمام زوجها بينما يغني بمرح، ويتورط في اقتحام منزل سيدة غنية ويقتلها، فتقبض الشرطة عليه بسبب خيانة أصحابه ويصدر ضده حُكم بالسجن 14 سنة.

بعد عامين من السجن يشعر «أليكس» بالملل والفراغ، يريد أن يفعل أي شيء كي يطلقوا سراحه، هنا تعرض عليه الحكومة إعادة تأهيله بعلاج طبي خاص يلغي شهوة العنف والجنس لديه، فيوافق «أليكس» سعيدًا.

العلاج كان بسيطًا، يجلس «أليكس» مقيدًا مع فتح عينيه كي لا يستطيع إغلاقهما، ويجبره الأطباء على مشاهدة أفلام جنس وعنف مفرط، لكن في نفس الوقت يحقنون جسمه بمواد تسبب له الغثيان والرغبة في القيء.

تعرض السجين لهذا العلاج أيامًا طوال، يصرخ من شدة العنف والجنس على الشاشة والرغبة في القيء في نفس الوقت، وأخيرًا حين انتهى العلاج يصير «أليكس» وديعًا جدًا، كلما ضربه أحد يُقّبل قدمه كي يتركه، وإذا شاهد فتاة عارية لا يقربها، لأن الغثيان يصيبه كلما فكّر في الجنس أو العنف.

لقد صار «أليكس» برتقالة آلية بالفعل، فهو يبدو طبيعي من الخارج لكنه آلي تمامًا من الداخل، فتكون النتيجة أن العالم العنيف خارج السجن لم يعد يناسبه، وكلما تعرض لأذى أحدهم يستسلم ويتكوم كالجنين خائفًا ومهزومًا لدرجة أن المشاهد قد يشفق عليه رغم أنه كان قاتلاً شريرًا.

هكذا يقدم الفيلم رسالته، لكي تقوّم الإنسان لا يمكنك أن تجعله آليًا، وليس معنى أن يكون مسالمًا أن تجعله يطأطأ رأسه لكل من يؤذيه، بل عليه أن يختار هذا بنفسه.

هل الفن يبرر العنف على الشاشة؟

صورة ذات صلة
مشهد عنيف من فيلم البرتقالة الآلية

ربما أراد هؤلاء المخرجون أن يقدّموا وجهة نظرهم في الأفلام بكل وضوح، لكن هل يبرر هذا مشاهد العنف والدم والجنس على الشاشة؟ ماذا عن تفاعل الجمهور مع فيلم بالغ الإبداع مثل البرتقالة الآلية لـ«كوبريك»؟

لم يتفهم المشاهدون كلهم الرسالة كما أراد «كوبريك»، بل قلدوا بطل الفيلم في ملابسه وكلماته وأيضًا أفعاله الشريرة، فالكثير من الجرائم ارتكبها الجمهور في الواقع كما جاءت في الفيلم، بل اغتصبت شلة من الشباب امرأة بنفس الطريقة في الفيلم مع غناء نفس الأغنية المرحة التي غناها البطل.

هذا هو السبب الذي جعل «كوبريك» يسحب الفيلم من السوق رغم اقتناعه بنبل رسالته، ومن بعده توالت الأفلام العنيفة والشهوانية التي حرّضت فئات معينة من الجمهور على العنف بدلاً من تحذيرها منه.

 جاء في كتاب «العنف في وسائل الاتصال المرئية وعلاقته بجنوح الأحداث» أن السينما تعلّم المشاهد أساليب الجريمة واستعمال العنف باختلاف درجات تفكير الجمهور، وفي دارسة شهيرة لحالات إجرامية يبلغ عددها 368 حالة، صرّح 49% من المجرمين أن السينما دفعتهم لحمل السلاح الناري.

في الوقت الذي تحرص فيه الأفلام على تصوير البطل المجرم وسيمًا جذابًا يدفع المشاهد لتقليده، لتنتشر الثقافة الإجرامية في المجتمع.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة