رئيس التحرير أحمد متولي
 محمود عبدالرحمن يكتب: نبش القبور والمثلية الجنسية في «الخلافة الإسلامية»

محمود عبدالرحمن يكتب: نبش القبور والمثلية الجنسية في «الخلافة الإسلامية»

حاول محمد سعيد العشماوي أن يلخص ويوجز تاريخ الحكم الديني الإسلامي للبلاد العربية وهو ما أطلق عليه بعد وفاة الرسول محمد «صل الله عليه وسلم» الخلافة الإسلامية، فاستعرض العشماوي الفتوحات والغزوات والفصام الذي تمكن من حكام المسلمين على مدار هذا التاريخ في كتابه «الخلافة الإسلامية».

عرض عشماوي موضوع الخلافة بداية من وفاة الرسول ثم الخلافة الراشدة مرورا بالدولة الأموية والعباسية ثم ثم العثمانية. وتساءل خلال الـ 377 صفحتا –الموجزة والمكثفة- فيما بين السطور، هل الخلافة الإسلامية حكم ديني أم مدني؟ هل هو حكم أم إمامة؟ فضل الخلافة على الإسلام؟

"الخلافة لم تحقق عزة للإسلام ومجدًا للمسلمين بصورة دائمة مستمرة، وإنما كان شأنها في ذلك شأن أيّ إمبراطورية أو قيصرية أو كسروية، تمر بها فترات عز ومجد وانتصار، ثم تدول بها الأيام فتتحول العزة إلى هوان ويصير المجد إلى فشل وينتهي الانتصار إلى هزائم".

الانتقادات التي صوبها عشماوي لم تكن إلى الإسلام كدين ولكن كانت في أفعال من سلمت لهم زمام أمور المسلمين بعد موت الرسول الكريم مباشرة. القضايا التي حاول الكتاب أن يناقشها كانت تهاجم الأفكار الشاذة وغير الطبيعية التي كان ينتهجها خليفة المسلمين وأمير المؤمنين في الخلافة الراشدة.

من ضمن ما تناوله العشماوي كان أن المسلمين هم من افسدوا في المسلمين وأن المسلمين هم من قتلوا المسلمين، وكل ذلك بسبب الحكم والعصبية لسيطرة فئة معينة على حكم المسلمين، وجعل القتل والسلب والنهب باسم الدين وباسم الفتوحات رفع راية الدين.

1430073775-klmty "فمنذ عهد الدولة الأموية فقد شرعت مظالم تقع باسم الدين، وبدات التعاسيف تحدث بدعوى الشريعة فتضاعفت هذه وتلك، وأصبح الناس مستسلمين لها، من خوف الطغاة مرة ومن خوف التكفير مرات؛ مستذلين بها من بأس البغاة حينا ومن بطش الاتهام بالردة أو الحرابة أحيانًا".

بالرغم من انتشار الدين الإسلامي في فترة الدولة الأموية، إلا أنه في ظلها انتشر الألحاد وارتفع عدد المثليين جنسيًا، وشاعت الذندقة وشرب الخمر. ففي التاريخ يتجاهل الحكام وولاة الأمور أشياء وحقائق عن العامة حتى لا يفزعوهم من التاريخ، فهو انكار للواقع والعيش على أوهام وأساطير الماضي.

عمر-الخيام-والساقي

الوليد الثاني حكم المسلمين في عام 125 هجريًا وخلال هذه الفترة اشتهر بحبه لشرب الخمر انكاره لنبوة نبينا محمد صل الله عليه وسلم، وتطاول على الله جل علاه، وبالرغم من كل هذا فولي إليه حكم المسلمين.

"والوليد خليفة الله في الأرض وأمير المؤمنين وإمام المتقيين أنكر نبوة محمد صل الله عليه وسلم فقال ( تلّعب بالنبوة هاشمي ... بلا خبر أتــاه ولا كتاب).

وحدث مرة أن استفتح بالمصحف فظهرت له آية ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) فمزق المصحف ضربًا بالسهام ، وهو يَسبح في حوض من الخمر ويقول :

أتوعد كل جبار عنيد..  فها أنا ذاك جبار عنيد إذا جئت ربك يوم حشر..  فقل يارب مزقني الوليد

كتاب الخلافة الإسلامية الذي تعرض إلى اتنقادات من الأزهر الشريف في طبعته الأولى عام 1989، وتم سحب الطبعة من معرض الكتاب حينها تطرق إلى أنه في الدولة الأموية، مع انتشار الفتوحات الإسلامية وتدفق الأموال على بيت المال وعدم وجود معارضة حقيقية أو وضوح رؤية الحاكم إذا كانت قوانين الدولة مدنية أم دينية، فالحكم الإسلامي بالرغم من قوته وتوسعه حينها إلا أن انتشرت الرزيلة والفجور بين العامة بعد أن نقلها لهم الحكام. يوثق العشماي واقعتين تتعلق بممارسة اللواط أو المثلية الجنسية.

والوليد الثاني كان يتظاهر بالزندقة وينهمك على شرب الخمر واللذات والقصف واللهو، واشتهر باللواط.

"وفي عهد سليمان ابن عبدالملك كثر المخنثون في المدينة فأسل سليمان إلى أبي بكر ابن عمرو الأنصاري والى المدينة كتابًا يقول له فيه (إحص المخنثين) فوقعت نقطة على الحاء فأصبحت (إخص المخنثين) ومن ثم فقد خصى الوالى كل الخنثين، وكلمة (إحص) والإحصاء تفقيد أن المخنثين آنذاك كانوا كثرة وتقتضي الإحصاء ولم يكونوا قلة لا يبالي بها أحد".

ومن المفارقات في تاريخ الحكم الديني الإسلامي هو تكرار وتشابه بعض الأحداث السابقة مع واقعنا الحالي فما ترتكبه داعش حاليًا ربما يتشابه مع ما ذكره العشماي في كتابه فكان يحدث قتل للمعارضيين من نفس الدين جرائم كالقتل والتمثيل بالجثث حتى وصلت إلى الأكل على جثث القتلى وهم يفارقوا الحياة وتعالت حتى نُبشت قبور الحاكم السابقين لهم.

سقوط_الدولة_الأموية

"فقد نبش العباسيون قبر معاوية ابن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاما كأنه رماد ونبشوا قبر عبدالملك أبن مروان فوجدوا جمجمته، ونبشوا قبور باقي الخلفاء فلم يجدوا إلا العضو بعد العضو، غير هشام ابن عبدالملك فإنهم وجدوه صحيحًا لم تبل منه إلا أرنبة انفه، فضربوا بالسياط وصلبوه وحرقوه وذروا الرماد في الريح".

وبعد أن أمنّ أبوالعباس كبار القوم من الأمويين إلى مأدبة حتى دخل الشاعر (السديف) وقال :

 لا يغرنك ما ترى من رجال .. إن الضلوع داء دويّا فضع السيف وارفع السوط.. حتى لا ترى فوق وجهها أمويا فأمر السفاح فضربوا بالعمد حتى قتلوا، ثم بسطوا عليهم الانطاع وأكل هو الطعام عليها وهو يسمع أنين بعضهم حتى لفظوا أنفسهم الأخيرة.

وفي نهاية المطاف، لا شك أن كتابة الخلافة الإسلامية لم يستطيع تلخيص أو جمع كل السقطات التي أساءت للدين الإسلامي بعد جعله ستار للحكم وللسيطرة على النفوذ حتى تحولت الدولة الإسلامية إلى قيصرية أو كسروية، الحقيقة أن ما قدمه العشماوي في 400 صفحة تقريبًا من قضايا وأسئلة حاولت توضح ما فعله حكام المسلمين بجوهر الدين عن طريق استخدامه حائل لتلبية رغباتهم، وربما وصل إلى أن الدين الإسلامي ليس له خلافة.

محمود عبد الرحمن

محمود عبد الرحمن

صحفي مصري مهتم بالكتابة في ملف الثقافة والأدب والموضوعات التاريخية