رئيس التحرير أحمد متولي
 «قراقوش» اتظلم معاكم.. اعرف قصته الحقيقية

«قراقوش» اتظلم معاكم.. اعرف قصته الحقيقية

عُرف عبر التاريخ بـ«رجل الإنجازات الأوحد» نظرًا لقرارته الجريئة التي كانت محط إعجاب المواطنين، وحولته انتصاراته لأكبر الشخصيات بعد موت صلاح الدين الأيوبي.

الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي الذي غير مجرى تاريخ مصر بقراره إنهاء الخلافة الفاطمية في مصر وإعادتها لأحضان الخلافة العباسية، قرر آخرون رميه في مزابل التاريخ عبر أجيال من الزمان.

لا يعلم جيلنا عن الأمير بهاء الدين شىء سوى "إيه هو حكم قراقوش"، التي تقال احتجاجا ضد قرارات صارمة، لكنها أكذوبة استخدمها الشاعر الأسعد بن مماتي لتحويل إنجازات الأمير لنماذج قصصية من الحمق والفجور تعيش في الأذهان حتى الآن.

في هذا التقرير يعرض لك «شبابيك» الجانب الحقيقي لشخصية الأمير قراقوش.

هو عبد مخصي من آسيا الصغرى دخل في خدمة أسد الدين شيركوه وذهب معه إلى مصر خلال حملته لصالح السلطان نور الدين محمود، وقد أطلق عليه اسم بهاء الدين بن عبدالله الأسدي، فإسم عبدالله لأنه لا نسب له، والأسدي نسبة إلى أسد الدين شيركوه.

وصفته أغلبية الكتب التاريخية بأنه كان شخصية جادة للغاية ولديها صبر كبير على العمل والتنظيم والإدارة، فهو بحق رجل دولة، ولكنه ليس بالضرورة عبقرية عسكرية، فلم يُسجل التاريخ للرجل أي مآثر عسكرية عظيمة، وإن كان له دوره بطبيعة الحال في حصار عكا، والذي انتهى بالاستسلام.

كان الذراع اليمنى لكثير من حكام مصر، بدءً من أسد الدين شيركوه، مرورًا بصلاح الدين وأولاده وإخوته، ولعل أفضل ما ميزه هو أنه رجل لم يغير في أي وقت من الأوقات ولاءه، حيث ظل على عهده إلى أن مات سيده الواحد تلو الآخر.

أتى «قراقوش» مع سيده أسد الدين شيركوه إلى مصر، وخدم في جيشه وكان من المؤتمنين على سره، ولكن بعد موت الرجل وتولي صلاح الدين رئاسة وزراء مصر خلفًا له في فترة عصيبة من فترات التاريخ المصري، أقسم الرجل على الولاء له.

بعد تولي أمر تدبير الدولة المصرية لم تكن وظيفته واضحة كل الوضوح، وإنما كانت أقرب ما تكون إلى رئيس وزراء، حيث عُهد له بتنظيم مصر مرة أخرى بعد القضاء على الدولة الفاطمية، وإليه ترجع جهود تحسين الأحوال وشق الترع والاهتمام بالزراعة وشؤون الناس.

وفي عهده وضعت الأسس لبناء القلعة الشهيرة في المقطم، والتي لا تزال اليوم أثرًا هامًا من آثار القاهرة يقف المرء متأملًا لها ولما تحمله من أسرار، وذلك على الرغم من أن البناء لم ينته في عهده، كذلك فقد قام أيضًا بشق مجاري المياه حول القاهرة، كما أنه أقام بعض التحصينات العسكرية لضمان حماية مصر من الحملات الصليبية، وقد عهد له صلاح الدين الأيوبي بالقيام على الشؤون المصرية في الكثير من المناسبات عندما كان في الشام يحارب الصليبيين.

ظل صلاح الدين الأيوبي يرى في «قراقوش» رجل الدولة الذي يثق فيه، وانتقل إلى خدمة ابنه «العزيز» بعد موته، وظل «قراقوش» على نشاطه وهمته في خدمة الرجل في مصر، إلى الحد الذي دفع السلطان بمهمة الوصاية له على عرش ابنه «المنصور» والذي كان لا يزال دون العاشرة من عمره، وهي المهمة التي قام بها «قراقوش» على أكمل وجه إلى أن أصر «الأفضل»، عم السلطان، على أن يتولى هذه المهمة.

واستمر «قراقوش» على عهده مع الأسرة الأيوبية، يخدم سلاطين مصر الواحد تلو الآخر، دون أن تغويه السلطة أو تفتنه امرأة أو يستميله مال، وقد أوردت بعض كتب التاريخ صفاته المحمودة ودوره العظيم مع السلاطين الأيوبيين كرجل دولة له قيمته وأعماله الجليلة.

سوزان حسني

سوزان حسني

صحفية مهتمة بالكتابة في مجال العلاقات