رئيس التحرير أحمد متولي
 في الدول المتقدمة.. يكرهون الذهاب للمدرسة أيضا!

في الدول المتقدمة.. يكرهون الذهاب للمدرسة أيضا!

نسمع كثيرا عن العباقرة الذين قرروا ترك التعليم في مرحلة من حياتهم، ولم يجدوا المدرسة أو الجامعة مكانا يستوعب ميولهم واهتماماتهم. لكن في الوقت نفسه، تبذل الدول المتقدمة الكثير من الجهد والمال، للارتقاء بالتعليم، وجعله أكثر قدرة على اكتشاف ميول الطلاب، فأين هي المشكلة؟

من المشاكل تتعلم هذه الدول، وتعمل على تصحيح أخطائها. وفي هذا التقرير يعرض لكم «شبابيك» بعض الصعوبات التي يواجهها الطلاب في المدارس، نقلا عن خبراء التعليم بموقع «Parenting». فبعض الدول استطاعت التغلب على هذه المشاكل بصورة كبيرة جدا، أما البعض الآخر، فلايزال يحاول. فتعالوا بنا نتعرف على هذه القصة.

قليل من اللعب

تقول المدرسة الأمريكية «آمي جوتواسكي»: «عندما أبدأ بقراءة بعض القصص للأطفال في الفصل، أجدهم في غاية التركيز والحماس، لا يرفعون عيونهم من الكتاب، يتفاعلون مع القصة ويعبرون عن مشاعرهم، ويستطيعون التقاط بعض الكلمات التي يحبونها بسهولة. ولكن بمجرد أن نفتح كتاب التمارين، يقل حماسهم تماما ويصابون بالملل».

تفسر «آمي» ما يحدث بأن الطرق التعليمية التقليدية، هي في الواقع لا تعلم شيئا على الإطلاق، ولا تسبب للأطفال سوى الملل التام». فما هي الطريقة المثلى للتعليم؟

يقول «إد ميللير» مؤسس مشارك للتحالف من أجل الطفولة،بجامعة ميريلاند: «عندما يتعلم الأطفال من خلال المرح أو اللعب أو الوسائل التعليمية المبتكرة، فإنهم يكونون أكثر قدرة على الاستيعاب، لكن في الفصول يقضي الطلاب فترة أقل في اللعب والاستكشاف، وفترة أطول في الاستماع للمعلم أو تأدية الاختبارات. ويضيف أن هذه الطريقة قاتلة لإبداع الطفل، لأنها تخالف الطريقة الذي خلق الطفل ليتعلم من خلالها، لذلك يصاب بالملل ويكره المدرسة.

ولكن هناك بعض الدول التي استطاعت التغلب على هذه الطرق التقليدية، واتبعت طريقة التعليم من خلال اللعب والأنشطة التفاعلية، والتي جعلت الطلاب أكثر حبا للتعليم ويفضلون الذهاب إلى المدرسة، حتى في العطلات الصيفية، ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع، يمكنك قراءة«بالتعليم المرح اليابان في الصدارة.. طيب إزاي؟» .

القدرات الفردية

طرق التعليم غير المناسبة، تدمر حب الطفل واستعداده الذاتي للتعلم. هذا ما تؤكده «سوزان نيومان» المعالجة التعليمية بأمريكا. وتعطي دليلا على ذلك، فتقول: «عملت مع أحد الأطفال الذين تم إجبارهم على تعلم الكتابة منذ الحضانة، في حين لم يكن ذلك الطفل مستعدا وكانت لديه ضعف في مهاراته الحركية، ما أدى إلى إصابته بالقلق والتوتر المرضي عند الكتابة. اليوم هو طالب بالصف الرابع، لكنه ما زال يكره الكتابة، ويصاب بإحباط شديد حول آدائه المدرسي، رغم تمتعه بذكاء شديد».

وتقول «كيللي جلجير» المعلمة المخضرمة للقراءة: «لا معنى لأن تتوقع من طفل في الخامسة، أن يكون في استطاعته قراءة عدد معين من الكلمات. فبعض الأطفال بإمكانهم ذلك، والبعض الآخر يأخذون وقتا كي تنمو مهاراتهم وقدراتهم. فالأمر كله يعتمد على استعداد كل طفل، أما وضع جدول محدد أو سن معين لتنمو مهارة معينة عند الطفل، فذلك سيشعره بالفشل».

وتضيف: «الدراسات توضح أن الأطفال الذين أجبروا على القراءة في سن معين، كانوا أكثر الطلاب كرها للكتب عندما وصلوا للمرحلة الثانوية، مقارنة بهؤلاء الأطفال الذين تعلموا من خلال اللعب والوسائل المناسبة لمهاراتهم».

وتعد تجربة التعليم في سنغافورة، أفضل دليل على مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، حتى إن المدارس تتنافس في  ترك الحرية للطالب ليدرس ما يناسب ميوله وموهبته. ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع، يمكنك قراءة⇐«التعليم في سنغافورة.. هنا يختار الطلاب مناهجهم».

لماذا يصبح الطلاب مشاغبين؟

لماذا جميع الأطفال مشاغبين، ولا يستطيعون الجلوس بهدوء لفترة طويلة في الفصل؟ تجيب على هذا التساؤل «بيج تير» مؤلفة كتاب «مشاكل الأولاد» وتقول عندما نقول كلمة أطفال مشاغبين فنحن نعني بهذه الكلمة الأولاد أكثر من البنات، فالمدرسة لا تتيح لهم أن يعبروا عن أنفسهم، أو يكتبون في المواضيع التي تهمهم، في هذا السن، مثل «الأبطال الخارقون». ما يبعت لهم برسالة غير مباشرة بأنهم غير مقبولين في هذا المجتمع.

وتقول «ليندا ذات» معلمة الصف الرابع لمدة 14 عاما، أن الأولاد يتعلمون أفضل من خلال الأنشطة التعليمية. وهذا ما يفسر لماذا تتفوق البنات دائما على الاولاد في الفصول. وتنصح «ليندا» المعلمين بأن يسمحوا للطلاب بالتعبير عن أنفسهم، عن طريق الكتاب في المواضيع التي تهمهم. فقد لاحظت أنه من خلال اتباع هذه الطريقة، تضائلت الفجوة بين البنات والأولاد في الفصول.

وعند الحديث عن تجارب الدول المتفوقة في التعليم، فهناك كوريا الجنوبية، التي أعططت اهتماما بالغا للمواد التربوية، والتي تركز على بناء شخصية الطفل، وتؤهله للتعامل مع العالم الخارجي، ولمعرفة المزيد حول تجربة كوريا الجنوبية في التعليم، اقرأ ايضا⇐«التربية أهم من التعليم.. شعار تفوقت به كوريا الجنوبية».

التعليم المتميز هو ما يجعل الطلاب دائما متحمسين لتعلم كل ما هو جديد. ولذلك يقول «ديفيد ماركُس» مدير التحرير في مؤسسة «جوركس لوكاس التعليمية»: «التكونولوجيا هي شيء يحبه الأطفال، لذا فإن استخدامها في الفصول، سواء للبحث عن المعلومة أو من خلال الألعاب التعليمية، سيجعل الطالب أكثر قدرة على الاستيعاب».

وتقول «ميريام لونجوباردي» أن استخدام الألعاب التكنولوجية في التعليم يساعد كل من المتعلمين البصريين والسمعيين على تلقي المعلومة بصورة أفضل. وكلما شعر الطالب بأن العملية التعليمية مسلية أكثر، كان استيعابه أكبر.

وفي النهاية، هذه المشاكل لا تنطبق على جميع الدول المتقدمة، فهناك بعض الدول التي تعلمت من تجاربها السيئة، واستطاعت تجنب هذه المشاكل بقدر كبير جدا، حتى احتلت المراكز الأولى في أفضل الدول على مستوى العالم في التعليم. ولمعرفة المزيد حول هذه الدول، اقرأ أيضا⇐«مش أمريكا ولا فرنسا.. تعرف على أفضل الدول في التعليم».

المصادر:

 1

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال