رئيس التحرير أحمد متولي
 محمود نظير.. صانع «أنتيكات» بدرجة مهندس دون تعليم أو دراسة

محمود نظير.. صانع «أنتيكات» بدرجة مهندس دون تعليم أو دراسة

في كل يوم بعد عودته من العمل، يحرص محمود نظير الشاب الثلاثيني على قضاء وقت فراغه في هوايته الأثيرة، فيحضر الكاتر والكرتون والورق مع كوب من الشاي، ليصنع ماكيتات ومجسمات بشكل فني قدر المستطاع.

لم يعرف «محمود» أن ما صنعه بيده سيلقى إعجابًا كبيرًا من كل من يراه، ويستقبل الآلاف من تقييمات الإعجاب على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يفوز بمدح أهل الهندسة المعمارية أنفسهم رغم أنه لم يدرسها.

«أنتيكاتي» منذ الصغر

حصل محمود نظير على شهادة معهد فني تجاري، ويعمل أساسًا في صناعة وطباعة علب الكرتون الخاصة بالأدوات الصحية، أما موهبته في صناعة المجسمات اليدوية فبدأت معه منذ الصغر، ولم يتعلمها من أحد.

ظل الهاوي المتحمس يحاول منفردًا أكثر من 15 عامًا، وبالتجربة والخطأ وصل لمستواه الحالي، فكلما يصنع نموذجًا يجده أفضل مما قبله، حتى صارت أعماله في النهاية لا تعتبر مجرد مجسمات، وإنما هي «أنتيكات» كما يصفها كل من يراها.

السر والنجاح

يستخدم الفنان الشاب في أعماله كرتون سهل التشكيل أقرب إلى خشب الأبلكاش يُسمى «نكرو» أو «كرتون مضغوط» ثم يغطيه بالورق الملون، ولا يتسرع في عمله أو يهمل في قياساته، بل يضبط التنفيذ بشكل دقيق وبكل الصبر الممكن.

يرى «نظير» أن عدم احتياجه للأموال من صناعة الأنتيكات جعلته يتقن صنعها قدر الإمكان، فالماكيت الواحد في المعتاد يتطلب منه 8 ساعات يقضيها مستمتعًا بلا استعجال، أما تصميم «المسجد الحرام» فقد استغرق منه 4 شهور كاملة بمعدل 4 ساعات يوميًا.

بداية العمل

الإضافات الفنية تلعب دورًا فعالاً أيضًا، مثل وضع أنوار تعمل بالكهرباء في ماكيت «البوتجاز» الذي يضيء فيه الفرن كالحقيقي، ويفكر «نظير» في إضافة موتور في ماكيت «الغسالة» حتى تدور كالواقع تمامًا، كما يتابع مشاهدة صور التصميمات الفنية الصعبة على الانترنت ومحاولة صنعها.

منذ عامين فقط بدأ الشاب المحترف بنشر أعماله على موقع «فيس بوك»، ليفاجأ بعاصفة من المُعجبين والمشجعين له، وطلب الكثيرون أعمالاً منه لكنه رفض أن يتكسب من موهبته لأن عمله الأصلي يكفيه من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يعرف معايير السوق في أعماله.

آلاف الأوردرات

من أنجح أعمال «محمود» مجسم فني بسيط لبومة بالكارتون، صنعها في نصف ساعة وحازت 30 ألف علامة إعجاب (لايك) على صفحة «تجربة» على موقع فيسبوك وطلبها أكثر من 2000 شخص، كما اعترض آخرون على تجسيم طائر في هيئة جماد أو مجسم من الناحية الدينية.

يقول «محمود» إنه يتلافى الشبهات الدينية بقدر الإمكان نظرًا لالتزامه، فلا يتعمد صناعة مجسمات عديدة لكائنات.

المهندسون يستعيون بـ«نظير»

العديد من طلبة كلية الهندسة المعمارية يطلبون من «نظير» صناعة ماكيتات للمباني، وأحدهم طلب منه مُجسمًا لمقطورة ضخمة مُعقدة، كما طلب منه مهندس استشاري صناعة ماكيت لمبنى عملاق فلم يوافق حين شعر بالاستغلال وتطلب هذه الأعمال لوقت طويل.

بعض الطلبة من كلية هندسة عين شمس طلبوا منه إعطاء محاضرة واحدة في صناعة الماكيتات بطريقته الفريدة، لكنه شعر أن المهمة أصعب منه لأنه لم يعلم أحدًا من قبل، حتى عندما وصلته دعوة من معرض القاهرة الدولي رفض لتعقيد الإجراءات.

يخطط محمود نظير حاليًا للعمل بموهبته، ونشر أعماله بأسعار مناسبة على صفحة خاصة باسمه، فربما يتمكن من عمل ورشة حقيقية للأنتيكات فقط ويعمل فيها بدوام يومي، فيتكسب منها ويعلم هذه الصناعة أيضًا لمن يحب.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة