رئيس التحرير أحمد متولي
 جيران حسن كامي يحكون مناقبه.. ومفاجأة حول ملكية مكتبة المستشرق

جيران حسن كامي يحكون مناقبه.. ومفاجأة حول ملكية مكتبة المستشرق

عيون تلمع بمجرد ذكر الاسم أمامها، ابتسامات خفيفة تخفي ميراث من الود حفظتها ذاكرة رصيف شارع قصر النيل بوسط القاهرة، كما أن سلة ذكريات العاملين في المرافق المجاورة لمكتبة المستشرق، التي رحل عنها صاحبها الفنان حسن كامي قبل أيام، لا تزال تحتفظ بصاحب الابتسامات المميزة التي حرص على توزيعها على الجميع هنا.

حروف عتيقة منقوشة في قلب الجدار الواصل بين محل جروبي الرابط على هامش ميدان طلعت حرب، وإحدى مكاتب خدمات الطيران المنتشرة في الشارع، الذي ينتهي بميدان التحرير ناحية المتحف المصري، غزلها صانعوها بشكل بارز باللغة العربية، وتحتها نقش نفس الاسم «مكتبة المستشرق» بالإنجليزية، لكن اسم مكتبة حسن كامي هو الأشهر بين سماسرة مكاتب الطيران والباعة الجائلين في المكان.

حارس البنك يحكي عن فنان الأوبرا

في منتصف يوم أمس الثلاثاء 18 ديسمبر فوجئ خالد، (45 عامًا) الذي يعمل رجل أمن في بنك «كريدي اجريكول مصر» المجاور للمكتبة، ببعض أفراد الشرطة، ومعهم محمد سائق الراحل حسن كامي يغلقون المكتبة وتشميعها بمعرفة النيابة العامة، للفصل في مليكتها.

يحكي حارس البنك عما يتذكره للراحل حسن كامي: « كان يتعامل مع البنك ويتردد عليه بشكل مستمر، كان بشوش ومتواضع بشكل كبير».

 كان لكامي طبيعة خاصة في التعامل مع المحيطين به من العمال، والموظفين وجيرانه في الشارع، كان يبدأ يومه بتوزيع الصباحات على من يعرفهم ولو بالشبهة، هكذا يقول «عم خالد»، مشيرا إلى أن تحية الصباح كانت ملفتة أيضا «كان بيقولي بونجور يا عم خالد رغم أني أصغر منه سنا».

3 عمال وسائق مقرب

وعن المكتبة يقول خالد: «كان يعمل بها 3 أفراد، يأتي أحدهم لفتحها كل يوم في الثامنة صباحا ماعدا الجمعة، ليكون الفنان في زيله يوميا في التاسعة، ويلازمه سائقه محمد أقرب الناس إليه».

 خالد هو الأقرب بين العاملين في الشارع لزملائه العمال في مكتبة كامي، حيث أنه في بعض الأوقات كان يستلم بعض الطلبيات المكتبة الوارد إليهم، وعادة كانت عبارة عن مراجع أجنبية، وكتب ضخمة، غالبيتها بلغات غير العربية، حسبما يقول، كان يتسلمها في وقت متأخر من الليل وقت دوامه الليلي في البنك، ويسلمها لأحد عمال المكتبة صباحًا.

مكتبة ملك مصر للتأمين

حول ملكية المكتبة المختلف عليها والتي تسببت في غلقها للمرة الأولى منذ أن اشتراها في ثمينينات القرن الماضي، حسبما علم خالد من الموظفين الأقدم منه في المكان، يقول لا أعلم سبب النزاع، ولا أحد هنا يمكنه الإجابة عن صاحب المكتبة، لكن الجميع يعلم أنها ملك لحسن كامي وزجته الراحلة.

بطريقة عفوية يلقي خالد معلومة جديدة عن المكتبة قائلا: «أصلا العمارة كلها بما فيها البنك ومكاتب الطيران المجاورة، تابعة للأصول العقارية المملوكة لشركة مصر للتأمين، والجميع هنا مستأجرين».

 وعقب وفاة كامي بساعات قليلة بدأت نزاعات ملكية بين وريثته الوحيدة شقيقته، وبين محاميه عمرو رمضان، الذي يدعي أن الفنان الراحل باع له بعض ممتلكاته قبل موته بفترة، وأنه كان يعاني من فتراته الأخيرة من فقر طارئ.

مقتنيات ثمينة

مقتنيات المكتبة ربما هي السبب في تفجير صراع حولها فيوجد بها، كتب ومقتنيات نادرة تقدر بملايين الجنيهات، فوفقا لمسؤول التقييم بالمكتبة، فرج يونان، يوجد بها كتب قيمة وتراثية أكثر مما يتخيل أحد، ومنها 5 نسخ من كتاب وصف مصر الذي ألف وقت مجيء الحملة الفرنسية لمصر،  إضافة لـ 120 ألف كتاب آخرين غالبيتها نادرة.

في حديثه لبرنامج كل يوم الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي، يقول يونان إنه باع نسخة واحدة العام الماضي من كتاب وصف مصر بـ400 ألف جنيه، وبقى بالمكتبة 4 نسخ.

ويضيف أن المكتبة تضم أيضا على سبيل المثال كتاب مساجد مصر، الذى يحمل توقيع الملك فاروق، منذ عام 46، كما توجد بالمكتبة عدد من لوحات المستشرقين الذين قدموا إلى مصر والشرق الأوسط لا تقل عن 600 لوحة وأسعارها تتراوح ما بين 8 إلى 180 ألف لكل واحدة منها وأن بعض الكتب الموجودة عمرها 400 سنة .

 ويشكك يونان فيما يقوله المحامي عن الراحل حسن كامي بأنه كان يمر بضائقة مالية، مؤكدا أن المكتبة مكونة من 3 أدوار، وأن شخص أمريكي عرض على الراحل 17 مليون دولار، مقابل بيع الكتب واللوحات الموجودة إلا أنه رفض.

صباحات ودودة

المكان المزدحم بالمارة لا يزال يحفظ خطوات حسن كامي، أرصفة الشارع، وضحكات الواقفين على الأرصفة وهم يردون عليه السلام، هكذا يقول إسلام الذي يعمل بشركة خدمات طيران ملاصقة للمكتبة، وبحسبه «كان الجميع هنا يحبه، ولم يتعامل مع الناس أبدا على أنه شخص مشهور».

لكن السيدة نيرة التي تعمل موظفة بالبنك لا تزال تذكر صباحات حسن كامي الرقيقة، كان دائما يقول: «بونجور يا هانم» لم يقل مثل غيره يا مدام أو يا أستاذة.

بابتسامة رقيقة ارتسمت على ملامح الموظفة، وهي تسترجع تعاملاتها مع الراحل، تقول: «كان متواضع لأبعد حد وكان يقف في الطابرو إذا كان المكان مزدحم، ولا يقبل أن يأخذ دور غيره».

وتشير السيدة إلى أنه كان دائم التردد على المكان بحكم تعاملاته مع البنك، إلا أنه لم يكن مختلطا بأحد إلا على قدر الحاجة فقط.

المصدر


  •  

عبدالغني دياب

عبدالغني دياب

صحفي مصري متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية