رئيس التحرير أحمد متولي
 عبدالله الشافعي يكتب: فلما تراءت السمراء

عبدالله الشافعي يكتب: فلما تراءت السمراء

الألوان هي زينة العيون وبهجة النفوس، واختيارها يفصح عن طبيعة الشخصية أو قد يشير في بعض الأحيان إلى إخفاء مشاعر قوية يكشفها هذا اللون، فلكل لون خصائص تميزه  وصفات تؤثر في نفسية الإنسان ومزاجه ويختلف أحدها عن الأخر وفقاً لما يفضل كل شخص وحسب بلده وثقافته وعاداته وتقاليده.

هناك بعض الألوان التي تخطف العين حسب ذوق كل شخص وما يفضله، فكثيرون تُبهجهم الألوان الفاتحة و«المزهزهة»،  والتي عادة ما تكون موجودة في الإكسسوارات وملابس الموضة والتصميمات الفنية.

لم أتوقف كثيرا أمام ما يبذله المصممون لإخراج اللون الذي يسرق الأنظار إليه، ولم يلفت انتباهي يوما ما أي لون «مزهزه».

توقفت لحظة! وراجعت نفسي وبحثت بداخلي فوجدت أنه يروق لي كثيرا اللون الأسود أو الأسمر أو «البلاك»  بل إني اعتبره سيد الألوان لأنه لا يحتكر الجمال لنفسه بل يضفيه على الآخرين ممن يستخدمونه في أغراضهم أو ملابسهم أو اكسسواراتهم، فيكوّن حلّة من البهاء تخطف الأنظار.

بعد هذه المقدمة الطويلة :) –نجيب م الآخر- أحيانا تتسبب معايير اختيار كثير من الشباب من اشتراط معايير خاصة لشريكة حياته -من حيث الشكل ولون البشرة ولون العين والشعر- في تأخره كثيرا في البحث، لا لقلة طلبه بل لتعقيده الأمور وتدقيقه في درجات لون البشرة.

شخصية أي شاب -وإن تميزت بقوتها- تتذبذب وتضعف عن دخوله «المنعطف التاريخي» والبحث عن نصفه الآخر، فيفضل عدد ليس بالقليل اختيار الفتاة البيضاء مُخضرّة العيون صاحبة الشعر الذي تشع منه الصّفرة كما لم تشعّ من أشعة الشمس الحارقة.

فكرت.. هل سيصل بي الحال مثلما يحدث مع الآخرين ممن سبقوني - فهم السابقون ونحن اللاحقون- ووجدت نفسي لا أميل إلى البشرة البيضاء مطلقا –لولا اختلاف الأذواق لعنّست البنات- في حين أنها معيار الجمال عند الكثيرين، ودائما نقرأ ونسمع عن الحب من النظرة الأولى بين شاب وقع في «دباديب» فتاة وجهها كالقمر المضيء، ولا أدري لماذا لا يروق لي وجه القمر المضيء هذا.

تقريبا لم أنتبه لما يروق لي من لون البشرة، حتى تراءت السمراء، هنا وقع ما يقع فيه من رآى القمر المضيء الذي يتحاكون عنه.. وتساءلت عن سبب إضاءة القمر صاحب البشرة السمراء وهل القمر بالفعل مضيئا؟! ووجدت الإجابة العلمية أن القمر لا يضيء وإنما يكتسب إضاءته من انعكاس ضوء الشمس عليه، وكذا الإنسان لا يضيء إلا بخفة روحة- الحلاوة حلاوة الروح- ولا ترى العينين إلا من سوادها.

وعندما ابتسمت «السمراء» أنارت الحياة وملأتها سعادة وبهجة، وارتسمت على ملامحها كل المعاني الساحرة التي تجعل المشاعر تتراقص فرحا، ويقول «الرافعي» :«وفي ابتسامة الحبيب ينتقل العاشق بروحه بين المعاني والخيالات الشعرية السماوية، وفي تلك النظرات منه يسافر بقلبه إلى أحلامه البعيدة كما يسافر الفلكي بعينه إلى النجوم في التلسكوب».

 الجميع يقرّ بأن الجمال مسألة نسبية، ولا يمكن أن يُتفق على مفهومه أو معناه أو مواصفاته، أحيانا يتفقون وكثيرا يختلفون، لكن  «السمار» يضفي جمالا برّاقا يمتد تأثيره إلى قلبك ليحرق كل مظاهر الجمال الأخرى، فهو يتملك من القلب كما يتملك الأسد من فريسته، وتسحر العيون السمراء المتسعة -كعيون «الظبية»- العقل فتشلّ تفكيره وتُذهِب وعيَه، فالسمراء لوحةٌ من الجمال –إن لم تكن الجمال كله- تستقر في العقل بلحظة خاطفة ولا تفارق حتى تصير أكثر حضورا في النّفْس من النّفْس.

في النهاية.. أوجه تحياتي لسيّد الألوان «الأسمر»، وسيدة النساء «السمراء» .

عبدالله الشافعي

عبدالله الشافعي

صحفي مصري متخصص في الملف الطلابي بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام ومتابع لأخبار الأقاليم، مقيم في محافظة الجيزة.