رئيس التحرير أحمد متولي
 هتلر.. تزوج 40 ساعة وقتل نفسه مرتين!

هتلر.. تزوج 40 ساعة وقتل نفسه مرتين!

شغل العالم به شرقا وغربا به، هتلر الذي أصبح اسمه يتردد في جميع أرجاء المعمورة، الطاغية الألماني الصارم صاحب حلم السيطرة على الأرض بأكملها. 

اختارته مجلة التايم البريطانية ضمن قائمة أكثر مائة شخصية تركت أثرا في تاريخ البشريَّة في القرن العشرين. أما في قائمة السفاحين، فيبلغ رصيده فيتجاوز 20 مليون من القتلى، أُبيدوا في عصره إجمالا.

يُذكر دومًا باعتباره الديكتاتور «الأعظم»، فخلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية، كان قد سيطر على معظم القارة الأوروبية، باستثناء بريطانيا، واحتل ثلث مساحة الاتحاد السوفيتي.

طفولة مضطربة

 في العشرين من أبريل عام 1889، وُلد الطفل أدولف ألويس هتلر، الطفل الرابع من أصل 6 أبناء لوالديه، إلا أن جميعهم ماتوا إلا شقيقته باولا، التي تصغره بسبع سنوات، إلا أن سنوات حياته الأولى لم تكن طبيعية وهادئة.

كان أدولف شديد التعلّق بوالدته، إلا أن علاقته مع أبيه كانت مضطربة، خاصة مع ميل الأب لضرب أدولف وأمه بالسوط، «عقدت - حينئذ - العزم على ألا أبكي مرة أخرى عندما ينهال علي والدي بالسوط» هكذا قال بعد أعوام لمدير أعماله.

كما كانت أسرته كثيرة التنقل من مدينة لأخرى، ومعها تنقل أدولف من مدرسة لأخرى، كان والده يرغب أن يصبح ابنه موظفا بالجمارك مثله، إلا أنه كان يهوى الرسم؛ فقرر التمرد على أبيه وتحول من متفوق في دراسته الإبتدائية، إلى طالب يرسب في دراسته ويتأخر عمّن هم في مثل سنه.

وهو في الرابعة عشر من عمره، توفي والده فقرر ترك الدراسة قبل حتى الحصول على شهادة المدرسة الثانوية، خاصة بعد بدء تحوّل تفكيره إلى القومية الألمانية، بعد أن قرأ أحد كتب والده وأدرك أن الألمان من أصل نمساوي لم يكن لهم حق الدفاع عن ألمانيا أثناء الحرب الفرنسية البروسية.

مراهقة مُشردة

بعد وفاة والده بعام، بدأ هتلر في عَيش حياة بوهيمية في فيينا، اعتمادا على منحة حكومية لإعانة الأيتام، بجانب دعم مالي من والدته. حاول هتلر التقدم مرتين لأكاديمية الفنون الجميلة في فيينا؛ إلا أنه رُفض في المرتين لأنه «غير مناسب لمجال الرسم».

نصح القائمون على قبول المتقدمين للأكاديمية هتلر بالتوجه لدراسة الهندسة المعمارية، وافتتن هو بالأمر «أدركت في أعماقي إنني يجب أن أصبح يومًا مهندسًا معماريًا. والحقيقة هي أن سلوكي هذا الطريق كان مسألة شاقة للغاية بسبب إهمالي لإتمام دراستي في المدرسة الثانوية».

في 1907، توفيت والدة هتلر أيضا، ليبدأ هو في شقّ طريقه الخاص سعيا وراء المال، فبدأ برسم المناظر الطبيعية بفيينا وبيعها للسائحين. بعد عامين اضطر للعيش في مأوى للمشردين، وفي العام التالي استقر في منزل للعمال الفقراء.

في 1913 تسلم هتلر آخر ما بقي له من ممتلكات والده، فقرر تحقيق حلمه بالحياة في مدينة ألمانية حقيقية، وانتقل إلى ميونيخ. بعد حين، ألقت الشرطة القبض عليه باعتباره متهربا من أداء الخدمة العسكرية بالنمسا، وأظهر الكشف الطبي عليه عدم لياقته لنحوله الشديد.

بدء الحياة العسكرية

في العام التالي، اندلعت الحرب العالمية الأولى بمشاركة ألمانيا، فتقدم هتلر بالتماس لملك بافاريا؛ للسماح له بالخدمة في بالجيش، وبالفعل وافق الملك على التماسه، وتم تجنيد أدولف هتلر في الجيش البافاري.

أثبت هتلر كفاءته كجندي في الحرب، وتقلد وسامين تقديرًا لشجاعته في الحرب. كان إعجاب هتلر بألمانيا قد سيطر عليه منذ زمن بعيد، إلا أن الحرب جعلته وطنيًا متحمسًا للدفاع عن ألمانيا.

بعد أن وضعت الحرب أوزارها بتوقيع ألمانيا لمعاهدة تتنازل فيها عن أجزاء كانت تابعة لها، ظل هتلر عاملا بالقوات العسكرية، وعُين في 1919 جاسوسا للشرطة لاختراق حزب العمال الألماني، إلا أن الأمر انقلب معه إلى إعجاب بأفكار مؤسس الحزب المعادية للسامية.

بدء الحياة السياسية

في مارس 1920، تم تسريح هتلر من الجيش، فتفرغ للعمل الحزبي وخلال عام، كان قد تمكن من تطوير قدرته على إلقاء الخُطَب على الجموع، واشتهر بخطاباته المعادية لليهود والماركسيين، حتى تولى منصب القائد «فوهرر» بالحزب.

بدأ هتلر بأفكاره العدائية وقدراته الخطابية على جذب قطاع كبير من المؤيدين، من بينهم عدد من المحاربين القدامى، وكوّن جماعات مستقلة مثل جبهة العمل الألمانية ومقرها مدينة نورنبيرج.

بعد 3 أعوام من تقوية الحزب وتثبيته شعبيته، حاول هتلر الانقلاب على الحكومة في نوفمبر عام 1923، ولكنه فشل وأُلقي في السجن. استغل هتلر فترة السجن في كتابة مذكراته، التي نُشرت فيما بعد في كتاب باسم «كفاحي».

بعد فشله في الانقلاب على السلطة، قرر هتلر انتهاج استراتيجية «الشرعية»، أي يتدرج في المناصب ويترشح للحكم، وحين يتولاه بشكل قانوني يبدأ في تطبيقه فكره النازي.

بالفعل بدأت شعبية حزب هتلر في الازدياد، خاصة مع خطبه المعادية للمعاهدة التي أذلت ألمانيا وأزعجت شعبها لتخليه عن مناطق أوروبية كانت تابعة لبلادهم.

خلال 9 سنوات، كانت نسبة المقاعد التي يحصدها حزب هتلر في الانتخابات قد تضاعف، من 32 مقعد عام 1924، إلى 288 مقعد عام 1933، بإجمالي تجاوز 17 مليون صوت لصالحه، وبالتالي أحكم سيطرته على السلطة السياسية في ألمانيا.

سياسته الداخلية

بدأ هتلر في إلقاء الوعود للشعب الألماني بالإنقاذ من الركود الاقتصادي، وفكر في القضاء على البطالة بإبقاء النساء في منازلهن، فأعلن عن منح كل أنثى تنجب 4 أبناء أو أكثر صليب الشرف تكريما لها، بجانب الاتجاه إلى تصنيع الأسلحة، وأتت جهوده بثمارها بالفعل.

كما أشرف على واحدة من أكبر حملات تطوير البنية التحتية في التاريخ الألماني، شملت إنشاء الكثير من السدود، والطرق السريعة، وطرق السكك الحديدية إلى جانب عدد آخر من الإنشاءات المدنية.

تلك التطويرات والقضاء بشكل كبير على البطالة أشعر العمال والفلاحين -وهي الفئات التي كانت تعطي أصواتها لصالح حزب هتلر- بطفرة معيشية واقتصادية.

المحرقة

آمن هتلر بضرورة تحسين النسل، وبالتالي العجزة وذوي الاحتياجات الخاصة والمثليين والسود واليهود يجب أن يُقضى عليهم كي ينقرض عرقهم من الدنيا، في سبيل إبقاء وتكاثر الأعراق العليا من البشر، وخاصة الألمان.

بدأت الإبادة على ثلاث مراحل، الأولى كانت أقلهم وحشية، وشملت طرد الأعراق الدُنيا، وخاصة اليهود، من ألمانيا، بجانب اعتقال أعداد كبيرة منهم. حين بدأت ألمانيا في غزو الاتحاد السوفيتي، قرر هتلر أن الاعتقال والنفي لم يعدا كافيين، فقرر الانتقال للمرحلة الثانية.

قرر هتلر إبادة الأعراق الدنيا باستخدام الغاز السام، كانت الشاحنات تُعبأ بمن تقرر إبادتهم، ثم يُطلق الغاز السام فيها وهم بداخلها، وحين يقضون نحبهم يُدفنوا في الغابة، ثم احتاج إلى وسيلة أسرع وأقل تكلفة، فانتقل للمرحلة الثالثة.. المحرقة.

بين عامي 1941 و1943 أقيمت معسكرات إبادة، ونُقل المحكوم عليهم بالإبادة من القرى –خاصة في شرق أوروبا– إلى المعسكرات، وهناك تم قتلهم بالغاز وإحراق جثثهم.

في كل يوم كانت قوات هتلر تقوم بعدة جولات إبادة، في كل جولة عشرات الآلاف من الضحايا. بعد القتل بالغاز، الذي يستمر عشرين دقيقة فقط، تنقل الجثث إلى المحرقة.

[caption id="attachment_74539" align="aligncenter" width="667"]المحرقة الإبادة شملت العجزة والمعارضين والغجر، لم تقتصر على اليهود كما يظن كثيرون[/caption]

النهاية

اندلعت الحرب العالمية الثانية بعدما اجتاحت ألمانيا بولندا عام 1939، وتحول العالم إلى صفين، دول الحلفاء ودول المحور. في 1943 لحقت بألمانيا عدة هزائم في أوروبا الشرقية، فبدأت دول المحور بالتراجع على جميع الجبهات.

وفي 1944 وصلت قوات الحلفاء إلى فرنسا، وتمكن الاتحاد السوفيتي من استعادة كامل الأراضي التي استولى عليها الألمان. كان هذا يعني هزيمة هتلر، مما جعله يلجأ للاختباء في ملجأ الفوهرر  في بداية 1945.

انتحار مزدوج

بدأت الهزيمة تحيط بهتلر من جميع الجهات، ما جعله يتعرض لضغط نفسي، ويفكر في إنهاء حياته بنفسه، وذلك بعد أن تزوج من إيفا براون في حفل صغير في غرفة الخرائط داخل قبو الفوهرر، في منتصف ليل 29 أبريل 1945.

بعد أن تناول هتلر وجبة مع زوجته الجديدة، ذهب إلى غرفة أخرى مع سكيرتيرته وكتب وصيته الأخيرة، ووقع عليها في الرابعة صباحا. وفي صباح 30 أبريل، كان السوفيت على بعد 500 متر من القبو. في الثانية والنصف ظهرا، أطلق هتلر على نفسه وزوجته الرصاص، بعد تناوله مادة السيانيد السامة.

 

المصدر

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة