«الإرهاب»

«الإرهاب»

يتسائل الجميع عن "الإرهاب"؟، ذلك الشبح الذي ظهر على فترات مختلفة ليساهم في تشويه صور مجتمعات بعينها، ومر بمحطات عديدة سجلها التاريخ، ليقف عند الصورة المؤلمة التي يشهدها العالم خلال تلك الفترة، خاصة منطقة الشرق الأوسط الذي يصفها البعض بـ"مفرخة الإرهاب"، متناسين سجل القرن السابع عشر الذي شهد على أول ظهور للمصطلح في قلب أوربا.

ظهرت كلمة "Terrorism" - تعني في اللغة العربية "الإرهاب" - في لغات أوربا مع قيام الثورة الفرنسية التي شهدت الكثير من أحداث العنف، ومحاولة حكومة "باريس" لفرض إصلاحات بعينها على الشعب عرفت تاريخيا بـ"عهد الرعب"، وفي عام 1798 عرفت الأكاديمية الفرنسية معنى كلمة Terrorism على أنه: "نظام أو حكم يرهب المواطنين".

وفي القرن التاسع عشر بدأت فكرة الإرهاب تأخذ شكل جديد فى روسيا حينما شكلت مجموعة أطلقت على نفسها "Narodnaya Volya" - إرادة الشعب - كانت تهدف لاغتيال القيادات القمعية تحت حكم Tsar Alexander II الذي اغتيل فى مارس 1881 على يد هذه المجموعة كمحاولة ثورية لتغييرالحكم، وظل معنى الإرهاب فى هذا الوقت هو عمليات الاغتيال للقيادات أو رؤساء الدول حتى منتصف القرن التاسع عشر.

فى منتصف القرن التاسع عشر بدأت الحركات الثورية ضد الاحتلال البريطاني في  (الهند والمشرق العربي) عمليات مقاومة من أجل الاستقلال، في ذلك التوقيت رأت الحكومة البريطانية أن تحركات المقاومة ما هي إلا إرهاب يجب التصدي له، وأطلق المصطلح أيضا على الحركات التي رفضت أنظمة ستالين في روسيا، وموسيليني في إيطاليا، و النظام النازي الهتلري في ألمانيا، ومن ثم ارتبط مصطلح "الإرهاب" تاريخيا بتحركات الشعوب الأوربية للتحرر من الحكومات والأنظمة المستبدة.

إلا أن أغلب الدراسات الدولية التي تناولت مصطلح "الإرهاب" أكدت على أن أخطر أشكاله هي التي تقوم على التمييز الديني ضاربة المثل بمذابح اليهود ضد الفلسطينيين، في نهاية أربعينيات القرن العشرين، على رأسها مذبحة دير ياسين.

وفي عام 1972 أصدرت الأمم المتحدة تعريفها لمصطلح "الإرهاب" بأنه: كل استخدام للعنف غير القانوني أو التهديد به بغية تحقيق هدف سياسي معين".

في حين عرفته المحكمة الجنائية الدولية على أنه: استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الأبرياء من أجل كسب سياسي، أو الاستخدام غير القانوني للعنف ضد الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين أو حكومتهم للإذعان لأهداف سياسية"1

بداية الثمانينيات من القرن الماضى بدأ بعض الكُتاب الأمريكين فى الترويج لمفهوم مستحدث لـ"الإرهاب"، ليتم تفصيل المصطلح على "الإخلال بأمن الغرب فقط!"، والحديث عن مؤامرات تستهدف استقراره، خاصة مع بداية التسعينيات وتنفيذ العديد من الهجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية ومصالحها تحت مسمى الجهاد الإسلامي، ومن أبرزها حادث تفجير مركز التجارة العالمي الذي وقع عا 1993 وراح ضحيته ستة أشخاص وإصابة العديد، ثم مذبحة الأقصر فى مصر عام 1997 بحق السياح.

من هنا اتخذت دول العالم تصنيفا جديدا لمصطلح "الإرهاب"، ليتم إطلاقه على أي عمل عنيف نفذه عرب ومسلمون، مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 المنسوبة لـ"القاعدة"، ثم ظهر بعدها مصطلح "الحرب على الإرهاب" لتصاحبه ظاهرة "الإسلاموفوبيا" والخوف من الإسلام  التي اخترعها فرنسيون بعد استقلال الجزائر و تونس خشية تأثر ثقافتهم بالمسلمين والمهاجرين العرب لبلدهم، ما دفع البعض لارتكاب جرائم عنصرية بحقهم.

المصادر:

Hoffman, Bruce. "Inside Terrorism, chapter one", Review, BooksThe NewYork Times Web,

Roberts, Adam. "The Changing Faces of Terrorism" , BBC- History.

Zalman, Amy. "History of Terrorism"

آمنة زايد

آمنة زايد

صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بالكتابة في موضوعات السفر والطعام والتعليم بالخارج