محمود عبدالرحمن يكتب: 60 يومًا دون سيجارة
مر 60 يومًا منذ أن أقلعت عن التدخين تمامًا، لعل القرار جاء نتيجة عدة مواقف جعلتني اتخذ القرار بعد 6 أو 7 سنوات من التدخي اليومي سواء كانت سجائر علب أو تبغ صنع يدوي «لف» أو الشيشة أو مايطلق عليه «نارجيلة».
المشهد الأول
دخلت محاضرة لشرح مخاطر سرطان الثدي للنساء، يوم 3 أكتوبر الماضي، وخلال تلقي المعلومات والبيانات التي استخلصتها الابحاث شعرت بأن نسبة النيكوتين في جسدي تنخفض ويزيد ارتفاع ضغط دمي، حينها فتحت حقيبتي بحثًا عن علبة السجائرة، وأخرجتها وانا في فرحة عارمة، ولكني وجدتها فارغة !
في الجامعة الأمريكية بالتجمع الخامس لم اجد مكان يبيع سجائر أو حتى أحد يدخن. فعلينا شعرت منذ فترة أني لا استطيع التخلص من شرب السجائر بالرغم من ترديد عبارة «انا لما هعوز هبطل هبطل» داخل نفسي، ومرت الساعات ببطئ ولكني عوضت السجائر بالإفراط بشرب القهوة. وانتهت المحاضرة ووصلت إلى ميدان التحرير وأول ما وضعت قدمي على الأرض الطاهرة حتى اشتريت علبة سجائر وعند اشعال أول سجارة لي شعرت بسلام داخلي غير محدود ممزوج بسيطرة وفقدان الإرادة.
المشهد الثاني
يوم 6 أكتوبر، خلال حديثي مع صديق مقرب عن فوائد البن والقهوة، أخذ يشرح لي كيف وصل إلى أنه كان يحتسي 7 أكواب يوميًا وعندما شعر بأنها تسيطر عليه ولا يستطيع أن يكمل يومه بسلام وأمان إلا بها، أخذ قرار بانه يجب أن يتوقف عن شربها.بشكل غير مباشر الموضوع اتصل في عقلي لكيف أني أيضًا لا اجد القدرة على التوقف عن التخدين !
المشهد الثالث
منذ ست سنوات كنت أعمل خلال فترة الإجازة الصيفية للثانوية العامة في مطعم للأسماك وبعد انتهاء فترة العمل الساعة 2 صباحًا جلست مع باقي العمال وبالصدفة اعطاني أحد العمال سجارة، لا اعرف لماذا لما قبلت ؟ وكانت المرة الأولى التي اشرب فيها سجارة من ماركة كليوباترا «كوكو الضعيف» .الموضوع بدأ بشكل تدريجي مرة اشتري سجارة «فرط» أو اعتمد على سجارة أو اثنين يوميًا من صديق وكنت حينها امتنع عن الشرب فترة وأعود أو كما تسمى «شرب تفاريح». حتى جاءت اللحظة التي دفعتني الرغبة للتدخين وانفقت فيها أموال واشتريت أول علبة سجائر وهنا كان التحول من التدخين بشكل «مدخن تفاريحي» إلى «مدخن صحاب مزاج»
المشهد الرابع
وبعد معاناة مع التبغ محلية الصنع انتقلت إلى الأنواع الأجنبية والمستوردة، ودخلت مرحلة الاختيار بين الأنواع التبغ والمقارنة جودة التبغ وبين سلاسة الدخان في كل سجارة، مع صنع طقوس عند التدخين كـ الاستماع إلى موسيقى فقط أو أغانٍ لفيروز مع إضاءة خافتة وجعل القهوة ملازمة للسيجارة، حتى اصنع جو وحالة حتى اعطي احساس لعقلي الواعي بان هذا سيجعلني اشعر بالراحة والاستراخاء والسعادة.
المشهد الخامس
منذ يوم 6 أكتوبر مر 60 يومًا على إقلاعي عن شرب السجائر بشكل تام. دون أن تدرج في التوقف أو متابعة نظام معين للتوقف عن التدخين. الموضوع كان بخبرات متراكمة حاولت خلال العامين السابقين أن امتنع عن التدخين ولكني فشلت وكانت أكثر فترة كنت غير مدخن هي 53 يومًا. وأكثر أشخاص كانوا عائق أمامي هم المعارف والأصدقاء المقربين.
- فمنهم من كان يقول دائما : «ياعم أنت مش هتعرف تبطل»
- وأخر غير مدخن يسخر قائًلا : «يومين وهترجعلها تاني أنت كل مرة بتعمل كدة»
- ومن المقربين من كان يعلم أني بدأت الإقلاع عن التدخين كان يصر على أن اشرب معه
أنا تقربيًا أكاد أكون حققت نجاح في الفترة السابقة بعد اكتشافي أن الدائرة التي تحيط بالمدخن تكون هي الحائل ضد إقلاعه عن التدخين أكثر من إرادته الذاتية.
خلال فترة النقاهة
أول 21 يومًا لم اقول أني امتنعت عن التدخين لأي أحد، حتى لا اسمع عبارات محبطة أو كلمات سخيفة، كنت دائما اتحجج بأني لست بمزاج للتدخين وكنت ابتعد عن الأشخاص والأماكن التي ربما تجعلني اتراجع او اضعف.
وضعت خطة بسيطة وسهلة وألزمت نفسي على اتباعها :-
- أولا إذ صادف وكنت مع صديق وقرر أن يعطيني سجارة أن اتحجج باني لست بمزاج جيد ولا اريد التدخين، وكانت تنج في أغلب الحيان.
- التقليل من الجلوس على المقاهي أو الأماكن التي تكتظ بالمدخنين والبحث عن أماكن بديلة أو المشي.
- إذا صادف وسئلني أحد «هل أنت مدخن؟» كنت اجيب بالنفي سريعًا حتى اجعل اللاوعي يستوعب الوضع الجيد ويؤهل عقلي الواعي أني شخص غير مدخن.
- كنت اقرأ تقارير عن اضرار التدخين وعن الأمراض التي تسببها على المدى البعيد والقريب.
- ملازمة أشخاص لديهم طاقة أيجابية.
الإقلاع عن التدخين ليس مستحل ولكنه صعب. صعب أن تغيير عادة استمرت معك سنين في يوم أو أيام، ولكن إذا وجدت أسباب مقنعة ستتوقفـ، ستعاني فترة، يحتمل أن يكون السبب صديق هلكت صحته بسببها أو انخفضت قدرته الجنسية أو ضيع جزء من ماله عليها ، عدم الرغبة في سيطرة أي شيء عليك.