تجول في عقول اليابانيين.. «رقص رقص رقص» ثم «نعاس»

تجول في عقول اليابانيين.. «رقص رقص رقص» ثم «نعاس»

«لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة، ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني، ومهما يأكل الانسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة، ومهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد، ومهما يتنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين. ولكنه بزاد الفكر والشعور والخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره وخياله، كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل، وتتضاعف الصورة بين مرآتين».. هكذا وصف عملاق الأدب العربي عباس العقاد القراءة.

من يحب القراءة يعلم هذا الشعور جيداً، أن تتجول في عقول الآخرين، تقرأ أفكارهم وتختبر مشاعرهم، أن تشاهد حضارات فَنت منذ قرون، وتزور دولًا لم تطأها قدماك من قبل. إن لم تجرّب هذا الشعور من قبل، فأنت في حاجة للاطلاع على الأدب الياباني، المُحمّل بثقافات عدّة مختلفة كليًّا عمّا قرأته من قبل.

الأدب الياباني، برغم حداثته النسبية في عالم الأدب العالمي، إلّا أنه خصوصيته وتميّزه، بفعل طبيعة المجتمع الياباني وتقاليده المتوارثة، قاداه إلى نيّل جائزتي نوبل القرن الماضي.

إن لم يسبق لك قراءة أي رواية يابانية، سنرشّح لك عددًا من الروايات الرائعة، التي قد تنال إعجابك. ولنبدأ بالروايتين الحاصلتين على جائزتي نوبل، الأولى «الجميلات النائمات» للروائي ياسوناري كواباتا، ويغوص كاواباتا من خلالها إلى واحدة من أكثر المشاكل النفسيّة تعقيدًا، تلك المنطقة الغائمة بين الموت والشباب، ليواجهك بتلك المخاوف الخفيّة من العَجَز، من الفَقد، ومن النهايات غير المتوقعة أبدًا، حتى أن «ماركيز» ذكر في مقدمتها أنها «الكتاب الوحيد الذي تمنى لو كان كاتبه».

أمّا الرواية الثانية، فهي «الصرخة الصامتة» للروائي أوي كنزابورو، ونُشرت بعد روايته «هموم شخصيّة» التي تحدث فيها عن معاناته بعد ميلاد ابنه المعاق.

يروي كنزابورو في «الصرخة الصامتة» جزء من سيرته الشخصيّة، ووقائع الحياة التي عاشها في الريف، ومأساة اليابان، عقب سقوط قنبلتي نجازاكي وهيروشيما، عندما كان في العاشرة من عمره.

بعيدًا عن روايات نوبل، هناك عدد كبير من الروايات الرائعة التي تستحق القراءة، مثل روايات الأديب الشهير «هاروكي موراكامي»، الذي اشتهر برواياته الجدليّة، التي يجتهد فيها القارئ لفهم ما يقصده موراكامي، حتى إن تطلب الأمر قراءة الرواية أكثر من مرّة.

ربما تعد روايات «كافكا على الشاطئ»، «رقص رقص رقص»، و«نعاس» أشهر روايات موراكامي المترجمة إلى العربية، وإن كانت الأولى أكثرهم غرابة، حيث تدور في أبعاد غرائبية و«ميتفايزيقية»، يعتمد تفسيرها على خبرات القارئ الشخصية وتفسيراته المبنية على تجاربه الخاصة. أمّا «رقص رقص رقص» فتناقش حياة الفرديّة والتمزّق والعزلة التي تصاحب الرأسمالية الحديثة، مازجًا بين «الفانتازيا» والحياة الواقعية.

في حالة أنّك لا تهوى الروايات التي تتطلب جهدًا لفهم طبيعتها، مثل روايات «موراكامي»، فيمكنك قراءة رواية «عطش الحب»للروائي يوكيو موشيما، وهي رواية اجتماعية تدور حول شريحة من المجتمع الريفي، والأحداث اليومية لعائلة يابانية تقليدية، تتسلسل فيها الأحداث بشكل سلسل وغير مفتعل.

كما يمكنك قراءة رواية «سرب طيور بيضاء» للروائي الكبير ياسوناري كاواباتا، والتي اعتُبِرت الرواية الأفضل في عام طرحها، وتصور معركة الإنسان الأبدية، بين الروح والجسد والخير والشر، من خلال أحداث عكست تقاليد وعادات وأخلاقيات المجتمع الياباني، والتي تُعد غريبة كليًّا عن القارئ العربي.

في النهاية، الأدب الياباني ثري بكم ضخم من الروايات المختلفة، المعقدة والبسيطة، الملحمية والهادئة، بالتأكيد أيًّا كان ذوقك، ستجد ما يستهويك بين الروايات اليابانية.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة