5 روايات كلاسيكية.. «كاتب إحداهن أميا»
أن تقرأ رواية عالمية مُترجمة للعربية، أمر جيد، خاصة وإن كان المُترجم على قدر كبير من الإتقان في النقل والترجمة دون الإخلال بالمعنى، إلّا أن الترجمة في حد ذاتها تُفقد الرواية قوة نصّها الأصلي. ورغم أهمية القراءة في الأدب العالمي، إلّا أن للأدب العربي كلاسيكيات، تُعد دُررًا تستحق القراءة مرة بعد أخرى.
بين الرومانسية الحالمة، والدراما القاتمة، تنوعت الرواية العربية، في السطور القادمة، نقدّم لكم 5 روايات عربية تستحق أن تُقرأ..
إني راحلة - يوسف السباعي
البداية مع أفضل من كتبوا في الروايات العاطفية في تاريخ الأدب العربي، الروائي الكبير يوسف السباعي، وروايته الرائعة "إني راحلة". لا أعرف سر إبداع السباعي بالتحديد، ولكنني كلما قرأت هذه الرواية، رغم عدم ميلي لهذا النوع من الروايات، إلّا أنني أشعر أني وسط تلك الحديقة، جالسة بشرفة ذلك القصر عصرًا، كما كانت "عايدة" في انتظار "أحمد".
تبدأ الرواية برسالة وداع صادمة من "عايدة"، تُعلن فيها قرارها الصارم والنهائي بالرحيل، لا تعلم أي رحيل تقصد؟ فتستمر معها في سردها لحكايتها المأساوية وصولًا لنهاية الرواية.
ربما تكون قصة الرواية تقليدية مكررة، ذلك الحب البائس بين فتاة ارستقراطية وشاب من الطبقة المتوسطة، لا يطالها يومًا ولن تنحدر له هي أبدًا. إلّا أن طريقة سرد "السباعي" وغوصه في وصف المشاعر بدقة مُذهلة، تجعلها مُختلفة كليًّا عن أي رواية أخرى تحمل نفس الفكرة.
الخبز الجافي- محمد شكري
إحدى الروايات "المهضوم حقها"، فهي أقل شهرة ما سبقها وسيليها من روايات، رغم أنها لا تقل عنهم إتقانًا وجمالًا. هذه الرواية تختلف كليًّا عن الرواية السابقة، فهي تعتبر الجزء الأول من السيرة الذاتية لكاتبها الروائي المغربي محمد شكري.
تحكي الرواية عن البؤس الذي تعيشه طبقة معينة من طبقات المجتمع، بين العنف، الاستعمار، الفقر، الجوع، الجهل والأوبئة. يروي شكري في روايته كيف تؤثر البيئة التي ينشأ فيها الطفل في شخصيته، خيالاته وأحلامه. توصيف شكري لمشاعر البطل كان دقيقًا لأقصى حد، وربما هذا ما جعلها تُترجم للكثير من اللغات.
كاتب هذه الرواية، عاش أول 20 عاما من حياته أميا لا يقرأ ولا يكتب، حيث نشأ لأب شديد القسوة، حتى أنّه قتل أحد أبنائه في نوبة غضب ذات مرة، مما اضطر شكري لترك المنزل والعيش مع الطبقات السفلية في المجتمع.
الرواية قد تكون قاسية للبعض، يتحدث فيها شكري عن أقل طبقة في المجتمع، قبل أن تبدأ في القراءة، توقع أن تقرأ تعبيراتٍ صادمة، وتشبيهات مُقززة، في النهاية هو فقط ينقل واقعًا عايشه.
يوميات نائب في الأرياف - توفيق الحكيم
عودة للأدب المصري مع الأديب العظيم توفيق الحكيم، إن لم تكن قد قرأت له من قبل، يمكنك أن تبدأ برواية "حمار الحكيم"، فهي سلسة وبسيطة. أمّا إن كنت قد قرأت له من قبل، فهذا وقت هذه الرواية.
يروي "الحكيم" في هذه اليوميات مشاهدًا من الحوادث والقصص التي تُعرض على نائب منتدب بالأرياف، وما يواجهه أثناء عمله في القضاء في أحد مناطق الريف المصري. يهوى "الحكيم" الكلام عن مجتمعاتٍ منسية، "بدويات في بلد الحضارة"، كيف مازال هناك أناس غارقين في جهالات القرون الماضية، وهذا ما يُناقشه الحكيم في هذه الرواية، بطريقته الفريدة المعتادة.
حكايات حارتنا - نجيب محفوظ
هل قرأت "أولاد حارتنا" للروائي الكبير نجيب محفوظ؟ إن لم تكن قد قرأتها بعد فعليك البدء الآن، أمّا إن كنت قرأتها بالفعل وأعجبتك، حان دور هذه الرواية إذن.
هذه الرواية، أو المتتالية القصصية هي إحدى تجليّات نجيب محفوظ لعبق الحارة وسحر حكاويها. برغم أنها تضم 78 حكاية، إلّا أنك لن تشعر بأنها "ثرثرة"، الطاقة محفوظ السردية تستحق التأمل دومًا، كيف يتملك هذا الكم من الحكاوي، وكيف ينقلها بسلاسة بهذا الشكل؟
الحكايات تحدثّت عن كل شيء، وتنقلّت بين عوالم وشخوص متباينة؛ حيث السياسة والفتونة والحب والتكية والموت.
بعد الغروب - محمد عبد الحليم عبد الله
عودة للروايات العاطفية، النوع المُفضل للكثيرين، وهذه الرواية تحديدًا، تحمل قدرًا وفيرًا من المشاعر الرقيقة، المتبادلة بين شاب ريفي، يكافح كي يضمن قوت يومه، وابنة صاحب إحدى العزب التي يعمل بها ناظرًا.
لعبدالحليم قدرة مذهلة على انتقاء الألفاظ التي يستخدمها، لغته سهلة، مُنمقة، إلّا أنها عميقة ومُنتقاة بقدرة لُغوية رائعة، حتى أنها، ورغم تقليدية قصتها، اختيرت ضمن أفضل 100 رواية عربية.
