مي الفحام تكتب: حب قشرة
لديَّ مشكلة حقيقية في تقييم علاقات الحب التي أراها أو أسمع عنها، فبالنسبة لرأيي المتواضع الحب الحقيقي هو استمرار في علاقة ناجحة خالية من كل أشكال التجريح وغنية بكل دلائل الاهتمام، وليس بعدد عبارات الغزل أو باقات الورود، أو الـ "Creative photo sections" التي يقوم بها المخطوبون أو الأزواج، والتي أحيانا يكون الغرض منها هو إظهار الحب للآخرين أكثر من أنفسهم.
تستفزني العلاقات التي يبنى المتفرجون عليها قصصا وحواديت من الرومانسية والوله، ربما لا يشعر بها أصحابها أنفسهم، خاصة تلك العلاقات التي تُثبت فشلها بعد فترة أو على الأقل تثبت أنها لم تكن حالمة غارقة في برميل الرومانسية كما صورها المتابعين، وربما تعتبر علاقة النجمين "براد بيت وأنجلينا جولي" هي الأكثر استفزازا، بسبب إصرار الجموع على وضعهما في قالب فوق النموذجي، رغم اعتراف "بيت" بأنه خان حبيبته وأقام علاقة مع ممثلة خلال إحدى سفرياته وعاد واعترف لها بالأمر، وهي بدورها نشرته إعلاميا، تحت شعار "بيت مش بيقدر يخبي عني حاجة، خاني وندم ورجع اعترف.. عاتي"، لا أعلم أين العظمة في هذه الفعلة من بدايتها لنهايتها!
رواد "الفيس بوك" لا يملون من ضرب المثل بعلاقة هذا الثنائي في صورة ينظر لها "بيت" لزوجته بهيام، أو في عبارة ذكرتها "جولي" في إحدى التصريحات الصحفية حول تقديرها لزوجها خاصة بعد أزمة مرضها، تلك الأزمة التي سبق وصرح خلالها "بيت" أنه فكر فعليا في الانفصال عن شريكة حياته بسبب عصبيتها وتغير طباعها قبل أن يعدل عن قراره، يؤسفني أن أصدمكم بأن أقول أن الشخص الذي يعشق حبيبته لحد الـ "هيييييح" كما تعتبرون دائما، لا يمكن أن يفكر في تركها بسبب تعكر مزاجها بسبب المرض، والأهم من ذلك، أنه لن يقدم على خيانتها ولا حتى مجرد التفكير في امرأة سواها طالما اعتبرتموه نبيا للغرام. وأعتقد أن قصة حب النجمين (عمر الشريف وفاتن حمامة) تعتبر كذلك فرصة محلية لـ "ضَرب المثل في الحب والإخلاص"، فنحن أمام نموذج لزوج فضّل تحقيق حلم العالمية على البقاء في بلده بجانب زوجته وابنه، حبه العظيم لم يكن دافعا كافيا ليضحي ويكتفي بفيلم أو اثنين فقط ليعود بعدها يستكمل مسيرته الفنية بوطنه، كما لم يكن هناك مساحة كبيرة من التضحية للزوجة في أن تترك هي مستقبلها الفني لتعيش معه في الخارج، فطالما كل شخص رفض التنازل عن عمله كما أراده هو وقرر ترك شريك حياته، أين عظمة الحب التي تتحدثون عنها؟ هل هي في كلمات التقدير الراقية التي كان يذكرها "الشريف" عند سؤاله مؤخرا عن حبه لها وذكرياته معها؟ هذا الأنسب له أن يوصف بـ"رباية عالية وحفظ للعشرة" وليس بكونه "مجنون فاتن"، من دون أي مراعاة لمشاعر زوجها الثاني والذي ظل معها حتى آخر لحظات عمرها، في الوقت الذي تدرك فيه المرأة حقا قيمة الرجل في حياتها.
الدباديب وعلب الشيكولاتة وصناديق الهدايا (أم ترتر) لم تعد دليلا على حب حقيقي، فجميع الأحباء أصبحوا يتهادون بها ليعودوا بعدها بيومين يلعنوا اليوم الذي التقيا فيه، حتى مفاجآت التقدم للطالبات داخل الجامعة أو على شاطئ البحر للزواج، أصبحت مستهلكة وطالت مؤخرا مراهقين الثانوية العامة، ولا تندهشوا عندما تسمعوا عن إحدى القصص التي بدأت بخطوبة علنية وركوع على ركبة في الشارع وانتهت بسبب خناقة على صورة أو خلاف مادي بين الأهالي، فبوستات الفيس بوك منقولة من روايات المؤلفين وصور المخطوبين على الشاطئ وداخل الفيلل المسكونة بالأشباح غالبا تكون من اقتراحات المصور نفسه.
ابحثوا عن علاقة حب حقيقية تؤكدها المواقف ولا يهزمها الزمن وملله، بدلا من تصبير أنفسكم بحكايات النجوم التي يفتعلوها لزيادة أسهم نجوميتهم، أو ألبومات المصورين التي يتخذونها مجرد مصدر للرزق، ولا داعي أن أصدم الآلاف من متابعي مسلسل (أريد رجلا)، بأن في الجزء الثاني سيتزوج سليم على أمينة وستقوم هي بجرجرته في المحاكم.. خلينا ساكتين بقى.