«آلاء».. رسمت بالبكتيريا وابتكرت مستحضرات تجميل طبيعية
يقولون إن مصر بيئة خصبة للمشروعات الشبابية.. هناك من يؤيد هذه المقولة أو ينفيها، لكن التعرف على تجارب الشباب وما يواجهون من صعوبات أو يحققون من نجاح، هو أفضل دليل.
في هذا التقرير نعرض لكم تجربة آلاء ومشروعها «نانقر» المتخصص في صناعة مستحضرات العناية بالبشرة، من مواد طبيعية 100%.
تخرجت آلاء في كلية التربية الفنية عام 2011. لكن شغفها كان في منطقة بعيدة تمامًا، حيث العلوم البحتة والبيولوجي والعالم السري للطبيعة والنباتات.
بلغ حب «آلاء» للعلوم أنها دمجت الفن بالعلم؛ فلم تستخدم الفرشاة والألوان في الرسم، بل اتجهت للرسم بالبكتيريا، حيث يتم استخدام مادة عديمة اللون مغذية للبكتريا في رسم الشكل الذي تريده، وعندما تتجمع البكتريا عليها، تظهر الرسمة بوضوح.
التحقت «آلاء» بدبلومة «أسطى لاب» التي يقدمها «فاب لاب إيجيبت» والمتخصصة في تصنيع الآلات، والتكنولوجيا اللازمة لإدارة المشاريع، لتصنع آلة تسهل عليها الرسم بالبكتريا. وبعد انتهاء الدبلومة حصلت «آلاء» على فرصة لتكون مديرة معمل في «فاب لاب».
أما «فاب لاب» فهو مساحة لدعم المشاريع الشبابية، وتقديم الدبلومات العلمية.
ميلاد فكرة
تعشق «آلاء» الطبيعة واللعب بالمكونات واكتشاف أسرارها. كانت أولى تجاربها في بيتها وبالأخص في غرفتها، بمشاركة أختها عندما قررت خلط بعض المواد ببعضها لصنع أول مزيل عرق طبيعي 100%. كان الغرض هو الاستخدام الشخصي فقط. ثم بدأت في صناعة المنتج الثاني وهو مبيض الأسنان.
وبعد سلسة طويلة من التجريب، وعندما توصلت الأختان بعد عامين لصنع مادة آمنة على البشرة وترضيان عنها تماما على المستوى الشخصي، قررتا التوسع في الصناعة، وتحويلها لمشروع، خاصة مع حاجة السوق لمنتجات آمنة على البشرة، وفي وقت فقد فيه المستهلكون الثقة في المنتجات التي لا يعرفون مكوناتها وأضرارها الصحية.
رحلة البحث عن مواد آمنة
استغرق الأمر مجهودا كبيرا للبحث في الإنترنت على المواقع الأجنبية الموثوق منها، والمختصة في الأعشاب والمنتجات الطبيعية، للبحث عن مواد طبيعية وآمنة لصنع هذه المنتجات.
تستشير «آلاء» اثنين من زملائها الصيادلة ترجع إليهما للتأكد من المعلومات والمكونات التي حصلت عليها عن طريق الإنترنت.
تحكي «آلاء» أنه ذات مرة كان أحد المنتجات يتطلب إضافة مواد حافظة كما نصحها زميل صيدلي، حتى يتماسك قوامه ولا يتعفن، لكن حرصا منها أن تكون المواد آمنة تماما، قررت «آلاء» إلغاء هذا المنتج، والبحث عن مكونات لا تتطلب إضافة مواد حافظة، وبدأت تصنيعه من «أول وجديد».
اقرأ أيضا⇐«عشان تبدأ مشروعك.. اعرف يعني إيه ريادة أعمال»
المنتجات التي قدمتها «نانقر» هي كريم للشعر، ومبيض الأسنان، ومزيل العرق، وواقي من الشمس، ومعالج للهالات السوداء، وكريم للحبوب.
ولا تخرج المكونات المستخدمة عن الزيوت الطبيعية مثل زيت الجوجوبا، وجوز الهند، وزيت الزيتون، وزبدة الشيا، وشمع عسل النحل، وزيت الليمون، وغيرها.
تعرض «آلاء» منتجاتها من خلال صفحة «نانقر» بـ«فيس بوك». أما التوصيل فيتم من خلال شركة شحن، للقاهرة والمحافظات.
وعند سؤالها هل الأمر يحتاج إلى تصاريح من وزارة الصحة، أجابت أن الحصول على التصريح أمر سهل جدا» لكنها لا تريد أن تقحم الروتين الحكومي في مشروعها حتى هذه اللحظة، وتعتمد على تجارب الآخرين وتعليقاتهم الإيجابية، لطمأنة الزبائن.
التنفيذ
واجهت «آلاء» تحديات كبيرة جدا، أهمها أن المواد الطبيعية التي تستخدمها، ليست متاحة في السوق المصرية؛ قد تكون متاحة في بعض المنافذ لكنها مرتفعة الثمن جدا ولا تضمن ألا تكون مغشوشة. أما العبوات التي تعبئ فيها المنتجات، فقد خاضت رحلة شاقة من البحث عن عبوات طبية وآمنة ولا تتفاعل مع المكونات، ولم تجد.
في النهاية تستورد «آلاء» منتجاتها سواء المواد الخام أو العبوات، من خلال الإنترنت. تجد صعوبات كثيرة في التعامل مع الجمارك أو في تسعير المنتجات، بسبب الارتفاع المستمر في سعر الدولار.
اقرأ أيضا⇐«مش أي حد يبدأ مشروع.. تعرف على مهارات رائد الأعمال»
تقول «آلاء» في حديثها لـ«شبابيك»: «الارتفاع المستمر للدولار عملية مرهقة جدا، لا يمكن أن أرفع السعر على الزبائن كل فترة، فهذا شيء غير معقول بالمرة، رغم أن سعر الخامات في ازدياد بسبب ارتفاع الدولار».
أما عن تسعيرها للمنتجات فتقول: «الأسعار مقارنة بالجودة تعتبر مناسبة، خاصة أن السوق يمتلئ بالمنتجات الأعلى سعرًا والأقل جودة، وأيضا غير معروفة المنتجات أو الأضرار الجانبية».
«آلاء شاهين» في حديث خاص لـ«شبابيك»
التسويق
ليس سهلًا على الإطلاق أن تجعل الناس تثق في منتج للعناية بالبشرة مصنوع في المنزل، وإقناعهم بأنه طبي وآمن تماما. ورغم اعترافها بعدم خبرتها في التسويق اعتمدت «آلاء» على ثلاثة أشياء، كتسويق مبدئي لمشروعها الناشئ.
أولا: تطلب الأمر من «آلاء» وأختها سنة كاملة يوزعان فيها المنتجات على الأصدقاء والمعارف مجانًا، حتى استطاعتا كسب ثقتهما في المنتج.
ثانيا: تعريف الجمهور عبر «فيس بوك» على المكونات التي تستخدمها في صنع منتجاتها، وجميعها زيوت طبيعية، مثل زيت الجوجوبا وزيت جوز الهند وزيت الزيتون. لاستغلال احتياج السوق للمنتجات الطبيعية.
ثالثا: اختيار اسم غير معتاد ليجذب العملاء، وهو «نانقر» والذي يعني بالفرعوني «الجمال والكمال» وهو اسم يطلق على زهرة اللوتس التي قدسها الفراعنة.
رابعا: تصميم غلاف العبوة، مستحوى من الطبيعة حيث يمثل «لحاء» الأشجار وهو الطبقة الخارجية للنباتات. حرصت آلاء أن يكون التصميم أنيقا ليعطي ثقة في المنتج.
خامسا: حظت منتجات «نانقر» بتعليقات إيجابية، حرصت على نشرها على صفحتها بـ«فيس بوك». فالدعايا الإيجابية جزء من التسويق الفعال لأي منتج.
ترغب «آلاء» في الاستعانة بمتخصصين في التسويق لتتفرغ لتطوير المنتج، لكنها تنتظر أن تجد الوقت والإمكانية لصنع كميات كبيرة تناسب عددا كبيرا من العملاء.
اقرأ أيضا⇐«عايز تبدأ مشروع؟ اعرف إزاي الميزانية متخرمش»
هل الأمر يستحق؟
رغم أن المشروع لا يزال في بدايته، إلا أنه أثبت نفسه منذ اليوم الأول. فالمبدأ الذي اتبعته «آلاء» وأختها هو البدء بأقل الإمكانيات المتاحة. في البداية اعتمدت الأختان على منتج واحد وهو مزيل العرق، وكانت تشتري منتجات مستوردة ولكن من السوق المصري، قبل أن تقرر الاستيراد بنفسها.
لم تحتاج «آلاء» لرأس مال كبير، بدأت بالإمكانيات المتاحة وبمنتج واحد فقط. وكان العائد المالي جيدا منذ البداية. وبهذا العائد عملت «آلاء» على تطوير منتجاتها والتوسع فيها. ورغم أن ربح المشروع يفي بتكاليفه، ولم تضطر للإنفاق عليه من جيبها الخاص، إلا أن العائد يكفي فقط لتطوير المنتج وصنع كمية أخرى لتلبية احتياج الزبائن.
تحلم «آلاء» أن تجد معملا لتصنيع منتجاتها على نحو أوسع، وفريق عمل يساعدها في توسيع المشروع. أما حاليا ووسط الإمكانيات المحدودة، فتفكر في استغلال مهارهتها في صنع ماكينة تسهل عليها تعبئة عبوات الكريم.
وأخيرا تقدم «آلاء» مجموعة من المؤسسات الداعمة للمشروعات الصغيرة، منها ما يدعم الشباب بالخبرة أو المال، وهي: «اعمل بيزنس» و«GERS» و«ذو مال» و«ArabNet Conference» و«الصندوق الاجتماعي للتنمية».
