رئيس التحرير أحمد متولي
 أبو لهب مكنش قلبه حجر.. أخطاء تاريخية في السينما

أبو لهب مكنش قلبه حجر.. أخطاء تاريخية في السينما

التاريخ مادة دائمة للأدباء والكتابة الإبداعية، وبالتالي ظهرت أفلام سينمائية كثيرة تناولت أحداث وفترات وشخصيات تاريخية، إلا أن تلك الأفلام حملت بداخلها أخطاء ومغالطات.

تعتبر الأفلام وسيلة مبسطة لمعرفة التاريخ وأحداثه، وتترسخ بداخلنا التفاصيل التي تُجسد في الأفلام رغم عدم صحتها تاريخيا، لذلك نُصاب بصدمة حين نكتشف الحقيقة.

الناصر صلاح الدين

فيلم الناصر صلاح الدين، الذي أخرجه يوسف شاهين، وشارك في تمثيله مجموعة ضخمة من أفضل ممثلي ونجوم ذلك الوقت، ويعتبره البعض تأريخًا لذلك البطل المسلم الذي حرر القدس، في الحقيقة به عدة أخطاء تاريخية.

الخطأ الأول تمثّل في شخصية «عيسى العوام» والتي جسدها صلاح ذو الفقار، ظهرت في الفيلم كشخصية مسيحية، يقع في حب فتاة مسيحية أخرى كانت تُمرّضه حين اعتل جسده جراء مهمته البحرية، في الحقيقة العوام لم يكن مسيحيا أبدًا.

في كتاب «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية» أسرد مؤلفه القاضي بهاء الدين بن شداد حكاية عيسى العوام، قائلًا: «ومن نوادر هذه الوقعة ومحاسنها أن عواما مسلما كان يقال له عيسى. وكان يدخل إلى البلد – يعني عكا أثناء حصار الفرنج لها – بالكتب والنفقات على وسطه ليلا على غرة من العدو. وكان يعوم ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو».

العوام

ويُكمل «كان ذات ليلة شدّ على وسطه ثلاثة أكياس، فيها ألف دينار وكتب للعسكر، وعام في البحر فجرى عليه من أهلكه، وأبطأ خبره عنا. وكانت عادته أنه إذا دخل البلد طار طير عرّفنا بوصوله، فأبطأ الطير، فاستشعر الناس هلاكه. ولما كان بعد أيام بينما الناس على طرف البحر في البلد، وإذا البحر قد قذف إليهم ميتا غريقا، فافتقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجدوا على وسطه الذهب وشمع الكتب. وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رُئي من أدّى الأمانة في حال حياته وقد أدّاها بعد وفاته، إلا هذا الرجل».

الخطأ الثاني تمثّل في تسمية القدس طوال الفيلم بـ«أورشاليم»، وهو مصطلح مُعرّب من اللغة العبرية اليهودية. الحقيقة أن القدس في اللغة العربية تُسمى «بيت المقدس، القدس الشريف، أولى القبلتين»، أما أورشاليم فلم ترد على لسان العرب قط.

الخطأ الثالث كان بإظهار والي عكا بهاء الدين قراقوش كخائن باع دينه وأرضه. جميع الشواهد التاريخية تؤكد أن قراقوش كان أحد أكثر الولاة قوة وولاءً، حتى أنه تمسك بالدفاع عن عكا تحت الحصار لشهور طويلة.

الخطأ الرابع، أن صلاح الدين قد بارز الأمير الصليبي أرناط، في الحقيقة بعد انتصار المسلمين في معركة حطين أُسِر أرناط مع الملك جي دي لوزينيان، وحين أتوا بهم إلى خيمة الأيوبي، قدّم شرابا للملك، ودعا أرناط للإسلام، وحين أبى الأخير وقال كلاما به استخفاف بالرسول صلى الله عليه وسلم، فقام الأيوبي بقطع رقبته.

هجرة الرسول

كفار قريش

في فيلم هجرة الرسول، الذي يُفترض به أن يروي كيف عاش المسلمون الأوائل، صوّر كفار قريش باعتبارهم أناس ضخام الجسد، قبيحو الخلقة، أشداء وقُساة، وخاصة «أبو لهب».

الحقيقة أن كفار قريش كانوا من عليّة القوم نظرًا لتجارتهم، وكانوا شديدي الاعتناء بمظهرهم الخارجي، حتى أن أبا لهب، واسمه الحقيقي عبد العزي بن عبد المطلب، ولُقِب بأبي لهب لوسامته وشدة بياض وجهه، وكان حين يغضب يحمّر وجهه فيُصبح كاللهب.

حين وُلد الرسول صلى الله عليه وسلم، انطلقت جارية أبي لهب «ثويبة» إلى سيدها تبشره بمولد ابن أخيه، ولكثرة سعادة العم بميلاد ابن اخيه المتوفي ليكون عوضا لبني هاشم، قام أبو لهب بعتق «ثويبة» مكافأة لها على تلك البشرى السعيدة، أي أنهم لم يكونوا متحجري القلوب مثلما تُظهرهم الأفلام.

رابعة العدوية

في أحد مشاهد فيلم الشموع السوداء، يقول بطل الفيلم صالح سليم أن جميع النساء في نظره ما هم إلا الجزء الأول من حياة رابعة العدوية. بعدها بسنوات تقوم نادية عبيد بتجسيد شخصية رابعة العدوية في فيلم بنفس الاسم، وتظهر في بدايته كغارقة في اللهو والخمر، ثم تتوب.

رابعة العدوية

هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة في بداية حياتها، فقد نشأت في بيئة إسلامية وحفظت القرآن وقرأت الحديث وحافظت على الصلاة منذ طفولتها، وفضلت ألا تتزوج طوال حياتها برغم تقدم أفضل الرجال لخطبتها؛ لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبُّد، حتى أصبحت مثلا في التصوف.

الأسلحة الفاسدة

أول فيلم سينمائي تناول حركة الضباط الأحرار، قام ببطولته عماد حمدي، وجسّد شخصية ضابط يذهب للمشاركة في حرب فلسطين بعد أن يودع خطيبته ابنة عمه التاجر الثري، ويُصاب ويبتر ذراعه نتيجة لاستخدام الجيش لأسلحة فاسدة، في الحقيقة.. لم يُحارب الجيش المصري بأسلحة فاسدة في حرب فلسطين.

أشيع مع قيام ثورة يوليو 1952 أنها قامت لفساد الملك فاروق، خاصة في استيراد أسلحة فاسدة للجيش المصري أثناء حربه في فلسطين عام 1948، إلا أن الوقت أثبت خطأ ذلك تماما.

الأسلحة التي حارب بها الجيش المصري لم تكن فاسدة، بل كانت بقايا الحرب العالمية الثانية، واستعان بها الجيش بعد رفض الغرب تصدير الأسلحة للدول التي تحارب إسرائيل. حتى الأسلحة التي تم استيرادها، لم تستخدم في ميدان القتال على الإطلاق، الحقيقة أن الأمر برمته كان خوض حرب دون الاستعداد لها بشكل كاف.

المراجعة كيف-تتخلص-من-عادات

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة