انقلاب الست ساعات في تركيا.. هكذا بدأ وانتهى فجأة
قبل منتصف ليل الجمعة الموافق 15 يوليو اهتز العالم كله، وتحولت منصات التواصل الاجتماعي، تجاه تركيا، بعد توراد أنباء عن انقلاب الجيش التركي على حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.
لكن وبعد ساعات قليلة ظهر أردوغان عبر وسائل الإعلام يدعو الشعب للاحتشاد مساندة لشرعيته، وانتهى الأمر بسرعة شديدة عندما أعلنت الحكومة التركية استعادة سيطرتها على البلاد، مع توعد بتطهير الجيش من الانقلابيين.
كل هذه الأحداث المتسارعة.. جعلت القارئ في حيرة شديدة.. ماذا حدث؟ ومن نفذ هذا الانقلاب؟ وكيف استطاع أردوغان السيطرة على الأمر بهذه السرعة في وقت قياسي. في هذا التقرير سيجيبك «شبابيك» عن كل هذه الأسئلة وحكاية انقلاب بدأ وسقط في ذات الليلة.
كيف كانت البداية؟
الجيش التركي يسيطر على جسر البسفور
كانت الأنباء حول حدوث انقلاب عسكري في تركيا سريعة ومتوالية بشكل يوحي بأن انقلابًا كبيرًا ومدبرًا يحدث ضد حكومة أردوغان. فقد نفذ الجيش عدة تحركات لإثبات سيطرته على البلاد، وهي:
- انتشار قوات الجيش في شوارع العاصمة التركية أنقرة، وكذلك اسطنبول أكبر المدن التركية، وإغلاق جسري البسفور والسلطان محمد الفاتح.
- تحليق الطائرات على ارتفاع منخفض في سماء أنقرة واسطنبول.
- السيطرة على القناة التليفزيونية الرسمية «تي آر تي».
- إطلاق بيان منسوب للجيش أعلن فيه الاستيلاء على السلطة من أجل «حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، ضد نظام أردوغان الذي يعطل النظام العلماني للبلاد ». كما أعلن تعليق العمل بالدستور وفرض الأحكام العرفية.
- إرسال بيان للجيش بالبريد الإلكتروني لعدد من القنوات التليفزيونية، يؤكد فيه على استمرار العلاقات الخارجية والدولية لتركيا.
- إعلان حظر التجوال وإغلاق المطارات التي سيطرت عليها القوات.
- احتجاز رئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أقار، من جانب القوات التي قادت الانقلاب.
- السيطرة على مقر حزب «العدالة والتنمية» باسطنبول.
- إلقاء قنابل على مقر البرلمان التركي
- إلغاء جميع الرحلات من وإلى تركيا.
الجيش التركي بعد سيطرته على قناة «تي آر تي»
مذيعة تعتذر عن بيان الانقلابالمذيعة التركية أثناء إعلانها سيطرة الجيش على البلاد كانت المذيعة التركية، تيجان كراش، شاهدًا مهمًا على تحركات قوات الانقلاب، فوفقًا لما روته فقد اقتحم أفراد من الجيش قناة «تي آر تي» وقالوا أنهم ممثلين عن الجيش التركي وأجبروها على إذاعة بيان يعلن فيه استيلائهم على السلطة. ظهرت هذه المذيعة مرة أخرى عقب سيطرة حكومة أردوغان، وعبرت عن أشكرها للمواطنين الأتراك الذين نزلوا في الشوارع لاسترداد الشرعية، وأعلنت عن أسفها لتلاوة بيان الانقلاب، بعد أن احتجزتها القوات نصف ساعة وأجبروها على إلقاءه تحت تهديد السلاح.
ما رد فعل الحكومة على محاولة الانقلاب؟
المعارض التركي والداعية الصوفي فتح الله غولن
اتهمت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جماعة فتح الله كولن بمحاولة الانقلاب على السلطة. كولن هو زعيم تركي معارض مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، نُسبت له تصريحات بنيته الاطاحة بالنظام التركي الحالي. وتصف الحكومة التركية أتباع كولن بجماعة «الكيان الموازي».
تأسست جماعة فتح الله كولن عام 1970 وتصف نفسها بأنها ذات نشاط اجتماعي وتربوي، بالإضافة لمرجعيتها الدينية التي تصفها بأنها أكثر انفتاحًا مع الغرب.
كما أعلنت شبكة «سي إن إن تُرك» أن الرئيس أردوغان آمن. وتوعد أردوغان منفذي الانقلاب، مؤكدًا أنه لن ينجح ولن تسمح به الحكومة التركية.
تركيا.. نصف قرن من الانقلابات
أردوغان يخاطب الشعب
الوسيلة الأكثر فاعلية أمام أردوغان لاستعادة السيطرة على البلاد، هي مخاطبة الشعب من خلال مكالمة عبر برنامج «فيس تايم» مع شبكة «سي إن إن»، دعا الشعب للنزول في الميادين وتحدي حظر التجوال للدفاع عن الشرعية. ووصف ما يحدث بأنه صورة دموية، وخرقًا لقواعد الجيش، ويجب محاسبة كل المتورطين.
وأكد أردوغان أنه هو القائد الأعلى للجيش، وأن هذه المحاولة ستفشل، ويجب أن تلقى ردًا من المواطنين في جميع الميادين. وأعلن أردوغان أنه ذاهب من أنقرة إلى اسطنبول لمتابعة الأمر بنفسه.
الشعب يستجيب لأردوغان
بعد خطاب أردوغان نزل المواطنون إلى الشارع في تحد واضح لحظر التجوال الذي فرضه الجيش. كما خاطبت المساجد المواطنين بالنزول للشارع لاستعادة الشرعية، وحماية الديمقراطية. وتوجه المواطنون لمطار اسطنبول لتحريره من قوات الجيش واستقبال أردوغان.
وفي مواجهات بين المواطنين والقوات التي قادت الانقلاب، قُتل 161 تركيا وأصيب 1440 آخرين، معظمهم من المدنيين، في كل من اسطنبول وأنقرة، وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم.
أردوغان يستعيد السيطرة على الأوضاع
تزامن ذلك مع تحرك السلطات التركية لفرض السيطرة على الشارع، وإلقاء القبض على قوات الانقلاب، وقد أسفرت هذه التحركات عن ضبط 2839 جندي، وفقًا لرئيس الوزراء التركي. كما انسحبت قوات الجيش من مطار اسطنبول وفقًا لشبكة «سي إن إن تورك». واستسلم حوالي 200 جنديًا ممن شاركوا في الانقلاب، لقوات الشرطة في أنقرة. كما استسلمت وحدة تضم 60 جنديًا كانت قد فرضت سيطرتها على جسر البسفور.
وأعلن أردوغان أن الانقلاب قد انتهي، بعد إلقاء القبض على قادة الانقلاب ومن بينهم خمسة من جنرالات الجيش و29 عقيدًا. وفقًا لـ«سي إن إن» العربية. منهم قائد لواء المشاة البحرية البرمائية، وقائد لواء الكوماندوز الثاني.
تركيا.. المرأة التي أعلنت نجاح الانقلاب وفشله
ماذا بعد فشل الانقلاب؟
أردوغان محاطًا بأنصارة بعد فشل الانقلاب
بعد ظهوره بمطار اسطنبول وصف الرئيس التركي التحرك العسكري بالخيانة. وتوعد بتطهير الجيش من الانقلابيين. وبعد سيطرة الحكومة التركية على محاولة الانقلاب، توعد «يلدريم» بمطاردة جماعة عبد الله كولن، مطالبًا الولايات المتحدة بتسليمه. ووصف أردوغان أي دولة تدعم هذه الجماعة بأنها ستكون في حرب مع تركيا. في الوقت الذي أدانت فيه جماعة كولن محاولة الانقلاب.
وأغلقت تركيا قاعدة إنجرليك الجوية التي تستخدمها الولايات المتحدة في حملاتها ضد «داعش». فيما وصفت بي بي سي التصريح بأنه قد يثير شكوك حول علاقة تركيا بالولايات المتحدة التي يقيم فيها فتح الله كولن. لكن بي بي سي عادت وقالت إن الأمر مجرد محاولة من تركيا لتأمين حدودها الجوية بعد الانقلاب.
مواطن تركي في مواجهة قوات الانقلاب
وألقت السلطات التركية القبض على 754 عناصرا يعتقد انتسابهم لجماعة كوان من الذين تغلغلوا داخل صفوف الجيش التركي. ووصفت وكالة الأناضول التركية محاولة الانقلاب بأنها تمت من خلال «مجموعة محدودة في الجيش».
وفي تصريحات لرئيس الوزراء التركي، علي بن يلدريم، قال إن البرلمان سيدرس في جلسته الاستثنائية القادمة، الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها في حالة ما وصفه «بالتصرفات الجنونية» في إشارة منه لمحاولة الانقلاب؛ خاصة أن عقوبة الإعدام كانت قد أُلغيت من الدستور التركي.