رئيس التحرير أحمد متولي
 أطفال الكهف في مواجهة الموت.. قصة ترويها الطبيعة ويتابعها العالم

أطفال الكهف في مواجهة الموت.. قصة ترويها الطبيعة ويتابعها العالم

قصة جديدة بفعل الطبيعة التي تحمل في طياتها الكثير من المفاجأت بعنوان «أطفال الكهف»، ليست عمل روائي أو فيلم يعرض في السينما، بل واقع يتابعه العالم أجمع، آملين أن يسدل الستار على نهاية سعيدة ونجاة فريق الكرة المكون من 12 طفلا ومدربهم الذين حاصرتهم مياه الأمطار وقيدتهم داخل أحد الكهوف في شمال تايلاند منذ 23 يونيو الماضي وحتى الآن لازالت المحاولات لإنقاذهم قائمة.

يوم تدريبي في البراري انتهى بجولة استكشافية لأحد الكهوف، أدى إلى بقاء الفريق تحت الأرض بعد أن حوصروا بمياه الأمطار الغزيرة دون أن يعرف مكانهم أحد لمدة عشرة أيام، حتى استطاع فريق الإنقاذ تحديد موقعهم عن طريق حذاء لأحد الصبية حمله تيار الماء ليفصح عن مكانهم، ومنذ تلك اللحظة محاولات خروجهم سالمين هو الشغل الشاغل لفرق الإنقاذ التي وصلت من مختلف دول العالم للمشاركة في تحريرهم.

تمكنت فرق الإنقاذ من الوصول إلى مكان الصبية الماكثين فوق أحد التلال بداخل الكهف وتوصيل بعض الحبوب المقوية التي تساعدهم على البقاء، والاطمئنان على صحتهم، وبثت قناة العربية فيديو من داخل الكهف، ظهر فيه الصبية بزيهم الرياضي يفترشون الأرض بعيدًا عن المياه، وأشارت التقارير أن عملية خروج الصبية من داخل الكهف قد تستغرق 11 ساعة، ست ساعات للدخول، وخمس للخروج، مما جعل فرق الإنقاذ توضع خطط للخروج الآمن.

طرق الإنقاذ

المخاطرة مستبعدة للحفاظ على حياة الصبية، كان ذلك رأي المختصين الذين وجدوا أن الحل في الأنتظار حتى تنحسر المياه، مع متابعتهم وتوصيل المؤن العذائية اللازمة لهم، وتم وضع الحصى عند مدخل الكهف حتى لا يتحول إلى طمي بعد توقف الأمطار، لكن قد تستغرق تلك الخطة أشهر، ومع انخفاض الأكسجين بداخل الكهف بدت تلك الخطة غير ملائمة، وأصبح البحث عن بديل أمر ضروري.

لجأت قوات الإنقاذ إلى وسيلة أخرى وهي الثقوب لمحاولة إنقاذ الصبية، تمثلت في إحداث ثقوب في جدار الكهف بهدف صرف المياه المرتفعة داخل الكهف، ولكن الحجارة الصلبة أعاقت محاولة شق طرق تسمح بتوصيل معدات الثقب إلى الكهف، وتبدو تلك الخطة مناسبة ولكن على أرض الواقع باءت المحاولات بالفشل.

جاء بديل آخر في خروجهم عن طرق الغوص، ولكن عدم معرفة الصبية بقواعد الغوص والسباحة قد يعرضهم للمخاطر، وتعتبر تلك الطريقة هي الأسرع ولكنها الأخطر، لذا يستوجب تعليمهم المهارات الأساسية، وقال نارونغاسك أوسوتانكورن حاكم منطقة تشيانغ راي، في مؤتمر صحفي: «كنا نسابق الزمن قبل أن نجدهم.. والآن نسابق المياه».

 وأضاف أن البحرية التايلاندية تدرس إمكانية طفو الأطفال على سطح المياه بعد ارتداء سترات نجاة.

وجاء في ذلك المؤتمر الذي دشن لشرح الوضع لأهالي الصبية المجتمعين أمام الكهف، ولطمأنة الرأي العام بث الفيديو الذي تم تصويره والذي يوضح حال الصبية، وعرض أفكار الإنقاذ وما تم الإعداد له حتى اللحظة من محاولة توصيل الهواتف للأطفال وتلقينهم بعض التعليمات التي تساعدهم في البقاء.

فيما يتم الإعداد لبناء بنية تحتية في الكهف لتدعيمه وتوصيل هواتف وكشافات للضوء، ومحاولة لتوصيل أقنعة غطس مناسبة لأوجه الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عامًا؛ لاستخدامها في حال الاستقرار على الغوص لحل تلك الأزمة.

أكثر من 100 شخص من مختلف دول العالم يحاولون إخراج الصبية من الكهف بسلام، ولكن هؤلاء الغواصين المحترفين والفرق المختصة وصلوا للكهف بعد عدد طويل من الساعات، فكيف سيكون حال الصبية إذا تم الاستقرار على طريقة الغوص؟.. سؤال ينتظر العالم إجابته.

في مواجهة الظلام

مواجهة الظلام خطورة تحدث عنها الأطباء والمختصين الذين وجدوا من تلك المشكلة عائق جديد يواجه فريق كرة القدم الذي لازال مصيره غير معلوم، فالحرمان من ضوء النهار تأثيرات غير معتادة على إحساسهم الداخلي بالزمن وإدراكهم له، ومن تلك التغيرات تعريض الصبية لخطر الإصابة بالاكتئاب والأرق، ويمكن أن يتطور الأمر إلى حدوث شقاق بينهم فتفاعل أجسادهم وأذهانهم مع الظلام يؤثر بشكل كبير عليهم، سواء على المستوى القريب وفي الوقت الحالي وحتى بعد خروجهم من الكهف.

اضطراب الاستيقاظ والنوم غير المرتبط بالدورة المؤلفة من 24 ساعة، تلك هي الحالة التي يتعرض لها الصبية وتؤثر بشكل كبير على الساعة البيلوجية، ويكمن ذلك الاضطراب أحد المشاكل التي يسببها المكوث في الظلام لفترة طويلة والذي له تأثير كبير على العين والرؤية، فالمخ لن يعد قادرًا على الاحساس بالضوء أو تسجيل مؤشراته.

وفي تجربة مماثلة وقعت في 2010 وحوصر خلالها 33 من عمال المناجم في منجم للنحاس لمدة 69 يومًا، تم التعامل مع الموقف بضخ مصادر إضاءة خاصة تتوافق عمليات إنارتها مع دورة الليل والنهار التي تستمر 24 ساعة في محاولة لمحاكاة تلك الدورة الطبيعية التي يشهدها العالم الخارجي.

دعوة لحضور نهائي كأس العالم

بالرغم من أن مصير الأطفال لم يحدد بعد، إلا أن وجه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، دعوة للأطفال العالقين في الكهف بحضور نهائي كأس العالم في روسيا 15 يوليو الحالي، مبادرة منه للتضامن ودعم فريق الكره الذي يواجه الموت.

ونشرت «البي بي سي» نص رسالة «إنفانتينيو» لرئيس اتحاد ت تايلند لكرة القدم والذي جاء بها: إذا عاد الأطفال لعائلاتهم في الأيام القادمة وهو ما أتمناه وكانوا في صحة جيدة تسمح لهم بالسفر، فإن الفيفا يسعد بدعوتهم لحضور نهائي المونديال، وأتمني أن يقدروا على الالتحاق بنا في النهائي الذي سيكون فرصة كبيرة للاحتفال.

لازالت الطبيعة قادرة على خلق الإثارة بقصص واقعية قد تحكي عنها الدراما يومًا ما، إلى اللحظة عمليات الإنقاذ تواصل جهودها، والأهالي يرددون الأدعية من أمام الكهف الذي يباعد بينهم وبين صغارهم، والعالم أجمع يتابع المشهد في إنتظار سلامة الصبية ومدربهم.

المصدر

  • BBC.DW.العربية

ندى سامي

ندى سامي

صحفية مهتمة بشؤون المرأة والمجتمع