رئيس التحرير أحمد متولي
 هذا أول من نصب أصنام العرب قبل الإسلام.. تاريخ اللات والعزى

هذا أول من نصب أصنام العرب قبل الإسلام.. تاريخ اللات والعزى

قبل الإسلام عبد العرب الأصنام، وتقربوا إليها متوسلين منها جلب الخير ودفع الشر، ورغم تعددها وتواجدها في أماكن مختلفة إلا أن هناك أصناماً حازت على نوع من التعظيم في الجاهلية مقارنة بغيرها. الدكتور جواد علي ذكر تفاصيل كثيرة عن هذه الأصنام في كتاب «أبحاث في تاريخ العرب قبل الإسلام. الجزء الأول».

نسل إسماعيل

بداية تواجد الأصنام في الجزيرة العربية أرجعه أبو المنذر بن بشر الكلبي في كتابه «الأصنام» إلى أن نسل إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)، فلما تكاثروا بمكة ضاقت بهم ونشبت بينهم الحروب والعداوات، فأخرج بعضهم بعضاً، فانتشروا في البلاد التماساً للمعاش.

وكان كلما خرج من مكة أحد حمل معه حجراً من حجارة الحرم تعظيماً له وصبابة بمكة، فحيثما حلوا، وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة على إرث إبراهيم وإسماعيل.

قادهم ذلك إلى نسيان ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره، فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم. وكان أول من نصب الأوثان هو عمرو لحي بن حارثة.


اللات

من الأصنام الإناث القديمة المشهورة عند العرب. وكان صخرة مربعة بيضاء، بنت قبيلة ثقيف عليها بيتاً وصاروا يسيرون إليه، ويضاهون به الكعبة، وله حجبة وكسوة، ويحرمون واديه. وكانت سدانته (خدمه وحراسه) لآل أبي العاص بن أبي يسار بن مالك بن ثقيف، أو لبني عتاب بن مالك. ورغم ذلك كانت قريش وجميع العرب يعظمونه أيضاً، ويتقربون إليه، حتى أن ثقيفاً كانوا إذا ما قدموا من سفر، توجهوا إلى بيت اللات أولاً للتقرب إليه، وشكره على السلامة، ثم يذهبون بعد ذلك إلى بيوتهم.

وهناك روايات كثيرة عن أسباب تسمية الصنم باللات، منها أن اللات كان في الأصل رجلاً من ثقيف، فلما مات، قال لهم عمرو بن لحي: «لم يمت، ولكن دخل في الصخرة»، ثم أمر بعبادتها، وأن يبنوا بنياناً يسمى اللات.

العزى

صنم أنثى كذلك، وهي أحدث عهداً من اللات ومناة، واتخذه ظالم بن أسعد. وكانت قريش تتعبد لها، وتزورها وتهدي إليها وتتقرب إليها بالذبائح، وتطوف بالكعبة وتقول: واللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى فإنهن الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. وكانوا يقولون: هن بنات الله، وهن يشفعن إليه.

مناة

من الإناث أيضاً وكان موضعها بين مكة والمدينة. وهناك من يقول إنه كان صخرة تراق عندها الذبائح التي تقدم للآلهة، وأن الناس كانوا يفعلون ذلك عندها طلباً للمطر وتبركاً بها. ويتبين من ذلك أن هذا الموضع كان مكاناً مقدساً، وقد خُصص لإله ينشر السحب ويرسل الرياح فتأتي بالأمطار لتغيث الناس، وأن لهذا الإله صلة بالبحر وبالماء، ولذلك أقيم معبده على ساحل البحر ويقال أن عمرو بن لحي هو الذي أقامه هناك.

اللات والعزى ومناة

هُبل

كان لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها، وكان أعظمها هُبل، وكان على صورة إنسان، مكسور اليد اليمنى. أدركته قريش فجعلت له يداً من ذهب، وكانت له خزانة للقربان، وكان قربانه مائة بعير. وأول من نصبه خزيمة بن مدركه بن إلياس بن مضر، وكان يقال له هبل خزيمة.

وجا في رواية أخرى أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام، فلما قدم مآب من أرض البلقاء وجدهم يتعبدون للأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه الأصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنماً، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له هبل، وأخذه، فتقدم به إلى مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته.

ولا يوجد في كتب أهل اللغة أو الأخبار تفسيراً مقبولاً لمعنى هبل. وقد ذهب بعضهم إلى أنه من الهبلة، ومعناها القبلة، وذكر بعض آخر أنه من الهبيلي، بمعنى الراهب، وذكر أن بني هبل كانت تتعبد له، ويقال أيضاً أن هبل معناها غنم ومن هذا المعنى استمد اسمه.

وكان لقريش أصنام أخرى في جوف الكعبة وحولها، ولكن هبل كان مقدماً ومعظماً عندها على الجميع، فكانت تلوذ به وتتوسل إليه ليجلب عليها الخير والبركة وليدفع عنها الأذى والشر.

أصنام قوم نوح

زعم الكلبي أن خمسة أصنام من أصنام العرب ترجع إلى زمن نوح، وهي ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر. وقد ذُكرت في القرآن الكريم في سورة نوح.

وقال الكلبي أن الأصنام المذكورة كانت في الأصل قوماً صالحين، ماتوا في شهر وذلك أيام قاييل، فجزع عليهم بنو قاييل وذوو أقاربهم، وقام رجل من أقاربهم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فصار الناس يعظمونها ويسعون حولها، ثم جاء من بعدهم من عبدها، وعظم أمرها.

ولم يزل أمر هذه الأصنام يشتد حتى جاء نوح ودعاهم إلى الله، وإلى نبذ هذه الأصنام، فكذبوه، فكان الطوفان الذي أهبط هذه الأصنام من جبل نوذ إلى الأرض، وجعل الماء يشتد جريه من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى جدة، ثم نضب الماء وبقيت على الشط، فأتت الريح عليها حتى وارتها، وبقيت مطمورة هناك أمداً حتى أتى بها رثي بن عمرو بن لحي وكان يكنى أبا ثمامة فحملها حتى ورد تمامة، ودعا العرب إلى عبادتها فأجابه سادات القبائل ووزع تلك الأصنام عليها، وأشاعوا عبادتها بين الناس.

الكلبي أيضاً ذكر رواية أخرى تشير إلى أن هذه الأصنام نحتها الشيطان على صورة خمسة بنين من أبناء آدم، ماتوا فجزع الناس عليهم، لأنهم كانوا عباداً صالحين. فسول لهم الشيطان أن يصنع لهم تماثيل على هيآتهم وصورهم، لتذكرهم بهم فسروا برأيه، وصنعها لهم، فما لبث الناس أن عبدوها، حتى تركوا عبادة الله، وكان ود أكبرهم وأبرهم، فصار أول معبود عُبد من دون الله.

ذو الخلصة

كان صنم قبائل خثعم، وبجيلة، وباهلة، ودوس، وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هوازن، وكان يقع بتابلة بين مكة واليمن. وله بيت يحج إليه.

وفي رواية أن عمرو بن لحي نصب ذا الخلصة بأسفل مكة، فكانوا يلبسون القلائد، ويهدون إليه الشعير والحنطة، ويصبّون عليه اللبن، ويذبحون له، ويعلقون عليه بيض النعام.

المصدر

  • كتاب «أبحاث في تاريخ العرب قبل الإسلام. الجزء الأول». الدكتور جواد علي.

    كتاب «الأصنام».أبو المنذر بن بشر الكلبي.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية