رئيس التحرير أحمد متولي
 يوسف وهبي.. ابن الذوات الذي تمرد على العائلة من أجل التمثيل

يوسف وهبي.. ابن الذوات الذي تمرد على العائلة من أجل التمثيل

لا يمكن لأحد أن يتجاهل الدور الذي لعبه الفنان الراحل يوسف وهبي في حركة وتاريخ الفن المصري حتى أن كثيرين يصفونه بأنه «الفنان المؤسسة» الذي وضع مدرسة فنية صالحة لكل العصور.

ولد يوسف وهبي في 14 يونيو عام 1898 بمحافظة الفيوم لأسرة أرستقراطية ثرية، وكان الابن الأصغر حيث سبقه 5 أخوة ذكور هم «عباس»، و«عثمان»، و«محمد»، و«محمود»، و«إسماعيل»، وأخذ اسمه من ترعة شهيرة في محافظة الفيوم اسمها «بحر يوسف».

أما الأب فهو عبدالله باشا وهبي، وكان يعمل كبيراً لمهندسي الري في صعيد مصر، والأم هي شفيقة هانم فهمي ابنة على باشا فهمي.

الطرد من المنزل

ولد يوسف وهبي في 14 يونيو عام 1898 بمحافظة الفيوم لأسرة أرستقراطية ثرية، وكان الابن الأصغر حيث سبقه 5 أخوة ذكور هم «عباس»، و«عثمان»، و«محمد»، و«محمود»، و«إسماعيل»، وأخذ اسمه من ترعة شهيرة في محافظة الفيوم اسمها «بحر يوسف».

بحكم طبيعة عمل الأب انتقلت الأسرة إلى سوهاج ثم إلى القاهرة، وهناك تعرف يوسف وهبي على صديقه محمد كريم الذي كان مغرماً بالسينما ومعه عرف مشاهدة الأفلام الصامتة حينها.

كبر «يوسف» وزاد تعلقه بالفن، وأثناء مشاهدته لعروض الفرق المسرحية في شارع عماد الدين بوسط القاهرة، تعرّف على عدد من الفنانين الشباب وقتها أمثال حسن فايق، وسليمان نجيب، ومحمد توفيق، وبدأ يكتب ويلحن الاستكشات الاستعراضية التي تُقدم في بعض عروض حفلات السمر، والتحق بعدها بفرقة «أنصار التمثيل» وشارك في بعض عروضها، ثم تعرف على الممثل محمد عبدالقدوس زوج روزا اليوسف الممثلة المشهورة في ذلك الوقت بفرقة عزيز عيد، الذي ضمه إلى فرقته، وقدم معها أولى مسرحياته بشكل احترافي وهي مسرحية «جنجل وبوبو».

من هذا التاريخ بدأ «يوسف» يشق طريقه في عالم الفن والتمثيل وهو سعيد بانتمائه إلى العالم الذي يحبه، لكن السعادة لم تكتمل، فسرعان ما عرفت عائلته بما يفعله فقد كانت كل مشاركته الفنية سراً وبعيداً عن أعين الأسرة. فما كان من الأب الأرستقراطي إلا أن أرسله إلى مدرسة الزراعة (كلية الزراعة الآن) بمدينة مشتهر البعيدة عن القاهرة حتى يبعد ابنه عن الفن لأن ذلك كان بمثابة عار على الأسرة العريقة.

إلى إيطاليا

لم يتسق «يوسف» مع دراسته بعيداً عن الفن، فتركها وعاد إلى القاهرة ومارس نشاطه الفني كممثل وكاتب لمنولوجات وملحن لاستعراضات الفرق المسرحية والحفلات الغنائية، وما إن علم الأب بهذه الخطوة حتى طرده من المنزل، فعانى «يوسف» من التشرد والإفلاس المستمر، ما جعله يفكر بجدية في السفر لأوروبا لدراسة الفن بعيداً عن القاهرة التي بها كل المعاناة.

 بصعوبة بالغة دبرّ «يوسف» نفقات السفر إلى إيطاليا، وهناك في ميلانو تمكن من الالتحاق بمعهد «فيلودراماتيكا – ميلاو» الذي تخرج منه فطاحل وأساطين التمثيل في إيطاليا، وبجانب الدراسة شارك بأدوار صغيرة في بعض العروض المسرحية والأفلام السينمائية بعد أن تعلم الإيطالية، وأطلق على نفسه اسماً فنياً هو «رمسيس»، وكان اسماً جذاباً للأجانب الذين يعشقون كل ما هو فرعوني وفتح عليه هذا أبواب عديدة للمشاركة أكثر في أعمال مسرحية وسينمائية إيطالية.

فرقة رمسيس

بعد 3 سنوات عاد إلى مصر وكان والده قد توفى حزناً عليه لكنه ترك له ميراثاً كبيراً (يوازي 12 ألف جنيه ذهبي)، فقرر «يوسف» تخصيص ما ورثه لإحياء حركة مسرحية وفنية متطورة تواجه المسرح الهزلي الذي كان سائداً وقتها.

في عام 1930 أنتج يوسف وهبي فيلم «زينب» الذي يحمل رقم «9» في تاريخ السينما المصرية ورغم ذلك يعده المؤرخون البداية الحقيقية للسينما المصرية، فقد كان فيلماً مصرياً خالصاً إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً وتصويراً.

وبالفعل أنشأ فرقة «رمسيس» التي كانت في مقدمة الفرق المسرحية التي تقدم مسرحاً راقياً يعتمد على نصوص جادة وتقنيات فنية متطورة، وضم إليها نخبة من نجوم التمثيل في ذلك الوقت أمثال حسين رياض، وزينب صدقي، وروز اليوسف، وأحمد علام، وبعدهم أمينة رزق، وأسند الإدارة الفنية للمخرج عزيز عيد.

افتتحت الفرقة عروضها عام 1923 بمسرحية «المجنون» وكانت من تأليف يوسف وهبي، وإخراج عزيز عيد، وبعدها توالت مسرحيات الفرقة التي جذبت كل الراغبين في مسرح فني راق. كما توالت مسرحيات يوسف وهبي نفسه حتى بلغت 250 مسرحية طيلة مشواره الفني.

أبو السينما

في عام 1930 أنتج يوسف وهبي فيلم «زينب» الذي يحمل رقم «9» في تاريخ السينما المصرية ورغم ذلك يعده المؤرخون البداية الحقيقية للسينما المصرية، فقد كان فيلماً مصرياً خالصاً إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً وتصويراً.

لم يمر وقت طويل على عرض «زينب» الذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً حتى أقدم «يوسف» على إنتاج أول فيلم مصري ناطق هو «ابن الذوات» وكان من تأليف وإنتاج وتمثيل يوسف وهبي، وإخراج محمد كريم، وشارك في بطولته أمينة رزق، ودولت أبيض، وسراج منير، وعرض الفيلم في 14 مارس عام 1932.

بعد النجاح المدوي لـ«ابن الذوات» لم يكتف «يوسف» بالتمثيل والتأليف والإنتاج فحسب بل دخل على مجال الإخراج وكان فيلم «الدفاع» عام 1935 هو أول أفلامه كمخرج سينمائي ثم توالت أفلامه التي قدمها ممثلاً ومنتجاً ومؤلفاً ومخرجاً وتجاوزت 90 فيلماً منها «حبيب الروح»، و«سفير جهنم»، و«جوهرة»، و«ميرامار»، و«حكايتي مع الزمان»، و«الرداء الأبيض»، و«إسكندرية ليه».

زيجات ثلاث

تزوج يوسف وهبي ثلاث مرات. الأولى كانت أثناء دراسته للفن في إيطاليا وكانت من مغنية الأوبرا الأمريكية «لويز لند» زميلته في المعهد والتي أصبحت مغنية كبيرة بعد ذلك. والثانية كانت من الأرستقراطية الثرية عائشة فهمي بعد عودته من إيطاليا وبزوغ نجمه كفنان كبير. أما الثالثة فكانت من هانم منصور واستمر زواجهما 40 عاماً.

وفي 17 أكتوبر 1982 رحل عن عمر يناهز 84 عاماً وترك تراثاً وتاريخاً فنياً حافلاً لن يمحوه الزمن، وسيبقى يوسف وهبي فنان الشعب ورائداً كبيراً وأحد صُناع نهضة الفن المصري.

المصدر

  • كتاب «صنّاع السينما. نجوم الزمن الجميل». أحمد الجندي.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية