رئيس التحرير أحمد متولي
 هل ينقذ «الوقف الخيري» قطاع التعليم المتهالك في مصر؟

هل ينقذ «الوقف الخيري» قطاع التعليم المتهالك في مصر؟

أثارت تصريحات وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، جدلًا في الأوساط التعليمة، بعدما أعلن عن إطلاق «وقف للتعليم» بهدف تطوير العملية التعلمية، والمساهمة من خلال عوائده في رفع رواتب المعلمين، والإنفاق على النظام التعليمي الجديد الذي أطلقته الحكومة بداية من العام الدراسي 2018-2019.

وقال الوزير خلال تواجده بمجلس النواب إن الحكومة بدأت في إعداد صندوق لهذا الوقف سيتم إطلاقه خلال ديسمبر 2018، والإعلان عنه بالتنسيق مع وزارة التخطيط قبل نهاية الشهر.

هل ينقذ الوقف النظام الجديد؟

تأتي تصريحات الوزير عقب ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن تطوير التعليم في مصر يحتاج 220 مليار جنيه سنويا للنهوض بهذه المنظومة، فهل ينجح الوقف في توفير هذه الأموال؟، وفي الوقت ذاته تحتاج الوزارة مليارات الجنيهات لتطبيق النظام التعليمي الجديد، الذي يتطلب تسليم كل طالب جهاز تابلت، وعمل شبكة انترنت قوية في المدارس، حتى أن الوزارة أعلنت عن وصول أكثر من نصف الأجهزة المطلوبة لكن لن يتم تسليمها للطلاب حتى الانتهاء من عمل البنية التحتية المطلوبة.

فكرة وقف التعليم مطبقة في عدة دول أبرزها الإمارات العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم الوقف في أمريكا يبلغ 118.6 مليار دولار، وفي الجامعات الكندية 5 مليارات دولار، وفي جامعة «كيوتو» اليابانية وحدها 2.1 مليار دولار، وفي 10 جامعات بريطانية فقط 30 مليار دولار.

وطرحت تصريحات الوزير تساؤلات حول إمكانية نجاح فكرته في تطوير قطاع التعليم ما قبل الجامعي، وإنهاء مشاكله المتمثلة في التمويل، والعمل على تقليل الكثافة الطلابية، وزيادة رواتب المعلمين، والتحول من نظام التلقين لنظام الإبداع، وهو ما اختلف حوله عدد من المتخصصين.

البرلمانية ليلى أحمد أبو إسماعيل، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، تقول إن الفكرة جيدة جدا، وستساهم في تحقيق عوائد كثيرة للتعليم، وتقضي على جزء كبير من مشكلاته.

وتضيف لـ«شبابيك»: المجتمع المدني ورجال الأعمال يجب أن يشاركوا في عمليات التطوير من خلال مساهماتهم، وأن هناك تجارب ناجحة جدا قائمة على نفس الفكرة، كما هو الحال في مستشفيات سرطان الأطفال أو معاهد القلب المجانية.

الفكرة موجودة في دول أخرى

فكرة وقف التعليم مطبقة في عدة دول أبرزها الإمارات العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن حجم الوقف في أمريكا يبلغ 118.6 مليار دولار، وفي الجامعات الكندية 5 مليارات دولار، وفي جامعة «كيوتو» اليابانية وحدها 2.1 مليار دولار، وفي 10 جامعات بريطانية فقط 30 مليار دولار.

 ولعل جامعة هارفارد الأميركية تعطي أفضل مثال للجامعات القائمة على وقفها الذي تأسس عام 1636م، فسميت باسم «جون هارفارد» الذي أوقف كل ثروته ومكتبته للكلية التي تحولت عام 1870 إلى جامعة تعتمد على الأوقاف الخاصة، حتى وصلت هذه الأوقاف إلى 34.9 مليار دولار، مكونة من 11 ألف وقف.

ويغطي العائد من هذه الأوقاف ثلث نفقات الجامعة، أي أكثر من 1.1 مليار دولار، يتم توزيعها بين مساعدات مالية للطلاب، ورواتب أعضاء هيئة التدريس، وصيانة المرافق.

وفي هذا السياق تشير النائب ليلي أبو إسماعيل إلى أن الفكرة نفسها كانت مطبقة في مصر قبل سنوات وكان مستوى التعليم وقتها عالي جدا، فكان الأغنياء يخصصون ريع بعض أموالهم وممتلكاتهم للإنفاق على جامعة القاهرة وبعض المعاهد التعليمية بمصر.

من أين تأتي أموال الوقف؟

عقب إعلان وزير التربية والتعليم عن اتجاه الوزارة لعمل وقف للتعليم، أعلن وزير الأوقاف دعم الصندوق بمبلغ 100 مليون جنيه، بعدما قررت الحكومة إنشاءه، وهو ما يراه عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، سمير غطاس غير كافي وغير مناسب لتطوير العملية التعليمة.

ويقول غطاس لـ«شبابيك» إن الفكرة غير جيدة ولا يمكن تطوير التعليم عن طريق الاستجداء- على حد وصفه- وأن الأولى التزام الحكومة والبرلمان بما نص عليه الدستور وتخصيص 4 % من الدخل القومي للتعليم.

أموال غير مستغلة

وبخوص قضية تمويل وقف التعليم أيضا ذكرت بوابة أخبار اليوم الحكومية أن لجنة حصر أصول الوزارة غير المستغلة تعمل حاليا على حصر هذه الممتلكات، والتي تتمثل في «المجمع التعليمي بالإسماعيلية، ويبلغ مساحته 140 فدانًا وسعره السوقي حاليا أكثر من 100 مليار جنيه، ويضم عددًا من الفنادق والقاعات غير المستغلة، بالإضافة لأرض المدرسة الفرنسية بالمعادى».

وقالت مصادر للبوابة إن القرية الكونية التابعة لوزارة التربية والتعليم تأتى ضمن أصولها غير المستغلة، وهي على مساحة 190 فدانا بمدينة السادس من أكتوبر، وقيمتها السوقية حاليا تتجاوز 30 مليار جنيه، ومتوقفة عن العمل بالإضافة إلى معسكر حلوان الذي يبلغ مساحته 200 فدان، وتسيطر عليه جامعة حلوان، رغم أنه مملوك لوزارة التربية والتعليم، وأيضا يوجد 8 أفدنة تسمى أرض الرأس السوداء بالإسكندرية، مملوكة لمدرسة ليسيه الحرية التابعة للوزارة، بالإضافة إلى «نزل الطلاب» المملوك للوزارة في عدد من المحافظات، على رأسها 4 شقق بشارع إسماعيل أباظة بوسط القاهرة وهى مغلقة حاليا.

لجنة حصر أصول الوزارة غير المستغلة تعمل حاليا على حصر هذه الممتلكات، والتي تتمثل في «المجمع التعليمي بالإسماعيلية، ويبلغ مساحته 140 فدانًا وسعره السوقي حاليا أكثر من 100 مليار جنيه، ويضم عددًا من الفنادق والقاعات غير المستغلة، بالإضافة لأرض المدرسة الفرنسية بالمعادى».

وستعمل اللجنة الوزارية على استغلال كل هذه الأموال لدعم التعليم وعمل خطة للاستفادة منها بشكل أكبر.

 وبالعودة لسمير غطاس، يقول إن الحكومة لو التزمت بما خصصه الدستور للعملية التعليمية في مصر، لن نحتاج لمثل هذه الأفكار، مؤكدا أن مصر يوجد بها كثير من الأوقاف لكنها تعاني من فساد جثيم.

وقال غطاس إن الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف لا تكفي لإصلاح العملية التعليمية، لأن المفترض أن تنتفع وزارة التعليم بعوائد الوقف فقط، مؤكدا أن مصر تحتاج لأن يكون مشروعها القومي هو التعليم، وليس شيء آخر.

 وأضاف أن بناء الإنسان المصري وتطويره مقدم على بناء الحجر والمدن، كما تفعل الحكومة على حد قوله.

عبدالغني دياب

عبدالغني دياب

صحفي مصري متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية