رئيس التحرير أحمد متولي
 قبل أن تكتئب

قبل أن تكتئب

الاكتئاب.. المرض الذي أصبح منتشرًا بين الشباب انتشار مرض "البَرد" في يناير، بالطبع قليلون جدًا هم من وصلوا للمرض بالفعل، باعتباره أكثر تعقيدًا وخطورة من مجرد الكون "out of mode" الشائعة، إلّا أن عددًا كبيرًا جدًا بالفعل يشعر أنه على شفا الوقوع في اكتئاب مزمن، خاصة مع تصاعد عدد حالات الانتحار عمّا قبل.

أولًا، من حق الجميع أن يحزن، شعور انساني طبيعي وصحي يمكنك أن تشعر به إذا ما تكالبت الظروف عليك، ولكن التمادي في الحزن والانعزال هو الخارج عن المألوف، ويؤدي إلى طرق معقدة حقًا، وهو أمر شديد الخطورة.

إن شعرت أنّك مُقبل على فترة من "التقوقع"، كل ما حولك يعاندك، قدرك لا يمنحك ما تستحقه من سعادة، فلست أوّل من يمر بهذا الشعور، سبقك له الكثيرون، ومنهم من أخرج لك تجربته في صورة روايات تحمل خلاصة تجربته منذ البداية وحتى النهاية.

"دميان" لـ هرمان هسه

"لم أكن أريد إلاّ أن أعيش وفق الدّوافع الحقيقيّة الّتي تنبع من داخلي، فلِما كان الأمر بهذه الصّعوبة؟" بهذه الجملة يستهل هسه روايته "دميان" التي أثارت جدلًا واسعًا. يدخلك هسه خلال روايته "دميان" إلى أعمق أعماق أفكاره ومشاعره، بحثه عن نفسه، عن سر الوجود، عن الخلاص.

تمكن "هسه" طوال الرواية من أن يجعلك تشعر معه بالتيه الذي يعانيه، تسير معه الطريق لمنتهاه وتعود خالي الوفاض، تشعر بالسعادة لقرب البهجة ثم تصاب بالخيبة بعد أن تبتعد عنك أميالًا.

في نهاية الرواية ستشعر أن الشيء الوحيد الذي يجب أن يُخيفك بحق هو ألّا تكون متوافقًا مع نفسك بشكل كامل، أن تنعزل عن روحك هو أسوء ما قد يحدث لك، وما عدا ذلك ما هو إلّا مجرد أوهام. قد تختلف مع "هسه" بخصوص العقيدة طوال الرواية، ولكن بعيدًا عن معتقداتك، الرواية تستحق القراءة بالفعل، لتتصالح مع نفسك بكل ما فيها من عيوب.

"عقل غير هادئ" لـ كاي ردفيلد جاميسون

في هذه الرواية لصحابتها الطبيبة النفسية "كاي ردفيلد جاميسون"، التي تحكي فيها عن معاناتها بسبب مرض الاضطراب ثنائي القطب علي مدى 30 عام تقريبًا، والمراحل التي مرت بها في حياتها، عندما غاب الدعم المعنوي عنها تمامًا، وبرغم ذلك عاندت ظروفها حتى أصبحت طبيبة نفسية، وكيف كان للقراءة دورًا محوريًا في حياتها.

أثناء قرائتك للرواية ستصاب معها، لشدة وصفها للتفاصيل، بنوبات مرضها، ستبلغ معها أقصى لحظات السعادة والجنون، ثم تتبعها باكتئاب شديد قد يستمر لشهور.

برغم مرضها، وتخلّي بعض من أحبتهم عنها، إلّا أنها تسرد لك كيف رزُقت بمن أحبوها وكانوا دعمًا لها، وكيف كافحت وتغلبت على جميع ما واجهتها من صعوبات حتى أصبحت طبيبة يُشار لها بالبنان. كل ما يواجهك يمكنك أن تتغلب عليه، فقط الإرادة هي ما ينقصك، هذا ما ستتأكد منه عند إتمامك قراءة هذه الرواية.

"عار في السلالة" لـ تيتسيو مييورا

هذه الرواية قد تُعدّ أكثرهم سوداوية، فكاتبها وحده تعرّض لظروف قاسية طوال حياته، بعد أن انتحر 4 من أشقاءه، وعانت أخته من مشاكل صحيّة واجتماعيّة قاسية.

الرواية من الأدب الياباني، وحققت نجاحًا مُبهرًا عند طرحها في الأسواق باليابان من كثرة تشابه الظروف التي مرّ بها الكاتب مع الظروف التي يمر بها الشباب الياباني.

قسّم مييورا الرواية إلى 6 أجزاء يروي في كل منها فصل من حياته، وقد يعد كل فصل رواية بحد ذاته. يروي فيها مييورا اعتقاده الدائم بأن دم عائلته ملوث وملعون، خاصة بعد انتحار أغلب أفراد أسرته ومرض اخته، فيقرر الامتناع عن الإنجاب؛ كيلا يعاني فردًا جديدًا من هذا الدم اللعين.

تظلّ الأمور سوداوية إلى أن يتوفى والده وفاة طبيعية، فيقرر مييورا أن جميع مخاوفه هي محض أوهام بناها وعاش بداخلها ليقرر الزواج والإنجاب، ويبدأ في مزاولة حياته بشكل طبيعي.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة