رئيس التحرير أحمد متولي
 اليوم.. عادت الحياة للجامع الأزهر بعد غياب طويل

اليوم.. عادت الحياة للجامع الأزهر بعد غياب طويل

اقترب نهار الجمعة من الانتصاف، نودي للصلاة به ثانية لأول مرة منذ 100 عام، المُصلون يتوافدون على الجامع بكثافة، يتنافسون للحصول على مكان في الصفوف الأولى، رحاب المسجد العريق تتسع للجميع، يجلس الجميع في انتظار الإمام، ينصتون بانتباه لأول خطبة تلقى في الجامع بعد حوالي 100 عام من منع صلاة الجمعة به.

الصمت يخيم على الجميع، لا يكسر حاجزه سوى صوت الإمام وهو يلقي الخطبة، ثم تقام الصلاة، يصطف الجميع كتفًا إلى كتف، السكينة تملأ القلوب، تنتهي الصلاة وينفض الجمع، لتدب الحياة مجددًا في عهد الظاهر بيبرس، عام 1267، إلى الجامع الأقدم في مصر.. الجامع الأزهر، ويظل مقصدًا للمصلين حتى يومنا هذا.

لجامع الأزهر تاريخ، كل ركن به يحمل معالم عصر مضى، كل حجر في بنيانه كان شاهدًا على فترات ازدهار أو تعثُّر، منذ وضع أساسه الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، في 14 رمضان لعام 970 حتى اليوم.

افتتح الجامع الأزهر في رمضان 972 في عهد جوهر الصقلي حاكم مصر، واقيمت به صلاة الجمعة لأول مرة على الإطلاق في الثاني من يونيو من نفس العام، ليصبح أول جامع في القاهرة، وأقدم أثر فاطمي بها، ويُقال أنه سُمي بهذا الاسم تيمنًا بفاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم. بعد افتتاح المسجد، عُين فيه 35 عالما، لصبح ثاني أقدم جامعة في العالم بعد جامعة القيروان.

تدريجيًا، أصبح الجامع منبرًا علميًا، حتى عام 988، حين حوله الخليفة العزيز بالله "لجامعة"، تدرس فيها العلوم الإسماعيلية، إحدى فرق الشيعة وثاني أكبرها بعد الاثنى عشرية، لنشر المذهب الشيعي في مصر مجانًا.

حين بدأت الدولة الفاطمية في الانهيار، تمكن صلاح الدين الأيوبي من الإطاحة بهم، وفتح مصر عام 1171، وحولها إلى المذهب السني، ومنع الصلاة بالجامع الأزهر، للقضاء على المذهب الشيعي، واُهمل المسجد تمامًا في عهد الدولة الأيوبية، وتوقفت به الصلاة حوالي 100 عام، حتى انتصرت الدولة المملوكية، بقيادة السلطان بيبرس، عام 1266، من فتح مصر، وقرر إعادة الأزهر لمكانته السابقة، وأعيد تجهيزه وتوسعته.

بلغ الاهتمام بالأزهر ذروته في عهد المماليك، وشهد الأزهر عصرًا ذهبيًا، وأظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، يقف الجامع صامدًا أمام تغير الثقافات، يظل برحابته واتساعه، هدوءه وروحانياته، أهم المساجد بمصر، ورمز للمسلمين في كل أنحاء العالم.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة