رئيس التحرير أحمد متولي
 كيف تبيع «دور النشر» الوهم للقراء؟

كيف تبيع «دور النشر» الوهم للقراء؟

يقف حائرًا بين كم كبير من الكتب والروايات، لا يعرف أيهم يختار، لا أفضلية لأي كتاب على الآخر، يجد أحد الكتب وقد طُبع على غلافه «الطبعة الثالثة» فيقرر أن يشتريه، بالتأكيد عدد الطبعات هذا لم يأت من فراغ، وكلما زاد الرقم بجوار كلمة «الطبعة» زادت ثقته في جودة المحتوى الذي يحتويه غلاف هذا الكتاب.

خدعة عدد الطبعات

تدفع عدد الطبعات المدونة على أغلفة الكتب القراء لشراء مؤلف دون آخر، ويعطيهم انطباعًا جيدًا حول الكتاب، قبل حتى أن يتصفحوا ما بداخله أو يعرفوا محتواه. أحد المهتمين بالقراءة قال لـ«شبابيك» إن أول ما دفعه للقراءة أن لفت نظره أحد الكتب التي رآها مصادفة في أحد معارض الكتاب بجامعته، وكان الكتاب مدونًا عليه «الطبعة العاشرة»، الأمر الذي دفعه لشراء الكتاب، فقط كي يعرف ما الذي دفع الآلاف من قبله لشراء هذا الكتاب بعينه.

يبدو الأمر كدائرة مفرغة، تصدر إحدى دور النشر كتابًا مطبوعًا على غلافه «الطبعة الثالثة» حتى يسارع كثيرون لشراؤه، أملًا في مطالعة محتوى مميز، وبالتالي تبيع دار النشر جميع ما لديها من نسخ، فتصدر طبعة رابعة، وهكذا، حتى وإن لم يكن الكتاب جيدًا بما يكفي.

الناشر يقدر عدد الطبعة

يرى الأمين العام لاتحاد الناشرين المصريين السابق عاصم شلبي،أن الأمر تقديري يعود للناشر، وعدد الطبعة يمثل خصوصية اقتصادية له هو فقط، ويضف: لا يمكن إلزام دار النشر بعدد محدد لكل طبعة، فالأمر متروك لمصداقية الناشر. وأشار إلى صعوبة وضع معيار موحد للتحكم في عدد النسخ بالطبعة الواحدة من الكتاب.

«دار الشروق»، إحدى أهم وأكبر دور النشر في مصر. مدير مكتباتها مصطفى الفرماوي يصرح لـ«شبابيك» بأن كل دار نشر تُنتج ما تشاء من عدد النسخ لكل طبعة، وإنه لا يوجد قانون أو تشريع يوحد عدد النسخ للكتاب في الطبعة الواحدة، وبالتالي تجد بعض دور النشر تُخرج في الطبعة الواحدة 500 أو 1000 نسخة، وبالتالي حين تُباع هذه النسخ، تبدأ في إصدار طبعات أخرى مدونًا عليها الطبعة الثانية أو الثالثة، فيظن القراء أن آلافا من النسخ قد بيعت، في حين لم يبلغ مجمل ما بيع من الكتاب الألفي نسخة.

واعتبر «مدير الشروق» أن هذا الأمر خداعا للقارئ، وأشار إلى أن دار عرض في دولة الكويت أصدرت كتابًا دونت عليه «الطبعة 150»، الأمر الذي اعتبره غير مصدق، مؤكدًا أن انعدام المعايير يقضي على مصداقية دور النشر لدى القراء.

بينما رأى رئيس مجلس إدارة «الدار المصرية اللبنانية» محمد رشاد، أن الناشر وحده من يعرف احتياج القراء للكتاب، وبالتالي يحدد عدد طبعات الكتاب، مشيرًا أن لكل دار سياستها الخاصة.

في إحدى الندوات السابقة، التي أقيمت بالهيئة العامة للكتاب، طالب الكاتب مكاوي سعيد دار الكتب بإلزام دور النشر بتحديد عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب، وإرفاقها داخل متن الكتاب عند تقدمها للحصول على أرقام إيداع لكتبها؛ وذلك تفاديًا لظاهرة «النصب» التي يتعرض لها المؤلف والقارئ معًا، موضحًا أن بعض دور النشر تطبع 200 نسخة من الكتاب، وتقدمها على أنها الطبعة الأولى، فتنفذ سريعًا، فتشرع في إصدار طبعة ثانية، وفجأة تجد عشرات الطبعات لكتاب لم تتخط نسخه الألف نسخة.

قناعة المشتري تُبنى بالشكليات

أما البائعون، الطرف الأخير في عملية إنتاج الكتاب حتى بيعه للقراء، وأكثر فئة احتكاكا بالقراء، فقد اجمعوا أن مشتري الكتب لا يخرجوا عن فئتين، إما قراء جدد أو غير متمرسين في شراء الكتب، تبهرهم الأغلفة المميزة، وتدفعهم أرقام الطبعات على الغلاف لشراء الكتاب، حتى وإن حمل بين غلافيه «كلامًا فارغًا»، أما الفئة الأخرى فهي الأكثر قدرة على التمييز بين الكتب، يعرف كيف يختار ما سيشتري من كتب، بعد فحصها.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة