رئيس التحرير أحمد متولي
 محمد قنديل.. صوت ظُلم حيا وميتا

محمد قنديل.. صوت ظُلم حيا وميتا

المكان: حي شبرا بالقاهرة، الزمان: يوم الاثنين الحادي عشر من مارس عام 1929، بأحد المنازل المتوسطة الحال، يقطنها أحد عشاق الموسيقى وهواة العزف على العود والقانون، الأستاذ محمد حسن، وزوجته. ينتظر الاثنان حدثا استثنائيا، فموعد ولادة الزوجة قد اقترب، ويُنتظر وصول الجنين في أي لحظة.

وها قد حانت اللحظة، آلام الوضع تلاها ميلاد أحد أعذب الأصوات المصرية التي تواجدت على الساحة الفنية على الإطلاق، ربما كان حظه عثرا ولم ينل الشهرة التي كان يستحقها صوته، إلا أنه حفر اسمه في تاريخ الغناء المصري بأغنيات ما زالت تفتن قلوب المستمعين إلى اليوم.

 

في مثل هذا اليوم، قبل 87 عاما، جاء إلى الدنيا «قنديل محمد حسن»، من عُرف فنيا فيما بعد باسم محمد قنديل. كبر الطفل قليلا ليلتحق بالمدرسة، وبفعل قرابته إلى المطرب عبداللطيف عمر، يقع عليه الاختيار ضمن مجموعة أطفال؛ للغناء معها في تابلوه «قطن» في فيلم عايدة.

حين كبر الفتى أكثر، التحق بمعهد الموسيقى الشرقية، وقبل بلوغه العشرين من عمره، قدّم أولى أغنياته للإذاعة المصرية عام 1946، بعنوان «يا ميت لطافة يا تمر حنة»، واحترف الغناء كمطرب صغير بملهى ليلي بإمبابة.

 

طوال أكثر من 45 عاما، قدّم محمد قنديل للإذاعة أكثر من 800 أغنية، تنوعت بين الأغنية الشعبية والموال والدور والموشح والأغنية السينمائية والأغاني الوطنية والصور الغنائية في الإذاعتين المرئية والمسموعة.

كما شارك قنديل في عدة أفلام، بلغ عددهم 20 فيلما، أشهرهم فيلم صراع في النيل عام 1959، التي غنّى فيها أشهر أغنياته على الإطلاق «يا حلو صبّح».

 

عام 1948، التقى المطرب الصاعد محمد قنديل بالرائع كمال الطويل، وتعاونا سويًا في تقديم أغنيتيّ «يا رايحين الغورية»، و«بين شطين وميّة»، وحققا نجاحا كبيرا، وذاع صيته بعدهما، ليتبعهما بسلسلة من الأعمال الناجحة بالتعاون مع كبار الملحنين أمثال المطرب الكبير محمد فوزي، محمد الموجي، ومحمود الشريف.

أثناء مشواره الفني، تعرضت مصر إلى العديد من الأحداث التي تطلبت مساندة أبنائها، فحين قامت ثورة يوليو، غنّى أغنيتي «الراية المصرية، وع الدوار»، وحين وقع العدوان الثلاثي على مصر، غنّى «يا ويل عدو الدار»، وحين توحدت مصر وسوريا عام 1958، غنّى «وحدة ما يغلبها غلاب».

طوال فترة شبابه، لم تقتصر اهتمامات محمد قنديل على الفن، سواء غناء أو تلحين أو تمثيل فقط، بل استهوته تربية الطيور المنزلية، وعُرف عنه عشقه لتربية العصافير تحديدا. كما عَشِق قنديل - رغم رقة صوته- الرياضات العنيفة، كالمصارعة ورفع الأثقال.

 

على تعدد أغنيات محمد قنديل وتنوعها، إلا أن هذه الأغنية تحديدا أوضحت مدى دفء صوته، رقته وقوته. تقف هذه الأغنية دليلا دامغا أن هناك رجلا جاء يوما بصوت عذب دافئ، كان قادرا أن يؤدي مختلف الأشكال الطربية، ولم ينل حظه من الشهرة كما كان يستحق.

​​​​​​​

وهو في الـ67 من عمره، أصيب قنديل بجلطة في الشريان التاجي، سافر على إثرها للعلاج بالولايات المتحدة، إلا أنه بعد مرور 8 سنوات من المعاناة من المرض، خرجت الصحف المصرية، صباح يوم الخميس 10 يونيو 2004، بخبر صغير بعنوان «وفاة المطرب المصري محمد قنديل».
 
وجاء في متن الخبر أن قنديل قد توفي صباح اليوم السابق، في مستشفى الانجلو في القاهرة، حيث كان يعاني من القلب وماء في الرئة. شيّع جثمانه ودفن في مدافن أسرته بحي الإمام الشافعي.
 

​​​​​​​

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة