العلاج بالوهم.. تعرف على البلاسيبو
كان هناك مريضة تعاني من حالة مستعصية من مرض «باركنسون»، لدرجة أنها لم تكن تقوى على السير بضع خطوات، ولكن بعد شهرين قامت إحدى المحطات التليفزيونية الإخبارية بتصوير هذه السيدة المريضة وهي تسير بشكل طبيعي في غرفتها بعد إجرائها لإحدى جراحات المخ لعلاج المرض، فهل تم علاجها حقا؟
وقبل الإجابة على السؤال السابق لابد الإشارة إلى أن مرض «باركنسون» هو مرض يُصنّف كخلل ضمن مجموعة اضطرابات النظام الحركي، التي تنتج بسبب خسارة خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين.
بضعة ثقوب
المفاجأة أن الجراحة التي أجريت للمريضة كانت وهمية ونوعا من «الإيحاء»، حيث أكد لها الأطباء أنها ستخضع للعلاج في إطار دراسة على عمليات زرع الخلايا وبالفعل وضعت تحت تأثير الخدر وتم إحداث بضعة ثقوب في الجمجمة دون نقل أي خلية جديدة للمخ، وبالتالي فإن حالة التحسن التي طرأت عليها كانت نتيجة رد فعلها الإيحائي أو اثر «البلاسيبو» وأكدت الأبحاث أن المرضى الذين خضعوا لهذه الجراحات الإيحائية قد حققوا فائدة مماثلة للذين مروا بعملية زرع خلايا في المخ.
إحدى الطبيبات كانت تشرف على علاج طفلة مصابة بأنيميا منجلية حادة، وهذا المرض يسبب آلاماً لا تطاق في العظام والمفاصل، وعند اللزوم يعطى الأطفال حقنة بيثيدين (كمخدر) لتسكين الآلام. مع الأيام تعلمت الطفلة أن هذه الحقنة تجلب لها الراحة فأصبحت تطالب بها باستمرار.
ولكن خشية الإدمان أصبحت الطبيبة تعطي هذه الطفلة حقنة (ماء وملح) على أنه بيثيدين. والنتيجة كانت كما يحدث مع الحقنة الحقيقية، يخف الألم فوراً وتدخل الطفلة في نوم عميق.. غير أن إحدى الممرضات أفشت سر الحقنة الجديدة فوصل الخبر للطفلة فتلاشى مفعولها.. ليس هذا وحسب، بل أصبحت على قناعة أن حتى حقن البيثيدين مجرد خداع فلم تعد تؤثر فيها!
ماذا حدث إذا؟
ما حدث ببساطة هو قوة العقل. تلك القوة التي لم يستطع العلماء الوصول إلى حدود لها والتي قد تقوم أحيانا بشفاء الجسد من مرضه.
«البلاسيبو» أو «placebo» كلمة تعني «I shall please» أو «سأتحسن»، فهؤلاء المرضي تحسنوا نتيجة اعتقادهم أو إيمانهم بأنهم في طريقهم للتحسن وبذلك أرسل العقل إشارات إلى الجسد يجهزه للتحسن ثم يحدث أن يستجيب الجسد لتلك الاشارات وتتحفز الخلايا فيحدث تغييرا فعليا كيميائيا !
إشارات المخ
تتأثر استجابة الجسد لإشارات المخ بعدد من العوامل، منها مدى إيمان الشخص بفعالية الدواء الذي يتعاطاه وما يؤثر على اقتناعه من تجارب من حوله مع هذا الدوء، كذلك تشير الأبحاث إلى أن الاستجابة للعلاج الوهمي تختلف من مريض إلى آخر حسب نوع الجنس، فالنساء يثقن أكثر في العلاج الذي سبق وساعدهن على الشفاء أو شفي به أحد من معارفهن من قبل، أما الرجال فتزيد نسبة استجابتهم للعلاج الوهمي حينما تشرف على علاجهم طبيبات.
الاعتبارات الأخلاقية
إلا أن «البلاسيبو» له جوانب أخرى يضعها أطباء في حسبانهم، أهمها الاعتبارات الأخلاقية التي قد تمنع البعض من خداع المرضى من أجل علاجهم ، إلى جانب أن بعض الدراسات تؤكد وجود تأثيرات جانبية للحبوب الوهمية التي يتعاطها المرضي مثل القيء والغثيان وتشنجات المعدة ومشاكل الهضم .
شاهد «جو ديسبنزا» مؤلف كتاب «البلاسيبو» يتحدث عن تجربته الخاصة: