ماري عادل تكتب: سوق تعبير
(عبّر...عَبَرَ ) لاول وهلة هتلاقي الكلمتين متشابهتين تماماً، لكن لو ركزت هتلاقى إن الأولى بتشديد الباء تعنى الكلام، أو الحديث أو الافصاح عما هو في داخل النفس البشرية، والثانية معناها اجتاز، أو انتقل من ضفة لاخرى.
تأملت دقيقة فيهما بالرغم من الاختلاف في المعنى لكن لكل منهم مفترق طرق، ينتهى بنا إلى مصب واحد أخير.
الكلام والحديث عموماً بيكون وسيلة نقدر نوصل بيها للى قدمنا.. نخترق حواجز الشخصيات بيها فبنعبّر بالكلام عشان نعبر المواقف.
الفترة الأخيرة اتزحمت بالمشاكل بين الناس في العلاقات الاجتماعية ، بعد البحث والتدقق هتلاقي إن سبب كل المشاكل "في الكلام".
يا أما مش عارفين نقول اللى جوانا فبنسكت ... يا بنقول بس بيطلع كلام مش هو ويتفهم بشكل غلط ...يا نادراَ ماهنلاقي الشخص اللى قال اللى جواه بالضبط ، ووصل للطرف التانى بشكل سليم "فمر وعبر" الموقف بسلام .
كتير مننا بيخاف يعبر عن اللى جواه.. بنخاف نقول كلمات تشجيع أو كلام حلو لبعض.. بنخاف نقول للى بنحبهم إننا بنحبهم.. بنخاف نقول لأصحابنا عن مدى معزتهم عندنا وحبنا ليهم، وبنسيبهم يمشوا وساعتها مبنعرفش نرجعهم.
يمكن السوشيال ميديا خلت كل واحد فينا يعبر عن اللى جواه "بالإيموشنز" أو اللايك وده خلانا نستخبى وراهم وبقينا مبنعبرش صح، فيها أيه نرجع لأصلنا نرفع سماعه التليفون ونسمع دفا صوتنا، أو نتقابل نشوف تعبيرات وشنا وعنينا ! ده هيكون حل احسن بكتير .
زى ما السوق مهرجل كلامنا بيبقي مهرجل ومتشقلب فوق بعضه ، بدل مثلا مانقول" بحبك بوضوح وصراحه تلاقينا بنلف وندور على بعض ! كلام محتاج مننا لفك طلاسمه فالمعنى مبيوصلش، واللى قدامنا مبيفهمش بيتوه وسط العك، فبيتقفل مننا ويزهق ويسكت ويبعد ويحصل سوء التفاهم.
من كتر مابقناش نعرف نعبر عن اللى حاسينه، بقينا في سوء فهم ووعى للمعاني وسوق فيه زحمه كلام.. المهم والمتنقى منه مابيبنش وبيختفى وسط الألغاز.
لو بتحب حد قوله، لو بتعز حد فهمه ده، كل واحد فينا بيحتاج لـ"ري كونفيرم" ‘عادة تأكيد على مشاعره، واللى قدامنا محتاج إعادة تأكيد على مشاعرنا ناحيته ..
كفاية كلام على حروف افقدتنا التعبير والانفعالات ، كفاية نخبى اللى جوانا في شوية ايموشن، كفايا نكون في سوء (سوق) تعبير.