الخرزة الزرقاء.. قصة عين حورس التي لا تنام
الخرزة أو العين الزرقاء، رمز ارتبط بمعتقدات المصريين الشعبية، فهي تقي من الأمراض وتحمي من الحسد، لكن الأمر يعود لجذور تاريخية منذ عهد الفراعنة.
بدأت الأسطورة قبل سبعة آلاف سنة، عندما عبد المصريون الإله حورس، إله السماء ورمز الخير والعدل، بعد أن انتصر على إله الشر «سِت» الذي قتل والده أوزوريس. لكن ما علاقة هذه القصة بالخرزة الزرقاء التي تحمي من الحسد؟
عين حورس إله السماء
تعتبر أسطورة إيزيس وأوزوريس وحورس من أهم الاساطير التي أسست للديانة المصرية القديمة. في هذه الأسطورة «سِت» هو إله الشر، الذي غرر بأخيه أوزوريس، وقتله في حفل تتويجه على عرش مصر، ثم مزق جسده ووضع كل قطعة منه في مكان بوادي النيل، لتبدأ زوجته إيزيس في البحث عنه وجمع أشلاءه لتُعيده للحياة مرة أخرى. وبعد رحلة طويلة يُبعث أوزوريس مرة أخرى ويصبح إلهًا للبعث والحساب بعد الموت.
الخرزة الزرقاء هي العين الزرقاء التي تحمي الإنسان من الحسد والشرور العين الزرقاء
تُنجب إيزيس من أوزوريس ابنهما حورس، الذي يستكمل انتقامه من «ست». وفي حرب شرسة بين الخير والشر، يفقد حورس إحدى عينيه، لكنها تُستبدل بعين لها قوة خارقة، يستطيع بها هزيمة خصمه «سِت» واستخدامها كتعويذة سحرية لإعادة أوزوريس للحياة.
الثلاثي إيزيس وأوزوريس وابنهما حورس.. شكلوا أساس للديانة المصرية القديمة
ومن هنا أصبح حورس إله السماء والعدل والخير، وأصبحت عينه هي العين الحارسة التي تحمي الإنسان من الشرور والأمراض، واتخذها الفراعنة كتميمة تحمي عروشهم، وكرمز لاستقرار نظام الدولة.
براءة اختراع اللون الأزرق
يقول أستاذ الترميم وصيانة الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة، الدكتور أبو بكر موسى، في حديث خاص لـ«شبابيك» إن اللون الأزرق من الألوان المحيرة للمصري القديم، كان المصدر الأساسي للون الأزرق بالنسبة له هو حجر الأزورَيت.
لكن المصري القديم وجد أن اللون الأزرق متغير ولا يبقى بنفس نقاءه، فاخترع لونًا أزرق خاصًا به، وبدأ يصدره لجميع أنحاء العالم.
وفي بحث نُشِر في الولايات المتحدة الأمريكية، أثبت الدكتور أبو بكر أن اللون الأزرق بدأ تصنيعه منذ الأسرة الفرعونية الثالثة وبالأخص في عهد الملك زوسر، صاحب هرم زوسر؛ بعكس المعلومات المغلوطة والمنتشرة في جميع الأبحاث، والتي تقول إن صناعة اللون الأزرق بدأت في الأسرة الخامسة.
يُشبه أستاذ ترميم الآثار، صناعة اللون الأزرق في مصر بصناعة الحرير في الصين، فكما أن الصين هي التي ابتكرت الحرير وصدرته للعالم، كذلك فالمصري القديم ابتكر اللون الأزرق، وأنشأ له طرقًا خاصة بالتجارة، لتصديره لبلاد العالم القديم.
عين حورس بمعبد دندرة بالأقصر واللون الأزرق المقدس في الخلفية
قدس المصريون اللون الأزرق، واعتبر رمزا للملوك وللوقاية من الحسد والأرواح الشريرة، وكان اللون الأزرق الخام يوضع في المقابر ويلون سقف المقبرة باللون الأزرق، فكما يؤكد الدكتور أبوبكر ارتبط هذا اللون بكثير من الدلالات الدينية، فهو لون السماء، وكان حورس هو إله السماء، والمتوفي بعد الموت يصعد للسماء، ليلتقي بإله الموت أوزوريس الذي هو والد الإله حورس.
عين الصقر الحارسة
يقول أستاذ الترميم وصيانة الآثار إن المصري القديم اعتاد تقديس الحيوانات والطيور إما اتقاء لشرها أو لاعتبارها رمزا للقوة. وقدّس المصري القديم حيوان ابن آوى، الذي ينبش قبور الموتى، ورمز له بأنوبيس إله الموتى.
الصقر هو الرمز الوحيد الذي اتخذه حورس
ويضيف أبو بكر لـ«شبابيك» أن الإله حورس اتخذ رمز الصقر الذي يوحي بالسيطرة والقوة. والصقر أيضا عُرف بحدة النظر التي تفوق الإنسان ثلاث مرات. وهنا يعود مرة أخرى رمز العين الحارسة التي ترى كل شيء وتحمي الإنسان من الشرور.
⇓الزتونة⇓
الديانة المصرية القديمة اعتمدت بشكل كبير على الظواهر الكونية، ولأن المصري القديم آمن بفكرة انتصار الخير على الشر، فرمز لهذه القوة بالإله حورس الذي انتصر على إله الشر سِت.
ومن هنا ارتبطت بحورس كل الرموز التي تدل على السيطرة والقوة وحماية البشر، زي عين الصقر، واللون الأزرق لون السماء رمز الحياة بعد الموت.