تمثال الشيطان في مدريد بإسبانيا

تمثال الشيطان في مدريد بإسبانيا


ما اسم زوجة إبليس؟.. معلومة لا يعرفها كثيرون

يشتهر السؤال حول اسم زوجة إبليس كأحد أكثر الأسئلة إثارة للجدل في الموروث الديني والشعبي، رغم أن إجابته تتأرجح بين الروايات غير المؤكدة، والإنكار العلمي، والنقد الفكري الذي يضعه في خانة الحشو المعرفي الذي لا طائل من ورائه.

وبينما وردت إشارات لروايات ضعيفة تقترح اسما محددا، يصطدم البحث بغياب أي نص صريح في القرآن أو السنة، وبموقف العلماء قديما وحديثا الذي صرف هذا السؤال إلى دائرة ما لا ينفع علمه.

اسم زوجة إبليس بين الروايات وغياب النص

ورد في بعض الروايات أن اسم زوجة إبليس هو واضي، وأن هذا الاسم هو من أسماء الجن، لكن هذا القول يظل في إطار الروايات المرسلة التي لا سند لها من نصوص الوحي.

ويثبت القرآن الكريم، في المقابل، أن لإبليس ذرية بشكل قاطع، حيث يستشهد العلماء بقوله تعالى في سورة الكهف: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}.

ويؤكد الشيخ الأمين الشنقيطي في كتاب أضواء البيان، أن هذه الآية دليل صريح على وجود ذرية للشيطان، وأن أي ادعاء بنفي ذريته هو مناقض للقرآن وباطل بلا شك.

وتظل طريقة وجود هذا النسل موضع خلاف بين العلماء لعدم وجود نص صريح.

انقسمت الآراء حول ما إذا كانت هذه الذرية جاءت عن طريق التزاوج ووجود زوجة، أم بطرق أخرى كالبيض مثلا.

واحتج من قال إنه يبيض بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم عن السوق: «لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فيها باض الشيطان وفرخ».

وأشار علماء آخرين، ومنهم الشنقيطي، أن هذا الحديث لا يخلو من احتمال أن يكون على سبيل المثل، حيث يكثر في كلام العرب إطلاق باض وفرخ بمعنى إتمام السيطرة والإغواء، وليس بالضرورة على معناه الحرفي.

ونقلت عن السلف أقوال مختلفة في كيفية تكاثره؛ فقال مجاهد إنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات.

وقال بعض أهل العلم إن الله خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليسرى فرجا، فهو ينكح هذا بهذا.

وخلص الإمام الشنقيطي إلى أن هذه الأقوال، مثلها مثل تحديد اسم زوجة إبليس، لا معول عليها لأنها لم تستند إلى دليل من كتاب أو سنة، ومثل هذا الغيب لا يُعرف بالرأي.

​​​​​​​

اسم زوجة إبليس وفقه الأولويات

يصنف كثير من المفكرين والعلماء البحث عن اسم زوجة إبليس ضمن العلم غير النافع الذي هو من الحشو الذي لا لزوم له.

ويذكر في هذا السياق الأثر الشهير عن الإمام الشعبي، وهو من أئمة التابعين، حين سأله رجل فضولي عن اسم زوجة إبليس، فأجابه الشعبي إجابة ساخرة: «ذاك زواج ما شهدناه». يشير

هذا الجواب أن الانشغال بمثل هذه التفاصيل الغيبية هو خروج عن فقه الأولويات، وهو المصطلح الذي يعني وضع الأمور في مرتبتها الصحيحة حسب أهميتها.

ويندرج هذا النوع من الأسئلة، وفقا لوجهات نظر نقدية، ضمن جدالات عقيمة لا تسمن ولا تغني من جوع.

ويشبه ذلك الجدل الذي قد يقضيه خبراء النحو أياما في قضية جانبية، مثل تحديد جنس كلمة مستشفى وما إذا كانت مذكرا أم مؤنثا.

كما يُرب المثل بمحنة الإمام أحمد بن حنبل كنموذج لجدال عقيم في فتنة خلق القرآن، وهي قضية لا تعني عامة الناس، لكنها تحولت إلى معركة سياسية وفكرية أدت لسجن الإمام وتعذيبه سنوات.

ويرى نقاد أن وسائل الإعلام قد تساهم في تضخيم القضايا السطحية، بينما تتراجع المواضيع الجوهرية التي تهم المواطن العربي، مثل التنمية المستدامة، ومكافحة الفساد، وحقوق الإنسان، والحفاظ على الهوية.

ورغم أن اسم زوجة إبليس يبقى في علم الغيب، يثبت النص الصحيح أسماء بعض من ذريته ووظائفهم المحددة.

ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شيطانا مخصصا للتشويش في الصلاة والقراءة يُقال له خنزب، وأرشد إلى طريقة التعامل معه بالاستعاذة والتفل عن اليسار ثلاثا.

كما ثبت في الصحيح وجود شيطان اسمه داسم للتحريش بين الرجل وأهله في البيت، وزلنبور للأسواق، والأعور للزنى، ومرة للمزامير، والولهان للطهارة.

عمر مصطفى

عمر مصطفى

صحفي مصري يقيم في محافظة الجيزة ومتخصص في ملف التعليم وكتابة الأخبار العاجلة منذ عام 2011