جحيم في الهند.. سياق مفكك و«استظراف» انقذه اجتهاد أبطاله

جحيم في الهند.. سياق مفكك و«استظراف» انقذه اجتهاد أبطاله

كتبت- مي مصطفى

فور مشاهدتك لإعلان فيلم «جحيم في الهند» تجد نفسك تقارن بين «توليفته» وأخر تجارب الممثل محمد عادل إمام مع نفس المجوعة في فيلم «كابتن مصر»، لتتساءل «هل تعلّم فريق العمل من أخطاء التجربة الأولى وأضاف لمزاياها أم لا؟»

فيلم «كابتن مصر» كان يعاني من عدم منطقية فكرته، وهي أن يسمح وزير الداخلية في مصر للمساجين بتكوين فريق رياضي بعدما أحضروه للسجن عبر خدعة أرسلوها له على هاتفته المحمول.

ضعف الحضور

كان «إمام» أيضا يعاني من ضعف الحضور مقارنة ببقية أبطال «كابتن مصر»، إضافة إلى عدم تغيير موقع التصوير في نصف الفيلم تقريبا والذي كان داخل السجن، وهي جميعها عيوب تم اجتيازها في تجربة «جحيم في الهند» الذي وقع صناعه في عيوب أخرى.

مبدأيا يمكن توصيف الفيلم من عينة الأفلام الكوميدية، التي تبنى أحداثها على خطأ واحد ساذج يكون سبب في توريط كل الأشخاص ويكون لزاما عليهم الاعتماد على قدراتم المحدودة لإنقاذ أنفسهم، علما بأن رغم هزلية الكوميدية إلا أنها بعدت عن الفجاجة أو التعبيرات الخارجة التي تعتمد عليها كثير من الأفلام الكوميدية مؤخرا.

قصة الفيلم

وتدور قصة الفيلم حول تكليف وزارة الداخلية للضابط آدم صبري (محمد إمام) ليقوم بعملية سرية لإنقاذ السفير المصري الذي خطفته إحدى العصابات الخطيرة في الهند ضمن مجموعة سفراء مختلفين، ونتيجة لخطأ غير مقصود (شديد السذاجة) يتم تبديل الفرقة المعاونة للضابط من فرقة قوات خاص لفرقة عزف موسيقى عسكرية (آلات النفخ)، ولا يجد الضابط فرصة مناسبة لتعديل الخطة أو العودة لتبديل الفرقة، فيقرر الاستعانة بهم في إتمام مهمة إنقاذ السفير بأي شكل.

الإطار العام للفكرة جيد جدا ويصلح لخلق العديد من المواقف الكوميدية، ولكن صناع السيناريو لم يستغلوا هذا بالقدر الكافي، عندما قرروا أن يتشتت أعضاء الفرقة بعد سقوطهم من الطائرة، حيث أصبح كل فرد فيهم يواجه مصيرا مختلفا، ولم يتجمعوا مرة أخرى إلا في آخر نصف ساعة من الفيلم، وكان يُفضل استغلال هذا الوقت في خلق مواقف كوميدية بين الضابط وأعضاء فرقته محدودي القدرات، خاصة أن مساحة أدوارهم لم تكن متساوية، فالفرقة المكونة من 5 عازفين ظهر 2 منهم كما لو كانوا ضيوف شرف بسبب قلة مشاهدهم، بينما تابعنا مغامرات (أو توهان) 3 آخرين، بخلاف شخصية الضابط آدم صبري ومساعدته دينا (ياسمين صبري).

حسب الطلب

من المثير للدهشة أن مؤلفا الفيلم (مصطفى صقر ومحمد عز) هما مؤلفا فيلم «الحرب العالمية التالتة»، الذي وصل لدرجة شبه كاملة من الكوميديا والتصاعد الدرامي، بعكس ما رأيناه في «جحيم في الهند» الذي كان قابلا أن يتم تعديل العديد من مشاهده وأحداثه وحتى في عدد أفراد الفرقة المساعدة، لتشعر أنه كانت هناك فكرة قوية، تم تفصيل مشاهدها بحسب الطلب، فخرج ترابط المشاهد وحبكة إنقاذ السفير (المهمة الرئيسية للمجموعة) مفككا جدا، حتى أن جمل الحوار في مشاهد السفير نفسه جاءت غير منطقية لتشعر أن هذا الدور كان منسي وتقرر كتابته قبل التصوير بيوم.

وتأتي أقوى عناصر الفيلم في مجوعة الممثلين، بدءا من محمد إمام الذي تطور في أدائه الجاد أو الكوميدي عن أخر مرة بطريقة ملحوظة ويبدو أنه قد تعلم من ملاحظات الجمهور، وكذلك ياسمين صبري التي أقنعت المشاهد أنها فعلا تتمكن من ضرب وقتل أعضاء العصابات، وصولا إلى أعضاء فرقة آلات النفخ الذين لولا خفة ظلهم لكانت الكثير من المواقف «استظراف» بدلا من كوميدية، وقد كان هذا واضحا من أول مشهد في الفيلم.

وربما يتسحق الممثلون لأدوار أعضاء الفرقة أجرا مضاعفا لكل منهم نظير إنقاذ مسار الفيلم بخفة ظلهم وارتباط الجمهور بهم وأولهم محمد سلام الذي ربما مشاهده مع الغوريللا كانت ستكون هي أسوأ أجزاء الفيلم لو كان ممثل آخر مكانه.

أما أحمد فتحي فكانت أدواره السابقة في السينما أقوى من دوره في «جحيم في الهند»، بينما تعتبر بداية جديدة لحمدي الميرغني الذي قام بدور عسكي يتبقى له يومين فقط لإنهاء خدمته ليجد نفسه متورطا في تلك المهمة الكارثية.

ويبقى محمد ثروت صاحب دور الجاسوس المصري هو صاحب أقوى حضور وأطرف مواقف شهدها الفيلم، علما بأن دوره لم يبدأ إلا في الجزء الثاني من الفيلم ليكون بمثابة طوق إنقاذ لمسار الفيلم قبل أن يغرق.

أما طاهر أبو ليلة فيبدو أنه لن يكون له أي دور في أي فيلم سوى أن يقوم بالكلام بطريقته الفريدة التي لن تضحك أحدا بعد عملين آخرين بعدما تكون محفوظة، وبيومي فؤاد المتواجد كالعادة كان أداؤه لطيفا ومتزنا كالعادة، ولا يضيف شيئا لأدواره الكثيرة التي سبق وقدمها كالعادة أيضا.

رتم الأحداث

ومن حيث سقوط رتم الأحداث وعودته قرب النهاية مرة أخرى، أو حتى في سوء اختيار توزيع أدوار الفرقة المعاونة، وعدم استغلال الكادرات المبتكرة في فرصة التصوير في الهند، كانت كلها مآخذ على المخرج معتز التوني الذي سبق وقدم عددا من الأعمال الكوميدية الناجحة منها فيلم «سمير وشهير وبهير» ومسلسل «نيللي وشريهان»، ولكن تفكك المشاهد وضعف الحبكة التي اعتمد عليها في إنقاذ السفراء من منزل زعيم العصابة ظلمت الفيلم.

فعلى سبيل المثال قرر المخرج أن يقتصر مجمل دور أعضاء الفرقة على أن يعزفوا ويرقصوا فقط في عيد ميلاد زعيم العصابة الذي جاء وصفه على لسان أحد الأعضاء «بقى العبيط دة شرير الهند!»، ليتولي الضابط ومساعدته وحدهما ضرب 3 حراس فقط وبهذا يكونوا قد تمكنوا من نقل جميع السفراء بمفردهم في أوتوبيس عيد ميلاد، وحتى عندما قرر المخرج تعديل هذا الخروج الساذج بنهاية الفيلم، تم تنفيذ مشهد مطاردة السيارات بشكل غير منطقي (خاصة جزئية تهدئة الأطفال وإغرائهم بلعب الاستغماية وسط ضرب النار) وغير مشوق في نفس الوقت.

أما عن مشهد الاستعراض في الفيلم، والذي قرر المخرج إضافته بعد نهاية الأحداث وبعد أن هَم المشاهدون بالخروج من السينما، فهو مشهد – رغم جمال صورته وتنفيذه- ليس له أي مبرر أو تفسير، سوى أنه كان قد وعد أصدقائه بتصوير أغنية تضم الأحداث وقرر أن يوفي بوعده، أو ربما استخسر أن ينتهي الفيلم في ساعة ونصف فقط، فلم يجد ما يضيفه سوى أغنية هندية لم نفهم منها شيئا.

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر